كان ألم الفقد بالنسبة للدكتور شوكت برحيل ابنه نتيجة حادث سير من اكثر الحوادث التي اصابته بحزن عميق ، و لكن رغم حالة الحزن الشديد هذه ، إلا أن هذا الألم لم يمنعه من إتخاذ قرار التبرع بقرنيات ابنه لمن يحتاجها ليبصر النور ، محتسبا تبرعه هذا لوجه الله و صدقة جارية عن روح فقيده.
و موضوع الإهتمام بتشجيع الأفراد على التبرع بقرنياتهم بعد الوفاة ، ليس بجديد ، فالملك حسين رحمه الله و اثناء ما تمت اول حالة تبرع بالقرنية في جمعية اصدقاء العيون ،كان اول المتبرعين رحمه الله بقرنيته بعد الوفاة ، و شجع المواطنين بالتبرع لمساعدة فاقدي البصر بالخروج من الظلام وعودة النور لحياتهم .
و لما كان هذا الأمر يحظى بإهتمام كبير و تغطية واسعة من خلال عمل الحملات التثقيفية لتشجيع الاشخاص على التبرع ، لما لهذا التبرع من أثر إنساني عظيم ، فلقد دخل الأردن عام 2015 موسوعة جينيس بعدد المتبرعين بقرنياتهم بعد الوفاة.
هذه الحملات الإعلامية تسهم و بشكل كبير في تأمين متبرعين بالقرنيات ، بدلا من استيرادها من خارج الأردن مما يخفف من العبء المالي على الاشخاص المحتاجين لزرع القرنية .
و هذه العمليات تتم بشكل طوعي من دون مقابل من المتبرعين من الأشخاص او من قبل ذويهم ، لأنه و كما هو معروف يمنع في الأردن بيع الأعضاء البشرية بحكم القانون ، و الغاية من اشتراط المشرع عدم تقاضي الثمن مقابل هذا التبرع حتى لا يتحول موضوع نقل الأعضاء البشرية من فكرة العطاء بهدف إنساني بحت و كوضع إستثنائي الذي يقضي بحرمة الأعتداء على جسم الإنسان بأي صورة من الصور الى مصدر للربح و الإتجار ببيع الأعضاء البشرية .
لكن وعلى الرغم من إن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة جائز شرعا و قانونا ، و قد صدرت فتوى بأن التبرع جائز استنادا للأثر المترتب على هذا العمل من إنقاذ لحياة الناس و التخفيف من الآلآم النفسية و الجسدية لهم ، مع مراعاة للأحكام الشرعية و المحافظة على حرمة المتبرع.
و من ضرورة توافر شروط عدة فيما يتعلق بنقل قرنية العين بعد الموت للأحياء الذين يعانون من تلف في قرنية العين ، فلقد تضمنت هذه الشروط الوقوف يقينا على وفاة المتبرع ، و أن تشير التحاليل الطبية الى نجاح هذه العملية بالإضافة الى كون المتوفي بموافقته على التبرع بعد وفاته او إجازة وليه الشرعي بعد وفاته.
ورغم الشروط التي نص عليها قانون الإنتفاع بأعضاء جسم الإنسان الذي صدر في عام 1977 و الذي اشترط العديد من الشروط التي يتوجب توافرها في عملية نقل و زراعة الأعضاء لضمان سلامة عملية النقل و الزرع.
إلا إنه ما زال هذا الأمر يثير جدلا لدى البعض ما بين مؤيد للتبرع و ما بين رافض لهذه الفكرة ، و لعل مسألة كهذه على جانب من الأهمية تحتاج الى تظافر كافة الجهود و تشجيع الأشخاص المؤثرين إجتماعيا على القيام بحملات تثقيف و توعية بهدف التعريف بمدى الأثر النفسي و الأجتماعي الإيجابي المترتب على القيام بهذه الفكرة الإنسانية.