أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الأردن .. بدء استقبال طلبات التوظيف لأبناء المتقاعدين العسكريين Signature من بنك القاهرة عمان يرعى فعالية دوليّة لدعم صحة المرأة النفسية والروحية والجسدية 10 شهداء في سلسلة غارات إسرائيلية على صور جنوب لبنان بعد ظهوره بفيديو تداوله الأردنيون .. وفاة الشاب نادر الزبون "الطاقة" تعتمد "الكاشف الخاص بالكاز" لضمان جودة المشتقات النفطية بورصة عمان تنهي تداولاتها على انخفاض قرابة 600 ألف زائر لتلفريك عجلون منذ تشغيله الأردن .. تراجع الإيرادات الضريبية عن المقدرة بموازنة 2024 ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 44,235 بريطانيا: سنتبع "الإجراءات الواجبة" إذا زار نتنياهو البلاد الكرك الأقل .. تعرفوا على موازنة المحافظات الأردنية السياحة مشلولة بإسرائيل و90 فندقا أغلقت أبوابها منذ اندلعت الحرب ارتفاع عوائد الحكومة من مطار الملكة علياء 30 مليون دينار الملكة رانيا: مواهب محلية في الأردن لا توصف مشروع قانون الموازنة الأردنية لسنة 2025 - رابط المياه: ضبط اعتداءات كبيرة على نبع وادي السير الحنيطي يكرم عددا من ضباط وضباط صف القوات المسلحة مبابي يسجل أخيراً في فوز ريال مدريد على ليغانيس محمد صلاح ينتقد إدارة ليفربول بشكل علني رئيس ريال مدريد يكشف سبب مقاطعة النادي حفل الكرة الذهبية
الصفحة الرئيسية عربي و دولي العراقيون وحكوماتهم .. أزمتا الثقة والأمل 

العراقيون وحكوماتهم.. أزمتا الثقة والأمل 

العراقيون وحكوماتهم .. أزمتا الثقة والأمل 

20-11-2022 09:32 AM

زاد الاردن الاخباري -

استلهمتُ عنوان المقال من منشور على صفحة الفيسبوك لأستاذنا الدكتور عماد عبد اللطيف سالم تعليقًا على البرنامج الوزاري لحكومة السيد محمد شياع السوداني، إذ كتب فيه: "العراق يعاني من أزمتين راسختين في الوعي المجتمعي، لم يتم ذكرهما في البرنامج الحكومي. هاتان الأزمتان هما: أزمة الأمل، وأزمة الثقة بقدرة الحكومة على تحقيق هذا الأمل. الأمل في تحقيق شيء، والثقة في امتلاك القدرة على تحقيقه.. هما كلّ ما نحتاج إليه الآن". 

محمد شياع السوداني تصدّى لتشكيل حكومة في بيئة من التناقضات السياسية وفقدان بوصلة تحديد الأعداء والحلفاء، وحقول ملآى بالألغام. إلا أنه قبِل التحدي، ومن ثمَّ ستكون حكومته مطالبة بتقديم نمط جديد من الإدارة والممارسة.  

والتحدي الأكبر هو كيف يمكن أن يثق المواطن بأن خطوات عمل هذه الحكومة هي لمصلحته وليس لاستمرار التخادم بين الحكومة والطبقة السياسية فحسب، ولعلّ الثقة هي مفتاح استعادة الأمل بالحكومة. 

وبعيداً عن خطاب المتشائمين، وخطاب جوق المطبّلين لحكومة السوداني ومَن يعتبرها نصرًا على خصومه السياسيين، فإنَّ الشارع العراقي ينظر إلى وجود هذه الحكومة باعتبارها ضرورةً لاستحقاقات مرتبطة بتفاصيل حياته المعيشية اليومية، التي تعطّلت كثيرًا بسبب المأزق السياسي الذي استغرق زمنًا طويلًا لحلّه، ورافقته كلفٌ مدمّرة ساعد عليها الشلل السياسي والحكومي، جعلت هذا الشارع مترقبًا ومرحّبًا، بل وراضيًا بأيّ حلّ سياسي. 

وبعد تكرار الخيبات من الحكومات السابقة، وفقدان الأمل والثقة بأنَّ تغيير الحكومات يمكن أن يحمل تغييرًا على مستوى حياتهم اليومية، بات العراقيون لا يحلمون بمعجزة اقتصادية ولا القفز بمعدلات النمو، ولا أن يكون العراق ضمن قائمة الدول العربية والإقليمية الصناعية والزراعية، ولا أن يعيشوا في ظلّ دولة الرفاه! وإنما باتت أمنياتهم محصورةً باستعادة الدولة أولاً وأخيرًا؛ لأنَّ غياب الدولة يعني غياب القانون وسطوة جماعات السلاح المنفلت، والعيش تحت سطوة مافيات الفساد.  

حتّى الفساد الذي لا يختلف على وجوده ومظاهره اثنان من العراقيين تحوّلت المطالبة بمحاربته إلى نوع من الأمنيات التي يتحدّث عنها المواطن! وأصبحت مطالبه بأن يكون هناك حدودٌ معينةٌ لِلفساد، لا أن يجدها في المستشفيات العامة وفي الطرقات العمومية التي تحولت تسمياتها إلى (طرق الموت)، وأن تصله مفردات البطاقة التموينية كاملة وفي توقيتها الشهري، بدلاً من أن يكون نصفها مسروقًا ونصفها الآخر غير صالح للاستهلاك البشري! 

العراق برَيعه النفطي لا يريد من حكومته إلا أن تحقق حدًا مقبولًا من سلطة القانون التي تُفضي إلى إيقاف الفساد وإبعاد سطوة أحزاب السلطة ومن يرتبط بها من مافيات المال والسلاح عن مشاريع الخدمات العامة والاستثمار، عند ذاك فإن عوامل السوق ستعيد للاقتصاد توازنه وتكون الدولة مؤتمنةً على ثرواته المادية التي هي هبة الله من غير جهد، وعليها فقط أن تفلح في توزيعها، إذ أنَّ غاية الطموح المنظور هو أن يكون العراق دولة خدمات مع شبكة ضمانات اجتماعية تتأسس على العدل وتقليص الفوارق. 

على رئيس الحكومة أن يدرك بأنَّ المواطن تجاوز مرحلة الملل والتذمّر من سماع التصريحات الحكومية التي تتناقلها كاميرات فريقه الإعلامي، ووصل إلى مرحلة القرف من كلّ الخطابات التي تنتقد الماضي وتثرثر بالتحديات التي تواجه عمل الحكومة وتشخّص الأخطاء فقط ولا تقدّم آفاقًا لِلحلول.  

المواطن غير معني بالمساومات والترضيات في توزيع المناصب العليا في الدولة على حاشية الزعامات السياسية، فما يهمّه هو المنجز الاقتصادي والخدمي الملموس، وتحقيق أمنيته تكمن باستعادة العيش في ظلّ الدولة والقانون، لا تحت حكم قوى السلاح المنفلت. 

الثرثرة السياسية لا تبني دولةً ولا تمنح المواطن الثقة بالحكومة، والشعارات التي يرفعها السياسيون باتت محلًا للسخرية أكثر من كونها تحمل بوادر الأمل بتحقيقها. وهذا ليس ذنب المواطن الذي بات يتذمّر ويسخر من كلّ العناوين السياسية، وإنّما من يتحمّل المسؤولية هي القوى السلطوية التي فشلت في إقناع المواطن بأنّها تمثّله وتحمل رغبته في حياة كريمة وتأسيس دولة تتعامل معه كمواطن وليس تابعًا لهذه الطائفة أو يقدّم الولاء لهذا الزعيم؛ حتّى يحصل على وظيفة حكومة أو فرصة عمل أو تأمين لقمة العيش.  

السوداني أمام تحديات كبيرة وخطيرة، ولكنّه لن يستطيع النجاح في مواجهتها إلا إذا تجاوز خطاب التذمّر والتشكي، وتجاوز الشعارات الشعبوية والعناوين الطائفية والقومية التي يتوهم زعماء الطبقة السياسية أنّها مصدرٌ لِشرعية بقائهم بالحكم. إذ عليه التفكير باستراتيجيات واضحة وصريحة تستهدف تفاصيل حياة المواطن اليوميّة، وتكون خطوات تنفيذها هي الطريق الوحيد لمدّ جسور الثقة بين المواطن والحكومة. ومن ثمّ تكون شرعية المنجَز هي الرهان على بقائه في المنصب وليس الترضيات والتنازلات للزعامات السلطوية، فحسب. 

استعادة ثقة المواطن بحكومته، والأمل بقدرتها على ضمان متطلباته هو من يقوّي الحكومة ويوفّر لها إجماعًا سياسيًا وشعبيًا يضمن صلابة موقفها في مواجهة القوى والأحزاب التي تريد أن تمارس هوايتها بإضعاف الدولة والحكومة معًا. والمنجَز الاقتصادي والخدمي الذي تقدّمه الحكومة لِلمواطن سيكون بمثابة السلاح الأقوى الذي تواجه به ضغوطات القوى السياسية ورغباتها النرجسية التي تمارسها ضدّ الدولة. ولكنَّ الأمل بالحكومة واستعادة الثقة فيها يحتاج إلى إرادة قويّة، وإلى عزم شديد ورغبة صادقة لا تعرف الضعف، والابتعاد عن الكذب والرياء والنفاق والأقنعة الزائفة في طرح تصورات ومعالجات لملف الفساد ولمعضلة سلاح القوى الموازية لِلدولة، ولتصبح بعد كلّ ذلك واقعيّة وملموسة وليس شعارات مملة. 








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع