يبدو أن الدبلوماسية الروسية بدأت تُدرك بأن أقرب الطُرق لإنهاء الحرب دون الإنتظار طويلاً هو اللعب على ورقة الطاقة من غاز ونفط وكهرباء.
1) ورقة الغاز ,إن ورقة الغاز تم قراءتها من بُعدين:
البُعد الأول: بعد تفجير خطي الغاز نورد ستريم1 ونورد ستريم 2 ,صرحت رئيسة الإتحاد الأوروبي بأن روسيا تزود أوروبا فقط ب7.5% من إحتياجاتها من الغاز , من أصل 40% كانت تزود بها روسيا أوروبا قبل الحرب, كان ذلك التصريح بالإجتماعات المتكررة للإتحاد الأوروبي لمناقشة تأمين كميات الغاز المطلوبة لفصل الشتاء وبأسعار مقبولة, والذي إبتدأ الحلفاء يشتكون زيادة أسعار الغاز الأمريكي الذي وصل أربعة أضعاف سعر الغاز الروسي , تحت ضغط الشعوب الأوروبية من خلال إزدياد عدد المظاهرات في المدن الأوروبية وإرجاع أسباب الإرتفاع الحاد بالطاقة وغلاء الأسعار إلى الحرب الروسية- الأوكرانية , حيث خرج الرئيس الروسي يداعب الأوروبيين حين قال: "أن خط نورد ستريم2 لا زال يعمل ويستطيع تزويدكم بالغاز المطلوب وبالسعر المُعتاد" لفتح شهية بعض القادة الأوروبيين للإنقسام والضغط بإتجاه المصلحة الأوروبية لإنهاء الحرب.
الُبعد الثاني: التلويح بتزويد أوروبا مستقبلاً عن طريق تركيا من خلال خط TurkStream بدلاً من خطي نورد ستريم1 ونورد ستريم 2 لتصبح مركزاً لتزويد الغاز الروسي لأوروبا, كان ذلك حين إلتقى الرئيس بوتين بالرئيس التركي أردوغان بمؤتمر في كازاخستان, حيث تعلم أوروبا أن سيطرة تركيا على هذا الخط ستضغط مستقبلاً على الدول الأوروبية لتلبية طلباتها المتعددة وأهمها الإنضمام للإتحاد الأوروبي ومشاكلها مع اليونان ومشكلة اللاجئين وغيرها.
إن البُعدين السابقين يسرعان من جلوس الأوروبيين على طاولة المفاوضات مع روسيا دون الدخول في تعقيدات الحلول هذه.
2) ورقة النفط,إن ورقة النفط تم قراءتها من خلال إجتماع أوبيك بلس الأخير والتخفيض المفاجىء على الإنتاج بمليوني برميل في اليوم بالإتفاق بين روسيا والسعودية وبقية الأعضاء وذلك للحفاظ على سعره عالمياً ومن المرجع أن يرتفع سعر النفط بعد هذا الإجراء , مما يزيد الضغط على الديمقراطيين في الولايات المتحدة لا سيما أن الشهر القادم سيكون إنتخابات مجلس الشيوخ وسيسبب الإرتفاع بالفاتورة النفطية في الولايات المتحدة حالة من عدم الرضى داخل الولايات المتحدة وسيكون سببها الحرب الروسية- الأوكرانية التي تدعمها الولايات المتحدة مما سيؤدي إلى خسارة الديمقراطيين مقاعدهم في مجلس الشيوخ , لأن خسارة الديمقراطيين تعني تخلي الولايات المتحدة عن دعم أوكرانيا, وبالتالي فإن هذا البُعد أيضاً سيُسرع من الجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب.
3) ورقة الكهرباء, من خلال الضربات الصاروخية الروسية الأخيرة وعددها 83 صاروخاً على عشر مُدن أوكرانية ومن ضمنها العاصمة كييف , حيث أنه من الأهداف التي تم إستهدافها محطات الكهرباء ومحطات تسخين الماء لعمل مزيداً من الضغط على الشعب الأوكراني قبل بدء فصل الشتاء للجلوس على طاولة المفاوضات مع روسيا.
هكذا قرأت المشهد من ناحية إستخدام روسيا لسلاح الطاقة للضغط على الأوروبيين والولايات المتحدة والأوكرانيين لإنهاء الحرب حيث أن أي طرف من الأطراف الثلاث سيكون كافياً للدفع للجلوس على طاولة المفاوضات ,على أمل تجنيب العالم من حرب عالمية ثالثة.
الخبير والمحلل الإستراتيجي والإقتصادي والسياسي.
م. مهند عباس حدادين
mhaddadin@jobkins.com