إِجراء مباراة الفيصلي والوحدات مساء غد الجمعة، ضمن ربع نهائي كأس الأردن، بدون جمهور، يعني أن نعاقب جمهورنا وأنديتنا و لاعبينا على ذنْب قارفه نفرٌ من المشجعين المتعصبين نادوياً.
«بدون جمهور» هو القرار الأكثر سهولة، وهو في نفس الوقت، الأكثر ظلما و نزعا للمتعة وحرمانا من فاكهة كرة القدم المتمثلة في الجمهور.
بدون جمهور، هي مباراة «عن بعد»، افظع من أيام كورونا التي كانت تستلزم التباعد. وهي مباراة «أتاري» ومحاكاة كالطيران التشبيهي.
الجمهور هو روح الرياضة.
الجمهور الجميل جزء من المتعة، فهو الذي يملأ المدرجات حِراكا وحداء وغناء وألوانا ورسوما وأعلاما.
الجمهور الجميل هو الذي ابتكر بهجة «الأمواج المكسيكية» التي شاهدناها أول مرة في مباراة بلجيكا والمكسيك في كأس العالم في المكسيك عام 1986.
وابتكار موسيقى «فوفوزيلا» في مدرجات كأس العالم بجنوب افريقيا عام 2010، التي دخلت قاموس الرياضة العالمي بالرغم من ضجيجها.
عندما كنت وزيرا للشباب في حكومة عبد الكريم الكباريتي عام 1996، لاحظت حمِيةَ وحماسةَ وعنفوان مشجعي كرة القدم، الذين كانت حناجرهم تتفجر بالهتاف والتشجيع.
قلت لنفسي هؤلاء هم كرة القدم.
عصبت رأسي بشارة النادي الفيصلي الزرقاء، وتركت المنصة، وذهبت إلى ابنائنا المشجعين في الدرجة الثالثة، الذين كانوا يدعمون الفيصلي وهو يخوض المنافسة الضارية ممثلا للأردن في لقائه مع الفريق المغربي.
بعد ذلك دعوت قادة مشجعي كرة القدم: محمد حميدي الكباريتي أبو سلطان ومازن البني ويوسف أبو غالية وأكرم مشربش وصادق العكايلة واكتريت لهم شقة لتكون مقرا لرابطة مشجعي المنتخب الوطني لكرة القدم الذين كانوا آنذاك ضمن رابطة اللاعبين، ودعمتهم بمبلغ لتأثيث المقر، فلا يجوز أن يظلوا في الشارع والعراء.
لا توجد كرة قدم بدون ضجيج وانفعالات وتفريغ طاقات ومشاكل، هذا «وسم» عالمي.
و مِن نافلة الكتابة أنّ تغييب الجمهور عن الاستادات، يحرم الأندية من ريع المباريات التي هي في أمس الحاجة اليه.
عندنا قانون وقضاء وعقوبات لشكم المشاغبين والمحرضين على الكراهية. وفي البلاد أجهزة أمنية عملاقة كفؤة قديرة، تستطيع ضبط ايقاع المدرجات ضبطا تماماً.
أمّا العقوبات القانونية، فلتنفذ بحذافيرها ولتظل «كل شاة معلّقة بعرقوبها»، وحصراً بمن يقارفها.