سميح المعايطة - إذا كان هناك أطراف مثل الأردن والسلطة الفلسطينية لا يريدون عودة نتنياهو لحكم إسرائيل بعد سنوات كانت متخمة بالعدوانية وتجاهل الحق الفلسطيني والاستفزازات في القدس فإن هناك دولا تفضل عودة نتنياهو أو على الأقل لا تشكل عودته مصدر قلق سياسي، والبعض ليس معنيا بمن يحكم إسرائيل لأن ملف فلسطين اصبح ملفا ثانويا لدى جزء من عالمنا العربي والإسلامي.
وهذه الدول في محيطنا العربي والإسلامي هي التي لا يهمها ولا يعنيها ما الذي يجري على صعيد القضية الفلسطينية، ولا تمثل سياسة نتنياهو العدوانية بحق الفلسطينيين اي مصدر قلق لها، وليست معنية بأن تكون هناك مفاوضات جادة بين إسرائيل والفلسطينيين او اقامة دولة فلسطينية.
وهناك أطراف لم تعد مقتنعة أو معنية بالسلطة الفلسطينية، وربما ترى فيها كيانا لا يستحق أي تعاطف ولهذا فوجود شخص مثل نتنياهو لديه سياسة قاسية جدا بحق السلطة ولا يرى فيها أكثر من ذراع أمنية لإسرائيل، وجود نتنياهو بالنسبة لهؤلاء امر يبعث على الارتياح بل قد يجد تشجيعا من تحت الطاولة.
وأي طرف في الإقليم وعالمنا العربي والإسلامي له علاقة او تفاهم او اتفاقات مع إسرائيل ولا يرى ضرورة لأي ارتباط بين العلاقة الثنائية وما يجري على المسار الفلسطيني لا يزعجه وجود نتنياهو الذي لا يجد نفسه مضطرا للجلوس مع الفلسطينيين واعطائهم اي حق.
وحتى في الإطار الفلسطيني ورغم ان سلطة رام الله مخلصة في تنفيذ تفاهماتها الأمنية مع إسرائيل إلا أن طريقة نتنياهو في التعامل بكل ما فيها من عنجهية وفوقية يريدها البعض لرئيس السلطة وفريقه من خصومه في تقسيمات الطيف الفلسطيني، فلعبة التناقضات داخل البيت الفلسطيني بكل تفاصيله تجعل البعض يرى في حكومة يمينية متطرفة يحكمها نتنياهو تخدم مصالحه القريبة والبعيدة.
وفي الملف الايراني فإن خذلان الإدارة الاميركية لخصوم ايران من اصدقائها يجعل البعض يرى الحكومة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو متشددة تجاه اعادة الاتفاق النووي بين ايران والغرب، وما يزال للخيار العسكري ضد ايران مكان في برنامجها، تجعل من هذه الحكومة خيارا مفضلا على حكومات إسرائيلية اقل خشونه.
وعلى صعيد العلاقة مع اميركا فإن من يفضلون حكم الجمهوريين مثل ترامب للولايات المتحدة الأميركية يرون ان نتنياهو ليس خيارا مفضلا للديمقراطيين مثل بايدن، وان فوز نتنياهو ليس مريحا لإدارة بايدن، وان كان هذا لا يؤثر على مكانة إسرائيل لدى اميركا، ولعل فوز نتنياهو يفتح شهية خصوم بايدن لتمني خسارت حزبه في الانتخابات النصفية للكونغرس التي ستجري هذا الشهر.
نتنياهو مطلوب لمن يريدون رئيس وزراء اسرائيليا قويا يقود ائتلافا قويا، لأنه القادر على بناء العلاقات وتطويرها واتخاذ خطوات مختلفة وخاصة لمن يريدون علاقات منفصلة عما يجري على المسار الفلسطيني.