زاد الاردن الاخباري -
بقراءة سريعة ومتزنة للمستقبل، فإن بنيامين نتنياهو لن يقبل بعودة واشنطن للاتفاق مع إيران ولا يستبعد أن يوجه ضربة عسكرية لمنشآتها.
ففي غضون شهر، سيعود نتنياهو إلى مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية وسيكون الملف النووي الإيراني واحد من أهم الملفات على مكتبه إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
فالولايات المتحدة كانت على وشك التوقيع على اتفاق عودتها للاتفاق النووي الإيراني ولكنها أرجأت ذلك إلى ما بعد الانتخابات النصفية للكونغرس التي تجري الثلاثاء.
الدوائر السياسية الأمريكية والإسرائيلية تؤكد أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تكن ترغب بعودة نتنياهو إلى الحكم، وكانت تفضل التعامل مع حكومة برئاسة يائير لابيد أو بيني جانتس.
وكتعبير عن عدم الرضا، فقد أرجاء بايدن اتصال التهنئة بالنصر مع نتنياهو من يوم الخميس، الذي أعلنت فيه النتائج النهائية للانتخابات الإسرائيلية، إلى مطلع الأسبوع.
ويشوب التوتر العلاقات بين الرجلين، فنتيناهو انتقد الاتفاق الذي توسطت فيه واشنطن لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، كما انتقد الحكومة الحالية لعدم رفعها الصوت ضد العودة للاتفاق مع إيران.
وكان نتنياهو عارض بشدة توصل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما للاتفاق مع إيران عام 2015 ونسب لنفسه الفضل في انسحاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، ولكن هل سينفذ تهديداته بضرب المنشآت الإيرانية حال عودته إلى رئاسة الحكومة؟
القيادي في حزب (الليكود) تسحيا هانغبي، وهو من المقربين من نتنياهو، لم يستبعد ذلك في تصريحات لا بد أنها أقلقت البيت الأبيض لا سيما وأن "بيبي" لم ينفها.
ففي مقالة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية، الخميس، كتب هانغبي: "نيران نتنياهو الداخلية هي سعيه لإحباط الخطر الهائل الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني على وجود إسرائيل، لقد ركز على هذه المهمة لأكثر من 20 عامًا، والآن تقترب لحظة الحقيقة".
وفي اليوم التالي كان هانغبي أكثر وضوحا في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، حينما قال: "في غياب تحرك من قبل زعيم العالم الحر، سيكون على زعيم الشعب اليهودي أن يختار بين الاستسلام والردع.. والردع هو استخدام أي وسيلة في حوزتنا لإزالة هذا الشر".
وأشار إلى أن "نتنياهو سيتخذ إجراءات ضد المنشآت النووية خلال فترة ولايته المقبلة".
وعما إذا كان قد سمع هذا الأمر من نتنياهو نفسه، قال هانغبي: "إنه تقديري، استنادًا إلى أكثر من 35 عامًا من معرفتي بنتنياهو.. عندما لا يكون هناك خيار، يحتاج المرء إلى من يتولى القيادة، وسيكون هذا نتنياهو ".
ضربة عسكرية
أبرزت تصريحات هانغبي تساؤلات عما إذا كان نتنياهو عازم بالفعل على ضرب المنشآت الإيرانية، خاصة وأن الجيش الإسرائيلي بدأ منذ عدة أشهر الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية لطهران.
وفي هذا الصدد، قال المحلل عاموس هارئيل في تحليل بصحيفة (هآرتس) الإسرائيلية: "إيران أقرب من أي وقت مضى لإنتاج أسلحة نووية".
وأضاف: "هذا هو الواقع الذي سيتدخل نتنياهو فيه. بالنظر إلى الأهمية التي يعزوها للتهديد النووي، وتصريحاته العديدة في الماضي، من المفهوم أن هانغبي وآخرين يعتقدون أنه سيهدف إلى توجيه ضربة أحادية الجانب، على افتراض أن هذا ليس مجرد إلهاء آخر يهدف إلى صرف الانتباه عن جهوده القانونية للبقاء على قيد الحياة)" في إشارة لمحاكمته بتهم الفساد.
وتابع: "هناك اقتراحات بأنه في سن 73، قد تكون هذه الولاية الأخيرة لنتنياهو، وسيسعى لأن يترك إرثا، ومن الأفضل أن نتذكره بسبب مهاجمته لإيران، وليس فقط لتقويض حكم القانون في الديمقراطية الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "نتنياهو سيتولى مسؤولية المحادثات الإيرانية محاطًا بمجلس وزراء ذي الخبرة أمنية ضئيلة، الشخص الوحيد الذي لديه مسيرة عسكرية حقيقية في سيرته الذاتية سيكون الميجر جنرال (احتياط) يوآف غالانت، وربما يتولى وزير الدفاع القادم، في غضون ذلك، سيكون العضو الأكثر خبرة في هذه الحكومة الجديدة، وربما الأكثر حيادية فيما يتعلق بالقرارات الأمنية، هو زعيم شاس آرييه درعي".
ولفت هارئيل إلى أنه "كان هناك تطوران رئيسيان داخل إيران خلال الشهرين الماضيين. أولاً، اندلعت موجة من المظاهرات ضد اضطهاد النظام للمرأة. وقد وصفت بالفعل بأنها أكبر حركة احتجاجية منذ عام 1979".
وأضاف: "ثانيًا، تم الكشف عن أن إيران تزود روسيا بمئات الطائرات بدون طيار الهجومية المستخدمة في غزو أوكرانيا".
وتابع: "ألقى هذان التطوران بظلال شديدة على علاقات إيران مع الغرب، مما جعل من الصعب على بايدن التوقيع على اتفاقية نووية جديدة الآن. قد تستأنف المحادثات بعد انتخابات التجديد النصفي يوم الثلاثاء في الولايات المتحدة، لكن من الصعب تحديد موقف إدارة بايدن، خاصة إذا ما تعرض الحزب الديمقراطي لهزيمة في صناديق الاقتراع، كما هو متوقع على نطاق واسع".
وكشف هارئيل النقاب أن "الكثير من الخطابات في إسرائيل في السنوات الأخيرة بشأن هجوم أحادي الجانب على إيران كانت فارغة، وانطوت على قدرات خيالية. على مدى العقد الماضي، قام الإيرانيون بتحصين أجزاء شديدة من مواقع برامجهم النووية، وأخذوا منشآت إنتاج في أعماق الأرض ونثروها على مواقع متعددة".
هجمات عن بُعد
المحلل عاموس هارئيل قال أيضا: "قد يكون إيقاف البرنامج قابلاً للتحقيق من خلال وسائل أخرى، مثل الهجمات عن بُعد أو الهجمات الإلكترونية أو التخريب مثل النوع الذي نُسب إلى إسرائيل في الماضي".
وأضاف هارئيل: "في كلتا الحالتين، خلال العام الماضي، قدمت الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها تمويلًا إضافيًا للجيش للتحضير لتجديد خيار الضربة الإيرانية.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، منشغل بالفعل بهذا الأمر. ومن المتوقع أن يواصل خليفته، اللواء هرتسل هاليفي، العمل".
ومن جهة ثانية فإن ثمة من يرى أن الولايات المتحدة لن تعود للاتفاق مع إيران ولذا لن تكون هناك خلافات مع إدارة بايدن.
وكتب ارئيل كاهانا، المعلق السياسي في صحيفة (إسرائيل هيوم) اليمينية، في مقال تابعته "العين الإخبارية": "إذا كانت الإدارة الأمريكية عاجزة على الجبهة الفلسطينية، فإنها على الجبهة الإيرانية تواجه طريق مسدود بالكامل. الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران تحطمت على الصخور. ليس فقط أنه ليس هناك اتفاق (أطول وأقوى) كما وعد وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، لا يوجد اتفاق نووي على الإطلاق".
وأضاف: "قدم الأمريكيون الكثير لإيران، لكن ذلك لم يكن كافياً للمرشد علي خامنئي.. الآن بعد أن ساعدت إيران روسيا وقمع الاحتجاجات في الشوارع بعنف، وصلت الرغبة الأمريكية في توقيع اتفاقية مع طهران إلى الحضيض".
واعتبر كاهانا أن "الاتفاق النووي مات في الماء.. ستجد الحكومة الإسرائيلية الجديدة جمهورا أمريكيا منتبهًا لأية اقتراحات من إسرائيل.. إذا كانت الفكرة هي "الضغط الأقصى" التي كانت سياسة إدارة ترامب، فإن إدارة بايدن تدعي أنها لم ترفع أيًا من العقوبات التي فرضها الرئيس السابق، على العكس من ذلك، تُفرض كل أسبوع تقريبًا عقوبات جديدة على كبار مسؤولي النظام الذين يقودون قمع الاحتجاجات".
واستدرك: "لكن الضغط الأقصى لم يردع الإيرانيين. كما نعلم بالفعل، فإنهم يقفون على أعتاب قريبة من حالة العتبة النووية.. إذن فما هو الحل؟ حتى العملية العسكرية، التي يستعد الأمريكيون للقيام بها في حال حصل الإيرانيون على قنبلة، ليست حلاً طويل الأمد في نظرهم. إذا ماذا؟"
واختتم حديثه: "في غضون شهر أو شهرين آخرين عندما يأتي نتنياهو إلى البيت الأبيض لعقد أول لقاء له مع الرئيس بايدن كما هو معتاد لكل رئيس وزراء جديد في بداية ولايته، هذه هي الأسئلة التي ستطرح".