سميح المعايطة - موقف إيجابي من وزارة الخارجية قبل ايام بالاحتجاج على سلوك سفير هولندا الذي طلب دعم الحكومة لأحد غير الأردنيين لتسهيل أموره في إنشاء إذاعة وأمور اخرى، وهو امر استدعى موقفا مشكورا من الأشقاء في الامارات الذين احتجوا لسفير هولندا في الامارات.
لكن هذه الحكاية فيها تفاصيل كثيرة ليست متعلقة بالصحفي غير الأردني بل بفئة من العاملين في العمل العام من ايتام السفارات وابنائها، فئة مؤكد ان لدى الجهات الرسمية معرفة كاملة بكل علاقاتهم وكل اسفارهم وكل تمويل حصلوا عليه تحت عناوين معلومة، او لإثارة قضايا ومواضيع مطلوب فتحها للنقاش.
من يمارس عملا نظيفا في مجال العمل العام يستحق الاحترام، لكن ما دامت الحكومة قد غضبت من ” واسطة” السفير الهولندي وتدخله وهو غضب تشكر عليه فإن الواجب ان يتم فتح ملفات كل من لهم علاقات بالسفارات والذين يقدمون لها المعلومة عبر النقاشات والزيارات الثنائية او عبر الارتباط بعمل مقابل مكافأة او عبر التمويل لمشاريع لقضايا مطلوب تحريكها في عقولنا وحياتنا.
التمويل موجود في كل العالم لكن تنظيمه ووضعه تحت النظر يمنع تحويله الى تشغيل ممن يدفع لمن يأخذ والعلاقة مع السفارات يفترض ان تكون منضبطة بحيث لا تتحول اي علاقة الى ارتباط ولو على شكل حوارات ولقاءات يتحول صاحبها الى شخص مهم للسفارة لدرجة ان يزور سفير مثل سفير هولندا وزيرا في الحكومة ليطلب الدعم من الحكومة وتسهيل نشاطات هذا الصحفي، فلولا اهميته لسفارة هولندا او لسفارة اخرى طلبت دعم سفارة هولندا لما بذل هذا الجهد.
السفارات مهمة في علاقات الدول، ولها دور في تعزيز العلاقات الثنائية وحل المشكلات ورعاية مصالح ابناء كل بلد في البلدان الاخرى، وهناك علاقات ايجابية لغايات التجارة والتشغيل والسياحة والمصالح العامة للقطاع الخاص وحتى الافراد، لكن البعض يرى في علاقته بأي سفارة استقواء على بلده بتلك الدول، والبعض يمارس التحريض على بلده في بعض الملفات خلال اللقاءات المعلنة وغير المعلنة، وهناك قضايا تحدث لا علاقة لها بدور السفارات السياسي والتنموي بل في مسارات اخرى.
نعلم جيدا ان الدولة تملك المعلومات، ونعلم جيدا انها لا تستطيع فتح ملف كل علاقة غير سوية بين أفراد او جهات مع اي سفارة لأن هذا قد يفتح الباب لخلافات وتوترات مع دول عديدة، لكننا نعلم ان البعض يمكن ” قرص اذنه”، بل يجب فعل ذلك، وهناك إجراءات يمكن ان تحد من اي علاقات تلحق الضرر بالدولة.
ربما كان سلوك السفير الهولندي الاقل ذكاء قياسا لسفارات اخرى، لكنه فتح الباب امام ضرورة وجود تعامل اكثر حزما مع ابناء السفارات وروادها، ولعل عالمنا العربي خلال فترة ما يسمى الربيع العربي عرف الدور المهم جدا لكثير من السفارات في توجيه الاحداث وعقد التفاهمات مع بعض الجهات في دول العرب، وبعض الدول وبعد ان دخلت في حالة الفوضى السياسية كانت علاقات بعض أبنائها مع بعض الدول طريقا لإدخال بلادهم في دوامة العنف تحت عناوين لامعة.
التعامل مع اي سفارة له اصول وحدود وما يتجاوزها هو الذي نتحدث عنه وتعرفه الدولة جيدا، وبعض من نتحدث عنهم يعتقدون ان علاقاتهم مع دول اخرى وسفاراتها قد يكون طريقا لأشكال نفوذ وأمور اخرى…