في مقال سابق أشرت أن دورة حياة الاقتصاد الأردني تمتد إلى 3 سنوات يشهد الاقتصاد وفعالياته المختلفة تغيرات في النمط العام فيتحول من الكساد إلى التسحن أو من الركود إلى الانتعاش . المرحلة الأخيرة تمثل قمة دورة الحياة الاقتصادية ونحن لم نشهدها منذ عام 2004 بالمعنى الدقيق للكلمة .
منذ بداية العام الحالي والفعاليات الاقتصادية متأثرة كثيراً بنتائج الثورات العربية وما آلت إليه أوضاع المالية العامة في الأردن بعدما وصل العجز في الموازنة العامة إلى مستويات غير مسبوقة ، ووصلت بموبجها المديوينة هي الأخرى إلى معدلات مرتفعة . رغم أن هذه العوامل لم تأتي بمحض الصدفة فهي مشاكل متآصلة في الاقتصاد الأردني ويجب التعامل معها كمسلمات وعلى اعتبار أنها عوامل ثابتة وأساسية من ضمن الهيكل الاقتصادي العام للدولة شأنها في ذلك شأن البطالة .
المشكلة هي في النسب المقبولة لهذه العوامل فقانون الدين العام يرى أن لا تتجاوز المديونية 60% من GDP ، وهي الآن بحدود 58% ، والسؤال لماذا لم تكن هذه النسبة 40% ولماذا لم تكن 70% ، فأي نسبة تقل عن 60% تعتبر آمنة وأي نسبة تزيد عنها تعتبر خطراً اقتصادياً . وهنا نشير إلى أن البنوك التجارية تستطيع إقراض ما نبسته 75% من رأس المال المتوفر لديها .
حصلت الحكومة على مليار دينار نقدي من السعودية كجزء من جدول المساعدات والباقي المتوقع وصوله أكثر بكثير حتى نهاية العام ، مضافاً إليه المساعدات العينية النفطية والسلعية وهو ما لم نلمس له أية آثار على المؤشرات الاقتصادية المحلية ، ولا على الوضع الاقتصادي العام .
انخفضت أسعار النفط عالمياً وهو ما حقق وفر مالي على الخزينة على اعتبار أنها لاعب أساسي في معادلة دعم الغاز والبنزين 90 وبعض المواد الغذائية الآخرى .
في فصل الشتاء تأتي كميات كبيرة من الأمطار والثلوج لدرجة أن الأرض في السطح والباطن تضيق ذرعا بهاً ، ولكن سوء عمليات التخزين وقلة دعاء المسؤولين والشكوى المستمرة من قلة المياه والأوضاع المائية الصعبة ، تنزع الخير والبركة .
لقد خلق الله الأرض وفق معادلة ربانية وهي التوزان بين الموارد الطبيعية المتوفرة في بقعة جغرافية معينة وبين حجم السكان في تلك المنطقة ، على الرغم من أن ما يحدث في من جوع وفقر وحرمان في هذه المناطق يرتبط بالممارسات الحكومية التي تشجع استغلال أصحاب المراكز والنفوذ والسلطة ورأس المال من أفراد ومؤسسات بشكل يزيد من التشوهات في توزيع الموارد على السكان .
المعادلة الاقتصادية في الأردن غريبة ولا تتطابق مع أي نظرية اقتصادية ، فالمسؤولين الأردنيين لديهم قدرة فائقة على ابتكار المبررات ، وتبرير مالا يمكن تبريره .
د.إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com