سميح المعايطة - مع بداية التسعينيات بدأت علاقة حماس مع سورية، وكانت بداية طبيعية ومتوقعه وخاصة أن حماس كانت المنافس لمنظمة التحرير الفلسطينية ثم خصما بعد اتفاق أوسلو، ولم يكن النظام السوري ليترك حركة فلسطينية تزداد قوة قي ذلك الوقت لتغرد بعيدا عنه، وكانت تلك العلاقة يوم ان كانت قيادة حماس السياسية تقيم في الأردن.
في تلك الفترة كانت حماس تحت جناح الاخوان المسلمين سواء في الأردن أو التنظيم الدولي قبل ان تصبح أهم منه وتبني لها شبكة علاقات وتحالفات، وفي الأردن كانت هناك بقايا تنظيم الاخوان السوريين وجزء من قيادتهم، وكان وجودا صامتا، وأتذكر في تلك الفترة ان قيادة اخوان سورية الموجودة في الأردن كانت غاضبة من موقف حماس واخوان الأردن الذين كانوا مندفعين نحو النظام السوري، وكانوا يعلنون المديح لنظام حافظ الأسد آنذاك، رغم ان إخوان الأردن هم من شنوا حربا شعبية وإعلامية شرسة ضد حافظ الاسد في الثمانينيات بسبب حربه ضد الاخوان وماجرى في حماة وتدمر..
كان الاخوان السوريون منزعجين مما يقوم به إخوان الأردن وحماس من التقرب من حافظ الأسد مع أن نظام سورية لم يغير موقفه من اخوان سورية وفي سجونه اعداد كبيرة منهم ويرفض حتى فكرة الحوار معهم.
كان إخوان سورية المقيمون في الخارج يعتبرون حماس واخوان الأردن يمارسون التخاذل ضدهم وانهم باعوا قضية اخوان سورية وارتموا في أحضان حافظ الاسد.
وبقي الامر كما هو حتى جاء ما يسمى الربيع العربي، فغادرت حماس معسكر النظام السوري ليس انتصارا للشعب السوري بل لمصالح سياسية تتعلق بحلفائها في الإقليم، ولأنها اعتقدت ان نظام الاسد سيسقط خلال أشهر وتريد ان تكون في معسكر الرابحين، وكانت مصر يومها تحت حكم الاخوان وايضا تونس وكان الأردن ضمن توقعات الاخوان بأنه قد يذهب إلى ما يريدون لولا فضل الله تعالى ثم حكمة الأردنيين وقيادتهم.
ومنذ حوالي عامين تغيرت معادلة سورية وخسرت المعارضة المسلحة ومنهم اخوان سورية كل امل بإسقاط بشار الاسد، ولم تعد قضية سورية مهمة لدى بعض حلفاء حماس، وكان لحلفاء سورية ومنهم ايران وحزب الله الرغبة في الحفاظ على حماس في معسكرهم رغم انها لم تغادره، لكن مصلحة سورية ان يهرول اليها اعداء الامس، فكان ملف عودة حماس تحت اشراف حسن نصر الله وايران، لكن سورية التي كان مسؤولوها يقولون في السر والعلن انهم لم يعودوا يثقون بحماس، سورية رفضت التعامل مع التيار القريب من تركيا وغيرها، وقبلت التعامل مع تيار ايران والحرس الثوري في حماس، وهذا ما كان في لقاء دمشق الاخير.
كثيرون يقولون اليوم ان حماس تخلت عن موقفها الذي اتخذته امس ومبادئها وعادت الى دمشق، حماس هي التي تغيرت اما نظام بشار الاسد فلم تتغير مواقفه ولا سياساته، اما تغير حماس ومعهم اخوان الاردن فأردت ان استعيد معكم ذاكرة خذلانهم لتنظيم الاخوان السوريين في منتصف التسعينيات عندما اصبح المديح والاوصاف بالنضال والمقاومة هو خطاب حماس واخوان الأردن لحافظ الاسد رغم ان اخوانهم في التنظيم من السوريين كانوا يخوضون حربا سياسية واعلامية ضده، وفجأة عاد بشار الاسد ليكون على رأس نظام مجرم ليس لأنه قتل بل لأن حلفاء حماس الاقوياء يريدون هذا، ولأن الخيال ذهب بالإخوان الى انهم سيحكمون المنطقة…
من يعمل في السياسة يبحث عن مصالحه لكن من يعمل في القضايا المقدسة والدين هل له نفس الحق؟!