زاد الاردن الاخباري -
مع انخفاض الجنيه المصري بنحو 14 في المئة يستعد المستثمرون لتوقعات أكثر حدة في عملة أكبر دولة عربية من حيث السكان، وذلك مع اقتراب توقيع القاهرة اتفاقا أوليا مع صندوق النقد الدولي في غضون أيام قليلة، وفقا لموقع وكالة "بلومبيرغ".
ويراهن تجار ومستثمرون على أن مصر سوف تسمح للجنيه بالهبوط بشكل أكبر عقب تصريحات صدرت عن صندوق النقد الدولي، الذي يفضل مرونة أكبر في سعر العملة، أوضح فيها أنه يتوقع التوصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع جمهورية مصر العربية "قريبا جدا".
ويرى، المحلل في شركة "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس" لإدارة الأصول، غوردون باورز، أن ثمة توقعات بوتيرة سريعة لحدوث الهبوط في سعر الجنيه، موضحا أنها سوف "ستكون خطوة رئيسية لمصر" قبل أن تتمكن من الفوز بموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض جديد.
وقالت بعض أكبر البنوك في العالم إن الجنيه المصري لا يزال باهظ الثمن وسط ارتفاع الدولار الأميركي، وذلك رغم تخفيض البنك المركزي قيمته بنحو 15 في المئة، في مارس.
وتقدر "بلومبيرغ إيكونوميكس" أن العملة المصرية تحتاج إلى أن يصل سعرها إلى 24.6 جنيه مقابل الدولار، وذلك بغية "سد العجز التجاري المصري إلى مستوى معقول".
في المقابل، يؤكد المحلل والخبير الاقتصادي المصري، صلاح صبح، لموقع "الحرة" أن القاهرة كانت قد أقدمت على خطوة جريئة عندما حررت سعر الصرف، في عام 2016، مشيرا إلى أن ذلك أتى بنتائج إيجابية رغم الانخفاض الحاد الذي أصاب العملة المحلية حينها.
وأضاف "أدى تحرير سعر الصرف إلى تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي، إذ أن الصادرات زادت بعد أن انخفض ثمنها مقارنة بسعر العملات الصعبة، بالإضافة إلى أن السياحة شهدت انتعاشا نوعا معا، فالسائح الأجنبي الذي يصرف على سبيل المثال ألف دولار ليقضي أسبوعا في البلاد أضحى بإمكانه أن يحصل على نفس الامتيازات مقابل 500 دولار فقط".
لكن صبح لفت في الوقت ذاته إلى أن تحرير سعر الصرف أو ما أضحى يعرف بـ "تعويم الجنيه"، كانت له انعكاسات سلبية تمثلت في ضعف القوة الشرائية لدى المستهلك المحلي جراء غلاء الكثير من المواد الغذائية والأساسية.
ويرى صبح أن مصر قد تعلمت من دروس عام 2016، مستبعدا أن تقدِم القاهرة على تخفيض حاد مرة أخرى.
وأوضح: "الجنيه تدنى تدريجيا منذ بداية العام وحتى الآن بنسبة 25 بالمئة من قيمته، وبالتالي لا أعتقد أن يحصل هبوط حاد بنسبة 14 بالمائة دفعة واحدة".
وفي سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، انخفض العقد لمدة شهر واحد على الجنيه إلى ما يصل إلى 21.7 لكل دولار بينما انخفض خلال ثلاثة أشهر إلى 22.9، وهو "في طريقه لأضعف إغلاق على الإطلاق"، وفقا لـ "بلومبيرغ".
"أين الحل؟"
يرى باورز أن القاهرة قد تختار وتيرة أسرع لخفض قيمة الجنيه، مشيرا إلى أن التحرك الأكثر حدة في العملة يهدد بتأجيج ضغوط الأسعار.
وقال كبير مستشاري القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري، هشام عز العرب، إن التضخم يمثل المشكلة الأساسية للاقتصاد المصري وإن زيادة الدولار بنسبة 10 في المئة ستسهم في قفزة بنسبة 4 في المئة في معدل التضخم.
من جهتها، أكدت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، في العاصمة واشنطن، الجمعة، أن سياسة سعر الصرف في مصر "يجب أن تكون مدروسة".
وكانت السندات الدولارية المصرية قد انتعشت يوم الإثنين عقب التفاؤل بشأن صفقة مع صندوق النقد الدولي، إذ ارتفع الضمان المستحق 2032 1.3 سنت إلى 60.1 سنت على الدولار بعد انخفاضه كل يوم الأسبوع الماضي.
وبشأن احتمال توصل القاهرة لاتفاق مع صندوق النقد الدولي وأهمية ذلك للاقتصاد المصري، يرى صلاح أن "القروض من صندوق النقد الدولي، أو من من جهات أخرى، هو أمر هام للغاية ولكن هذا يعتبر مسكّنا على المدى القصير وليس علاجا ناجعا على المدى البعيد".
وتابع: "لتبسيط الأمور للقارئ العادي فإن الجنيه سوف يواصل الهبوط إلى أن تسد الفجوة بين إيرادات الدولة ومصروفاتها من العملات الصعبة، وهذا الأمر سوف يكون متاحا عبر إصلاح الاختلالات الهيكلية، والاستفادة من الميزات النسبية في الاقتصاد المصري عبر تحفيز نمو الاقتصاد وخلق فرص عمل جيدة، وتنشيط القطاع الخاص بما يؤدي إلى زيادة الصادرات، وبالتالي زيادة نصيب الدولة من العملات الصعبة".
وأكد صبح كذلك على "ضرورة جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والابتعاد عن غير المباشر منها والذي يعرف بـ 'الأموال الساخنة'، والتي ساعدت في الفترة الماضية في رفد الخزينة المصرية بالدولار".
واستدرك "بيد أن التطورات العالمية الأخيرة، التي شملت جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وقيام الفيدرالي الاحتياطي الأميركي برفع سعر الفائدة، أدى إلى خروج سريع لتلك الأموال من الأسواق الناشئة والواعدة مثل تركيا وجنوب شرق آسيا وكذلك مصر، التي خرج منها 22 مليار دولار".