سلامة الدرعاوي - تحتاج الأهداف الاستثماريّة في رؤية التحديث الاقتصاديّ للسنوات العشر المقبلة ما يقارب الـ 43 مليار دينار، لتوفير حوالي مليون فرصة عمل جديدة للأردنيّين في هذه الفترة.
أي إنّ الأردنّ سيكون مطالباً بتوفير ما يقارب ال 4.3 مليار دينار سنويّاً، من أجل تحقيق أهداف الرؤية الاقتصاديّة، وعليه سيكون النموّ الاقتصاديّ في حدود ال 5 %، فكيف ستحوّل الحكومة المتطلّبات الاستثماريّة لرؤية التحديث الاقتصاديّ؟
الموازنة بإمكانها توفير بند المخصّصات الرأسماليّة بالكامل والبالغ قيمته 1.4 مليار دينار لمشاريع الرؤية، في حين أنّ المبلغ المتبقّي سيكون بحدود الـ 3 مليارات دينار، سيتوفّر بواسطة الاستثمار المباشر الجديد الّذي ستقوم بجذبه وتنفيذه الحكومة بالتعاون والشراكة مع القطاع الخاصّ.
الأرقام ليست مستحيلة، ففي السنوات الّتي خلت ما بين الفترة الممتدّة بين (2005-2009) كانت أرقام التدفّقات الاستثماريّة قريبة من أهداف رؤية التحديث، ففي بعض السنوات استطاعت المملكة جذب استثمارات بقيمة 2.8 مليار دينار في عام واحد، طبعاً كان لها أسبابها المنطقيّة، والّتي لن تتكرّر مثل تدفّقات أموال العراقيّين في تلك الفترة.
يبقى السؤال المطروح الآن، هلّ تمتلك الحكومة أدوات تساعدها في تحقيق هذه الرؤية من التدفّقات الاستثماريّة في ظلّ الأوضاع الراهنة؟
قبل أيّام قليلة شاهدنا وسمعنا عن إطلاق وزارة الزراعة لفرص استثماريّة كبيرة في القطاع، ووزارة الطاقة قامت أيضاً بإعداد خارطة استمراريّة للقطاعات، وهي الآن بصدد الإعلان عن اكتشافات استثماريّة من ثروات طبيعيّة من نحاس وذهب ونفط وفوسفات وبوتاس وغيره من المعادن والثروات الّتي تسعى لترويجها، والآن توجد مشاريع استثماريّة مشتركة مع الألمان يجري توقيعها بين الطرفين، كلّ هذا يحدث ووزارة الاستثمار غائبة عن المشهد الاستثماريّ، رغم أنّ القانون الجديد والقديم منحها صلاحيّات الاستثمار، وشدّد على أنّها المرجعيّة الوحيدة للاستثمار في المملكة.
الأصل أن تقوم تلك الوزارات جميعها بلا استثناء بتقديم كلّ باقات الاستثمار لديهم ووضعها في يد وزارة الاستثمار الّتي من واجبها حينها إعدادها في مصفوفة استثماريّة تحدّد ملامح الاستثمار في كلّ قطاع على حدة، مدعوماً بالتسهيلات والحوافز لكلّ منها.
مشهد مؤسف ما يحدث في بيئة الاستثمار المحلّيّة، وكأنّ هناك فعلاً عملاً مقصوداً لتهميش وزارة الاستثمار وإبعادها عن المشهد الاستثماريّ، وتفرّد كلّ وزارة بقرارها بعيداً على رؤية التحديث، على اعتبار أنّ كلّ وزارة تعمل في جزيرة منعزلة عن الحكومة أو الوزارات الأخرى.
لا يمكن النهوض بالعمليّة الاستثماريّة طالما بقي العمل الاستثماريّ مقسما بين الوزارات، وإبقاء الوزارة الأصيلة مجرّد مكتب لاستقبال الشكاوى فقط لا غير، فأمّا منح صلاحيّاتها المطلقة بإدارة البيئة الاستثماريّة، أو إلغائها وتحويلها لمكتب أو دائرة للترويج لا أكثر.
الحكومة معنيّة بتطبيق رشيد لقانون الاستثمار الجديد وتفعيل عمل الوزارة وتعزيز روح الفريق والعمل المؤسّسيّ.