حركة السياحة باتجاه الكرك من قبل السياح الأجانب جيدة، ويمكن أن تكون افضل، ويمكن ان تسوق الكرك بشكل افضل في أوروبا، الحديث هنا عن توظيف النصوص التاريخية التي كتبها الأوروبيون عن المدينة بوصفها مملكة مهمة من ممالك الغرب، وهو حديث عن الاستثناء الحضاري.
الكرك والقلعة مدينة عابرة للتاريخ، متحدة مع جغرافيا معقدة جنوبا وغربا وشمالا وشرقا، والكرك فضاء ثقافي وسياسي، والمدينة الوحيدة في الأردن المحاطة بسور على غرار المدن الدهرية العتيقة كدمشق والموصل وبغداد وحلب، وهي افضل مدينة متماسكة شهدت نموا حضريا متعاقبا في الأردن.
لكن مشكلتها ان البيوت القديمة مهجورة، وبعضها آل للسقوط، وأخرى يسكنها مغتربون وعمال وافدون، وللأسف هجر سكان الحارات والأزقة من أهل المدينة حاراتهم، والمشروع السياحي القديم لتطوير السوق لم يبن عليه ويحدث، وما زالت الساحة التي هي امام الجامع العمري بلا إعادة تشكيل وهي دوار قديم كان فيه تمثال لصلاح الدين ثم نقل التمثال امام مبنى السراي والآن المكان مشغول بحواجز اسمنتية غبية.
تحتاج الكرك لمشاريع بحثية جامعية اثرية، وإعادة بناء الخارطة الحياتية والحضرية ورصد اليوت المعرضة للخطر، والتفكير بتطوير التفكير السياسي للمنطقة، مع الحفاظ على مزايا السوق العتيق وإعادة انتاجه كسوق تاريخي مميز.
يحتاج الناس لتطوير اعمالهم الصغيرة في انشاء بيوت ضيافة للسياحة الداخلية، وتطوير خدمات الطعام والشراب، وتعزيز مشاركة ومسؤولية القطاع الخاص.
تحتاج الكرك لتوثيق مُركز في المكان وبالوسائط الرقمية الحديثة، ويجب احياء المقاهي القديمة ومحمص السير ودكان الفرواتي ومطعمي عكاش والحلبي وغيرها من المرافق، ودعم هذه المحلات لتبقى مستمرة في الخدمات، وتحتاج لخيالة أمن عام يجوبون الحارات احياءً للتقاليد القديمة في المدن السياحية، وتحتاج لتشكيل محطة من عربات تجرها الخيول وتقدم جولات للسياح عبرها.
تحتاج الكرك لدعم كبير من هيئة تنشيط السياحة لإعادة ترميم المكان واحياء الميت منه، وعلى الهيئة والوزارة الإفادة من تجارب عربية وغربية في تطوير المدن وفي توظيف التراث والمنتج الحلي والمزايا التنافسية، وهذا يعزز بقاء المدينة نابضة حية.
لا يوجد شبيه للكرك كمدينة في محيط قلعة في الاسوق الأوسط، والكرك المدينة الأردنية الوحيدة التي دخلت في فلم عالمي تاريخي وهو عن صلاح الدين.
لا يوجد شبيه للنسيان مثل النسيان الذي تعاني منه قصبة الكرك، تلك جريمة حضارية وتاريخية، وتتحمل وزرها هيئة تنشيط السياحة أولا، ومن يعمل في قطاع التنمية والسياحة والتخطيط الحضري.
من المفترض وقد عادت السياحة التفكير بحالة جديدة للكرك وتصور قابل للتطبيق، فالكرك القديمة مسكونة اليوم جلها من طبقة عمال وافدين لهم الاحترام، ولكنها في الرمق الأخير وتقاوم لأجل البقاء. وجميعنا مقصرون خاصة أهلها ومن تولى منهم مواقع قيادية.