ليست حملة علاقات عامة، أو مسعى لتحسين المظهر، أو التأكيد على أننا بلد عصري، وجود خمس نساء وزيرات لدى حكومتنا الأردنية.
إنه استحقاق إنساني مهني اقتصادي، فرضته عوامل متعددة، تتوسل التقدم والاستقرار وتوسيع قاعدة الشراكة، فالشراكة هي الحصن الذي يوفر مقومات الأمن الوطني ويحميه، والشراكة هنا تتفوق على دور الأجهزة الأمنية رغم أهميتها وهي تؤدي واجبها المهني بالضرورة.
الشراكة هي الاستدامة التي تجعل شرائح المجتمع يقظة، تدفع بما هو مطلوب، تحمي ما هو ضرورة، تصون القيم، تتسع دوائر صنع القرار لتشمل نصف المواطنين الذين لم يكونوا أعباء، بل هم الأمهات والزوجات العاملات بحرص على حماية بيوتهن وأسرهن، ومع ذلك تفرض الضرورة اتساع أفعالهن لتشمل المشاركة العملية الفعلية في دوائر صنع القرار ليعود بالإفضل على مكونات المجتمع وتعدديته.
مشاركة نساء الأردن في الحكومة بهذا القدر العددي يعود إلى القدرة والإمكانات الأكاديمية والخبرات المهنية التي توفرت، فرضت نفسها وحضورها وخبرتها ليتم الاستعانة بها من موقع الشراكة وليس فقط للتخلص من التبعية الدونية من طرف لطرف اخر.
ولكن علينا أن نقر ان هذا التوجه يعود أيضا إلى توفر الإرادة السياسية، الممزوجة بالمصلحة الوطنية لإطلاق طاقات كامنة كانت سقوفها محدودة تعسفاً، ووراثة مفروضة ، لأن الماضي السحيق لدى العرب والمسلمين، بل ولدى شعوب الأرض كافة كانت تعط المرأة حقها أكثر مما توفر لها في القرون الوسطى، قبل الثورة الصناعية، وثورة الفكر التقدمي الإنساني وتقدمه نحو المساواة والتكافؤ الذي اجتاح أوروبا والولايات المتحدة، وبقينا نحن ورثة الحقبة العثمانية المتخلفة، وآثار الاستعمار الأوروبي وأدواته المحافظة، وتبعاته المحلية المعيقة.
توفرت لدينا فرص التعليم الأكاديمي الوطني والعالمي، مثلما توفرت الإرادة السياسية، مصحوبة بقيم إصلاحية نتطلع لها بالمجالات السياسية والإدارية والاقتصادية مع بداية المئوية الثانية للدولة الأردنية، دور المرأة جوهري في مضامينها، لعلها كابنة لأحياء المدن والريف والبادية والمخيمات، تتوجه بعزيمة تستحق المكانة اللائقة كما هي، كما تريد، وكما تستحق.
نحن الأقرب إلى فلسطين، وجداناً وقناعة وإيماناً وشراكة في رفض مشروع المستعمرة الإسرائيلية والتصدي لها، وفي انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني المرحلية الثلاثة: 1- المساواة في مناطق 48، 2- الاستقلال في مناطق 67، 3- العودة للاجئين، لأن ذلك جزء من حماية أمننا الوطني، و يتطابق مع قناعاتنا الوطنية والقومية والدينية، ويستجيب لحقوق الشعب الشقيق الذي تعرض للظلم ولا يزال.
لهذا نشهد مشاركة المرأة في النضال الوطني الفلسطيني وتضحياتها وبسالتها في مواجهة المستعمرة واحتلالها، وتحمل أعباء تبعات نضال أزواجهن وأبنائهن وأشقائهن، مما يتطلب رفع سوية شراكتها القيادية كما يجب ، ولهذا لأننا رافعة للفلسطينيين نقدم مشاركة المرأة كنموذج يحتذى.
نتباهى أن لدينا 5 وزيرات، نتفوق بهن على الأشقاء والأصدقاء، لعلها ارادة تستقر، وقرار ينجح، و خيار نتوسل منه ومن خلاله ان يتسع ليشمل بلداننا العربية، كي ينهض نصف المجتمع العربي، ويأخذ دوره في اختزال عوامل الزمن نحو التقدم والديمقراطية والتعددية والمساواة، هذا ما نرجوه ونأمله ونستحقه.