تكررت الرغبة لدي في الكتابة عن ظاهرة نقل الطلبة خاصة طلبة المدارس والأطفال منهم فيما تدعى بحافلات الكيا H100 التي تملأ الحارات وأبواب المدارس العامة صباحاً ومساءً وهي تنقل الأطفال بعد تكديسهم حرفيا، في كل زاوية من زوايا الباص وجنباته، كم تبادر لذهني سؤال : كيف قام السائق بحشر الأطفال بالعشرات في مساحة يفترض أنها لا تتسع لأكثر من 4 أو 6 طلاب، طلبة من مختلف الأعمار مع حقائبهم وحاجياتهم المدرسية يجبرون يوميا لمرتين على أن يجدوا أنفسهم في أضيق مساحة ممكن تخيّلها داخل باص متآكل ويصبح بعد إغلاق الباب الخلفي على الطلبة وكأنه صندوق موتى متحرك أو مستودع للتخزين.
بالأمس شاهدت إحدى تلك الحافلات مساءً التي كانت محملة بالأطفال من طلبة المدارس وقد تصادم مع عدة مركبات أخرى، وشاهدت عدداً من الطلاب والطالبات خارج الباص على الأرض لكنهم بحالة جيدة وإن ظهر عليهم الخوف مما حدث لهم.
وفي موقع آخر شاهدت باصاً يجلس على المقعد الأمامي بجانب السائق خمسة أطفال أو أكثر متراصين وكأنهم في علبة سردين.
وثالثة شاهدت سائقاً وهو يفتح الباب الخلفي للباص من اجل تنزيل طالب وتوصيله إلى الجانب الآخر من الشارع، كان مشهداً مروعاً حيث لا ادري حتى اللحظة كيف يتم رصّ الطلبة في تلك المساحات المغلقة بلا نوافذ أو تهوية.
أيضاً يقوم السائق بدور المرافق للأطفال بحيث يتم في كل حالة إنزال لطالب أن يوقف المركبة ويوصله إلى باب المنزل.
لا أدري هل يتم الترخيص لمثل هذه الحافلات التي لا توجد فيها أدنى درجات السلامة والوقاية، وفي حالة الحوادث هل يتم تغطيتها تأمينياً. والسؤال بشكل مباشر: هل تعتبر عمليات النقل هذه غير مرخصة ومخالفة يستحق عليها الباص إجراء قانوني ؟
هل ننتظر حتى تحدث كارثة كبرى أو مصيبة عظيمة كي يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل تأمين نقل الطلبة بشكل آمن وحضاري وإنساني.
إن هذه الظاهرة تستوجب المراجعة الجادة بحقها والعمل على منعها تماما، واستبدالها بوسائل نقل آمنة ومريحة وتستوعب أعداد الطلبة المتزايد.
لا نريد أن ننتظر حتى وقوع حادثة فظيعة وفاجعة حقيقية كي نشرع في تصويب الحالة، هؤلاء أبناؤنا وضميرنا والجزء الطيب النقّي منا، فلنعمل ألف سبب للوقاية خير من أن يداهمنا سبب واحد للفجيعة. سبب كافٍ كي نندم عندما لا يعود للندم أية قيمة أو معنى.