زاد الاردن الاخباري -
هذه إنسانة حقا ،فنانه حقا ،حباها الله من نفحات الأنبياء المؤكده، والواضحه الشيء الكثير. يتدفق من روحها ومشاعرها وقلبها من إنسانية المسيح ورحمة محمد عليهما السلام ما يذهلك، وأكتنزت من صبر ايوب ومحنة موسى وما واجه يوسف الشيء الكثير ،والكثير جدا،اضافة لما حل باهلها من اهوال، وشدائد تاريخيه ،فظيعه ،مفزعه ومروعه ،هزت البشرية كلها،ولكونها فنانة ،بكل معنى، وعمق، وشفافيه هذا العنوان الرفيع،وهذا بات نادرا في عصرنا الحاضر،- حيث يخلع هذا العنوان الرفيع بسهوله لمن غير جدير بحمله إطلاقا-،ضاعف ذلك ،من وقع كل هذه الكوارث والمحن على ذاتها الراقيه، ومشاعرها المرهفه فعلا ،مما فاقم من معاناتها ،وتفاعلها معها وتلاحمها بها ،لكنها ،والحق يجب ان يقال، ويعترف بها وبمكانتها الكبيره فعلا ،ولكونها كذلك حقا ،تصدت لظواهر العصر المدمره الكبرى ،كالتطرف ،والطائفيه واقتراف افظع المجازر وابشع الجرائم باسم الدين ،واجهت كل هذه الظروف ،المليئه بالنكبات المتواليه ،بصبر عجب منه العجب ذاته ،وبحكمة من شعاع حكمة الانبياء ،وبروحية الفنان الحق ،وذاته الباسقه ،وإيمان بالله لا يتزعزع ،فولدت للبشريه إنسانة فريده ،تتحلى بارقى صور الإنسانيه وألطفها ، انها ،فنانة تشكيلية خلاقة فعلا ،متميزه ،لا مثيل لها على الإطلاق،ولذلك ارغمتني، وبمحبة قوية ساحقه ،راسخه للكتابة عنها،وأنا المتأثر جدا ،بما تعرض له اهلنا الارمن من فواجع متلاحقه،ورغم كل ذلك لم تتسلل الغلظه إلى قلوبهم الطيبه، وذاتهم النبيله ،ومشاعرهم المرهفه ،بفعل مرارة ما تعرضوا له.بل تمسكوا بإنسانيتهم ولطفهم ،ورقيهم وطيبتهم اكثر ،فاكثر ،عقب كل محنه تعرضوا لها،رغم ان علم الاجتماع يفيد بخلاف ذلك،لكن طبببتهم ورقيهم غلبت كل ذلك. هذه الفنانة بحق ،هي فنانة كل شعوب الارض والامم،فنانة الإنسان الطيب حيثما كان.فنانة الإنسانية كلها،عبرت عن مأساة الإنسان بصدق ،وبمنتها المهاره والبراعه،قدمت لنا صورا بشريه مشوهه ،لكنها غير مقرفه،على العكس ،هادئه رغم ما يعتمل بداخلها من معاناة متلاطمه ، نتعاطف معها بقوه جارفه وتشدنا اليها بصورة لا نظير لها،كما شاهدنا لوحات فنيه مليئه بالسخريه السوداء ،لكن بروحية تجذبك اليها ،ريشتها تجمل الحياة وتحول مراراتها إلى لطف ورقي وهدوء وسكينه،نعم بكل صدق ووضوح هذه فنانة خالده ،واعمالها ستبقى كذلك،هي عابره للزمن ،تلمس في لوحاتها معاناة الإنسان عموما ،وكل ما تعرض له، في الماضي والحاضر ليس المواطن الارمني فقط ،نعم وجدنا فيها معاناة المواطن اللبناني والعراقي والليبي والفلسطيني والسوري واليماني والافريقي والاوكراني ومعاناة كل إنسان وشعب وامه تعرضت لمحنة وبلاء،وتفاعلنا معها بتأثر عميق ،جارف،ولطالما كررت القول : ان من لا يتفاعل مع معاناة الإنسان عموما ،إلا حين يصاب فقط ،هو او اهله او ابناء بلده بنكبه ما، هو ليس إنسانا ولا فنانا على الإطلاق ،بل سماته نقيض سماتهما،لذلك اقول : هذه أول فنانه بحق ،تنال كامل اعجابي ،وتقديري واعترافي ،بتكامل قدراتها ومواهبها ،وإحاطتها بكامل إدواتها ،ومهارات الفن الرفيع ،الخلاق حقا ،المتجدد حقا ،المدرك لكل معطيات العصر، وما يزخر به ،من متغيرات كونيه كبرى ،وقفزات معرفيه وعلميه متلاحقه ،تركت بصمتها الصارخه على حياة الإنسان حيثما كان، وما تعرضت له القيم البشريه القويمه، من تشويه، فاقم من معاناة الإنسان، بينما كانت تساهم في رفع درجة قوة مناعته، ومقاومته لمحن الحياة قبل محاولات تشويهها وطمسها والقضاء عليها، رجاء نيكولاس فنانه بحق تقود المأساة و تأبى ان تقودها المأساة ، أكبر من كل مأساة، كما هم اهلنا الارمن هكذا تماما ،رغم ما يتلاطم بداخلها من قلق واضطراب ،إلا انها تتحكم به ،تخنقه، تبسط سيطرتها الكامله عليه، وتبدو رايقه جدا ،هادئه جدا ،وهذه هي السمات الراقيه الهادئه للأرمن، والمحبوبة دوما ،حقا، لقد حباها الله من نفحات الانبياء الشيء الكثير والمثير، الفنانه التشكيليه البارعه رجاء نيكولاس البشرية كلها اليوم تفخر بك، وليس الأرمن وابناء شعبك ووطنك لوحدهم ،فنانه رفعت مكانة الأرمن والإنسان والفن التشكيلي - وانا المولع به إلى حد الهيام -حتى عانقت الثرى ،الرسامه المتألقه رجاء اسعدتنا اسعدك الله