علينا ألا نغمض عيوننا عن حقيقة مهمة وهي ان مجتمعنا الاردني قد تغير ربما بشكل متدرج خلال العقود الثلاثة الاخيرة لكنه تغير، وبعض القراءات او رسم صورة المجتمع ومحددات حركته وسلوكياته طرأ عليها تغير قد يكون جوهريا في بعض الامور.
بحمد الله وفضله نحن بلد لم ندخل في حروب، ولم نبتلَ باحتلال ولم ندخل الفوضى السياسية والامنية مثلما كان الامر مع شعوب عربية اخرى، ونحن دولة حافظت على استقرارها وامنها وواجهت الارهاب العسكري والفكري بشكل كبير ولم يذهب مجتمعنا بعيدا عن وسطيته واعتداله، ومع ذلك تغيرنا.
شعوب عربية اخرى حولنا فقدت الدولة وفقد الناس بيوتهم وارزاقهم وتفككت العائلات بين قتل واعتقال وهجرة وتهجير، ولهذا فإن التغيرات الكبيرة التي طرأت عليها لها تفسير وتبرير، لكننا بفضل الله لم ندخل في مراحل صعبة جدا مثل بعض الشعوب الشقيقة، لكننا تغيرنا.
العقود الثلاثة الاخيرة تركت اثرا في مجتمعنا اقتصاديا وسياسيا ودخلت علينا مجموعات سكانية ضخمة مع كل حرب في الإقليم، لكن الدولة حافظت على استقرارها النسبي فهل هو الوضع الاقتصادي؟
مؤكد ان الوضع الاقتصادي مهم في التأثير في بنية المجتمع، وعلى تحديد اولوياتنا بل وعلى علاقتنا بالامور الكبرى والمفصلية في حياتنا لكننا لم نكن يوما شعبا غنيا، وغالبية المجتمع موظفون وصغار تجار ومزارعون ومن الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، لكن المجتمع كان في عقود مضت وهو في وضع اقتصادي عادي كان محتفظا بجوهره وقيمه فهذا مسار واسع يحتاج لاراء علمية، لكن المؤكد ان اولويات الانفاق في مجتمعنا قد طرأ عليها تغيير كثير، لكن جوهر الحديث ان علينا ان ندرك اننا تغيرنا ونتغير، وان هذا له جانبان ايجابي وسلبي، وان التغير له ثمن ندفعه وسندفعه، ولا ندري ان كنا قادرين على التأثير في ما يجري داخلنا من تغير.
بعض أشكال التغير طبيعية مع تطور أدوات العلم والحياة وامتلاك كل جيل أدواته وطريقة تفكيره ومعاييره الخاصة في الحكم على الامور والأشخاص، وبعض تفاصيل التغير إيجابية، لكن هناك مسارات للتغير تثير التساؤلات وربما القلق، وربما لا نملك السرعة او القدرة على ملاحقتها وتغيير سرعتها، لكننا سنتعامل معها عبر التعامل مع ما تتركه علينا من آثار، وعلى ما تصنعه من مشكلات وظواهر وقيم لانريدها.