مكرم أحمد الطراونة - التغيير لم يعد مقتصرا على الحكومة التي أجرت تعديلا على فريقها، أو على مجلس الأعيان الذي أعيد تشكيل أعضائه، بل سيشمل، كذلك، رئاسة مجلس النواب، الذي على ما يبدو أن شخصا جديدا في طريقه إلى رئاسته بعد عبد المنعم العودات في عامه الأول، وعبد الكريم الدغمي في عامه الثاني.
النائب أحمد الصفدي، والذي احتفظ بمقعده تحت قبة البرلمان منذ المجلس النيابي الخامس عشر، هو الرئيس المقبل. هذا التأكيد تفرزه واقعة منزل الدغمي التي أثارت حينها تساؤلات عديدة، بعد أن أعلن فيها الصفدي نيته الترشح من هناك، وبدعم من الدغمي نفسه.
هذا الإعلان جاء في أعقاب حالة من الصمت والضبابية سادت أجواء انتخابات الرئاسة لأكثر من شهر.
وعلى عكس انتخابات رئاسة مجلس النواب الأخيرة، والتي كانت صعبة على الدغمي (حصل على 64 صوتا مقابل 58 صوتا لمنافسه النائب نصار القيسي)، فإن المؤشرات تقول إن الصفدي في طريقه لخوض معركة سهلة وفي متناول اليد، خصوصا أن هناك أقطابا في المجلس الحالي، مثل القيسي نفسه، والنائب خليل عطية، توافقا على الصفدي، بحسب ما رشح مؤخرا.
النائب القيسي، على ما يبدو قد سئم من محاولات الترشح لمنصب الرئيس، وذهب إلى عدم ترشيح نفسه لاعتبارات أسرّ بها إلى البعض، وكان من الممكن أن يشكل الحالة التنافسية الأكثر شراسة في مقابل النائب الصفدي، الذي ستكون أمامه دورة عادية تنطلق في الثالث عشر من الشهر الحالي بخطاب العرش، وهي دورة ليست متخمة بمشاريع القوانين، إذا ما استثنينا القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي الذي ما يزال في عهدة الحكومة حتى اليوم.
هذا يعني أن هناك فرصة أمام المرشح الأبرز لترتيب أوراقه الرئاسية من جانب، والتفكير مليا فيما يحتاجه مجلس النواب من تطوير في نظامه ولجانه وأدائه التشريعي، من الجانب الآخر، وهذه هي التحديات الأبرز التي ستواجه الرئيس المقبل.
يملك الصفدي أدوات إن استخدمها بصورة جيدة فقد تساعده على النجاح، خصوصا ونحن نتحدث عن شخص كان نائبا لرئيس المجلس، أي لديه مقومات إدارية، ويمتلك أيضا خبرة تشريعية تعود امتداداتها إلى المجلس الخامس عشر. إذن، لا بأس من أن يأخذ فرصته قبل إطلاق منظومة التقييم والتحليل والتنبؤ المسبق بالنتائج، خصوصا أن هناك العديد من الأصوات التي خرجت لتلصق به كثيرا من الصفات، مثل أنه جيء به على صهوة حصان بدأ الجري من منزل الدغمي نحو رئاسة النواب، وأنه عيّن قبل أن ينتخب!
المجلس النيابي لم يثبت وجوده لغاية اليوم، والشارع الأردني لا ينتظر منه الكثير ليقدمه في ضوء تجربة العامين الماضيين. هذا الأمر، بالتأكيد، لم يكن مرتبطا بقوة أو ضعف شخص وأداء الرئيسين؛ العودات والدغمي، وإنما لانشغال النواب أنفسهم في تشكيل هويتهم الخدمية على حساب جوهرهم التشريعي، ولا أعلم كيف يمكن للصفدي، في حال انتخابه رئيسا، مواجهة هذه المآزق التي اتسعت مؤخرا، لتعطي صورة للمجلس، لكنه، حتما، سيعاني الأمرّين من سيطرة حكومية على مجلس نيابي كل همّ معظم أعضائه الحصول على امتيازات من أجل تقديمها لقواعدهم الشعبية.
في المحصلة، حتى لو كان طريق الصفدي مزروعا بالورود باتجاه رئاسة النواب، لكنه حتما مليء بالتحديات، التي باستطاعتها عرقلة مسيرة أي راغب بالعمل والإنجاز، ومن الصعب جدا تجاوزها، غير أن ذلك لا يمكن أن يكون مستحيلا.