كنا في القرية ننعم بكل ما هو طبيعي، وخبز قمح بلدي، وحليب ولبنة وجبنة وسمن بلدي، ودجاج ولحم فريش، وبيض بلدي.
و كنا مخدوعين بالمدينة، وخبزها الابيض المليء بالنشا والطحين الزيرو، ودجاج البورستيد المقلي بزيت مسرطن، والشاروما الكريهة والمسممة، والحمص والفلافل المكربنة.
خدعتنا المدينة مبكرا.. وها نحن اليوم نتمنى رغيف خبز القمح / ونتمنى الجبنة البلدية، ونتمنى حليب غنم بلدي، ودجاجة غير ملغومة بالهرمون وبيضة عضوية، والجاجة لا تأكل مواد مسرطنة وهرمونات.
و اليوم تقطع مسافات لاقصى الجنوب والشرق والبادية، وامشى مئات الكليو مترات قاصدا مربي اغنام لاشترى حليبا بلديا طبيعيا، ولاشتري بيضا بلديا، ولاشتري خبز قمح بلدي.
في العالم هناك تيار اجتماعي /بيئي عريض ومؤثر يدعو الى العودة الى الطبيعة، وحماية الطبيعة، ودعوات لعدم استنزاف موادرها الطبيعية..
العودة الى الريف، وهي هجرة عكسية، وحتمية لحماية الصحة، ولحماية ما تبقى من سنين العمر، والريف ملاذ طبيعي امن صحيا وغذائيا، و بيئيا.
تنتشر منصات رقمية تدعي انها توفر طعاما عضويا وطبيعيا، والادعاء ما بين قوسين قيد الاتهام والتحقق.. ومن تجربة اشتريت من منصة رقمية، وصراحة لا انصح احدا بتكرار التجربة، الخبز طحين ابيض والبيض لا يختلف عما يباع في السوبرماركت. والاعلان عن بيع مواد غذائية عضوية وطبيعية مجرد اوهام وفخ، وخدعة استهلاكية.
وما لا يتنبه اليه المنشغلون في هذا النشاط التجاري ان لمفهوم الغذاء الطبيعي شروط ومعايير وظروف بيئية وطبيعية، وان كتابة عضوي وطبيعي على غلاف المنتج ليست كافية للتسويق وايقاع المستهلكين في الفخ.
اصدقاء اعرفهم، دشنوا مزارع ريفية صغيرة خاصة، ونجحوا في بناء اقتصاد زراعي ريفي، واكتفاء ذاتي من مونة وجاجات البيت
و العائلة. العودة الى الريف، والعودة الى الطبيعة، وكم خسرنا من هويتنا وانسانيتنا، واصابنا تشوه وضياع اجتماعي وانساني، وغذائي وصحي ايضا، وذلك بفعل المدينة، وصخبها وازعاجها وتشوهات التطور المادي والعمراني.
سنعود الى القرية والريف والطبيعة، ولا اطيب والذ من بيض جاج المزابل، ومن قطف عنب بلدي مش مطعم بالسماد والكيماوي، وحبة بندورة بلدية محمشة بدون كيماوي ، وديناميت ابيض.
كورونا، وايام الحظر والعزلة كانت طرحا سؤالا مأسويا وتراجيديا عن الانسان والحياة، وسؤالا اكبر عن الانسان والطبيعة والصحة العامة والعودة الى الاصول والبدايات.