زاد الاردن الاخباري -
استيقظت الشابة فيكتوريا نيسترينكو في السابعة والنصف على صوت انفجارات جديدة في العاصمة، كييف، لتجد المياه والكهرباء قد انقطعا وبالتالي غابت إمكانية اتصالها بالإنترنت أيضا، بسبب الضربات الروسية.
وتقول: "في الواقع، أنا أعاني من انقطاعات متكررة ولساعات طويلة للكهرباء، لكن اليوم كان غير عاديا بالنسبة لي، لأن الكهرباء لم تعد منذ الصباح وحتى الآن الساعة السابعة مساء، كما أنها أول مرة أعاني فيها من انقطاع المياه، هذا لم يحدث من قبل".
كما يعيش عماد أبو الرُب، معاناة دون مياه منذ انقطاعها، صباح الإثنين، في مركز مدينة كييف.
وقبل التاسعة مساء بالتوقيت المحلي بقليل، انقطعت الكهرباء للمرة الأولى، منذ بداية الحرب، في حي شفشينكا الذي يسكن فيه أبو الرُب.
وأضاف في حديث لموقع "الحرة" "اليوم شعرنا بالمعاناة التي كنا نسمع عنها خلال الأيام الماضية في بيوت أصدقائنا وزملائنا في العمل، وقد دخلت الآن إلى بيوتنا أيضا في مركز المدينة والأحياء الرئيسية والحيوية التي تقبع فيها الشركات والمكاتب والمصالح الحكومية".
ويضيف أبو الرب، وهو عضو المجلس العام لإدارة سياسة القوميات والحريات الدينية التابع لمجلس الوزراء الأوكراني: "بعض زملائي في العمل منذ أيام وهم يعيشون دون ماء أو كهرباء، لكن بالنسبة لي هو اليوم الأول بدون ماء ولا كهرباء، ولا أعلم إلى متى ستستمر المعاناة".
لقطة لوسط العاصمة الأوكرانية بدون كهرباء في 31 أكتوبر 2022 بعد ضربات روسية استهدفت منشآت الطاقة
لقطة لوسط العاصمة الأوكرانية بدون كهرباء في 31 أكتوبر 2022 بعد ضربات روسية استهدفت منشآت الطاقة
وشنت القوات الروسية، هجوما مكثفا، صباح الإثنين، على منشآت الطاقة في عدّة مناطق أوكرانية، تاركة أجزاء من كييف دون كهرباء وماء.
وعلى عكس أبو الرُب، تعاني الشابة ناستيا ميتيليفا، وأسرتها من انقطاع الكهرباء في البيوت في زابوريجيا منذ مدة طويلة، لكن لا مشكلة في المياه، بحسب حديثها لموقع "الحرة".
ويقول أبو الرُب لموقع "الحرة": "هناك سبع مناطق تم قطع الكهرباء عنها بنسبة كبيرة جدا، الجديد أنه الأمس واليوم تم استهداف كييف والمدن المحيطة بها وتحديدا خاركوف، ولأول مرة يشعر الكثير بالتأثير الكبير في مجال الطاقة في كييف بنسبة 70 في المئة والمياه بنسبة 80 في المئة، بحسب عمدة المدينة".
ومن زابوريجيا، تقول ميتيليفا: "بعد بداية الحرب، اشترى زوجي العديد من 'باور بنك' (الشواحن المتنقلة) ونحاول نقلها كل يوم من أماكن عامة، لكن في المقابل، لا يملك أجدادي شيئا لتوليد الكهرباء، بعد إصابة محطة توليد الطاقة الكهرومائية التي تولد الكهرباء للمدينة بأكملها".
تزوجت ميتيليفا، في وقت سابق من الشهر الجاري، "عندما أقمنا حفل زفافنا في لفيف، أجريناه في النهار لأنه لم تكن هناك كهرباء ولا حتى إنترنت ولا اتصالات، ولم تستطع العائلة المجيء، وبالكاد استطعنا إجراء مكالمة واحدة سريعة معهم لنخبرهم أننا بخير"، مضيفة "كان الأمر صعبا للغاية، لكنني ممنونة أنني كنت مع زوجي".
أدى الغزو العسكري الروسي، إلى تعطيل خطط ميكولا كولوديازني وناستيا ميتيلفا بشان حفل زفافهما الذي كان مقررا في بداية الصيف.
كما اضطرت نيسترينكو إلى الصعود 24 طابقا خلال زيارة صديقتها في كييف الأسبوع الماضي، نظرا لأن المصعد الكهربائي لم يكن يعمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي بعد ضربة صاروخية روسية مفاجئة، "شعرت حينها بمعاناة من يتسلقون الجبال حيث كان الأمر في غاية الصعوبة".
تقول إنه رغم أن صديقتها أحيانا تعلم الأوقات التي سيتم فيها انقطاع التيار الكهربائي، فإنها قد تضطر إلى النزول كل هذه الطوابق، لأنها يجب أن تذهب إلى عملها.
وتضيف "أحيانا نكون معزولين عن العالم تماما، حيث نكون بدون كهرباء أو مياه ولا إنترنت ولا حتى رسائل نصية لنعلم آخر التحديثات الحكومية، لأن شبكات الاتصالات تعتمد على الكهرباء أيضا".
وأعلنت وزارة المواصلات إغلاقا جزئيا لمحطة قطارات كييف، بعد قصف صباح الإثنين، "ومنذ ساعة تقريبا، بدؤوا في استدعاء القطارات التي تعمل بالديزل بدلا من الكهرباء"، بحسب ما ذكر أبو الرُب لموقع "الحرة".
وأوضح أن "حركة القطارات بين كييف والمدن الأخرى تأثرت بشدة بعد القصف حيث خرجت القطارات التي تعمل بالكهرباء ونسبتها 90 في المئة من الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء، الآن يتم استدعاء رؤوس قطارات تعمل بالديزل والسولار بشكل مؤقت في ظل الطوارئ الحالية لحين إعادة الكهرباء".
وفي مترو كييف، اعتُمد تباعد في الفواصل الزمنية بين كلّ قطار من أجل توفير الكهرباء.
ويقول أبو الرُب: "تعودنا عندما يحدث انقطاع في مدن رئيسية في كييف أن تتم إعادة التيار الكهربائي مباشرة بعد عملية إطفاء الحريق إذا كان الضربة الروسية خفيفة، وهذا يستغرق حوالي أربع ساعات وأحيانا يكون الضرر أكبر، وكان الأمر عبارة عن تركيب قطعة بدلا من التي تضررت، فقد يستغرق هذا الأمر يوما على الأكثر، لكن أحيانا تكون الضربة كبيرة، وتحتاج المحطة إلى أسبوع إلى إصلاحها".
لكن حتى في المناطق التي لم ينقطع فيها الكهرباء مثل منطقة أبو الرُب، فإن الحكومة تدعو المواطنين إلى الاقتصاد وعدم تشغيل السخانات والتدفئة في ساعات الذروة، في الصباح من الساعة السابعة إلى الحادية عشرة صباحا، وفي المساء من الخامسة وحتى الحادية عشرة ليلا".
تدير الحكومة في كييف ما لديها من طاقة بقطع الكهرباء أيضا عن المناطق في ساعات مختلفة، "أقلها لمدة أربع ساعات يوميا، وفي مناطق أخرى لثماني ساعات على مرتين"، وفقا لأبو الرب، الذي ذكر أنه يتم إرسال رسائل نصية عبر الهواتف بالتوقيت التي سيتم فيه قطع التيار الكهربائي.
أما المستشفيات، فتم تزويدها بعدة مولدات ضخمة من ألمانيا وبريطانيا تعمل بالديزل، بحسب ما قاله أبو الرُب لموقع "الحرة".
لكن والدة نيسترينكو، اضطرت إلى المكوث ساعتين ونصف، الأسبوع الماضي، في المستشفى، حتى تعود الكهرباء لإجراء أشعة الموجات فوق الصوتية.
وتقول نيسترينكو لموقع "الحرة": "الجو أصبح باردا في كييف، وعلينا التأقلم بدون تشغيل التدفئة للأسف"، مضيفة "نحن في وضع صعب للغاية".
وندد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، الإثنين، بما وصفه بـ"الاعتداء الوحشي" الذي تشنه القوات الروسية على البنية التحتية الأوكرانية.
ويعرب أبو الرُب أنه وأسرته تعيش منذ صباح الإثنين على مخزونهم، "كنا قد حضرنا 40 لتر ماء لغسل الأيدي، وقارورتين للشرب، هذا يكفينا ليومين فقط"، مضيفا "نحن في العاصمة كييف نعتمد على المياه التي تصلنا من إدارة المياه عبر الأنابيب، وحالياً لا نمتلك وسائل بديلة كون الشقق السكنية لا يوجد بها خزانات مياه".
يأمل أبو الرُب أن يتم إصلاح ما أفسدته الضربات الروسية في غضون يومين، "وإلا سنضطر إلى الخروج لجلب المياه من القرى المجاورة التي فيها آبار لمسافات من 20 إلى 40 كلم بالسيارة".
يشير أبو الرُب إلى أنه إذا استمرت المعاناة أكثر من أسبوع، فسنترك في الغالب كييف باتجاه مدن في غرب البلاد يوجد فيها المياه والكهرباء، لصعوبة استمرار المعيشة بهذا الشكل".
ويقول: "كنا قد وضعنا ثلاث حالات على السكان فيها أن يتركوا مدينة كييف إلى مدن الغرب، وهي في حالة صار هناك قصف عشوائي على العاصمة أو حرب شوارع أو محاولة اقتحام".
ويضيف: "الآن نحن نتحدث عن وضع جديد غير هذه الحالات الثلاثة، وهي الطاقة والمياه".