منذ سنوات بعيدة ترسخت في ذهن القيادة الإيرانية قناعة وقرار بأن لا تخوض حربا بجيشها وعلى أرضها مثلما كانت حربها مع العراق، وذلك بعد الآثار المدمرة للحرب العراقية الإيرانية على البنية التحتية والاقتصاد والمجتمع والجيش الايراني، ولهذا تبنت ايران سياسة بناء المخالب التي تعمل في ساحات دول اخرى، أما الارباح من نفوذ ومكاسب سياسية وأمنية واقتصادية فتعود على ايران.
وآخر فصول الحكاية صواريخ وطائرات اسرائيل التي لم تتوقف منذ سنوات عن قصف الأرض السورية لكن الاهداف اسلحة ايرانية او مخازن وقواعد عسكرية ايرانية، فسورية التي استفاد نظامها السياسي من دعم ايراني العسكري له عبر الميليشيات الطائفية وخبرات الحرس الثوري تسدد جزءا من فاتورة هذا الدعم بتلقيها القصف الذي لم يتوقف منذ سنوات للأرض والمنشآت السورية التي يستعملها الإيرانيون وميليشياتهم.
الصراع مستمر بين ايران التي تسعى لبناء نفوذ عسكري وتسليح ميليشياتها في سورية ولبنان وبين اسرائيل التي ترفض هذا، أما القصف فهو على سورية وكأن الشعب السوري ينقصه قصف ودمار.
وفي أكثر من مرة كانت الأرض اللبنانية هي الساحة في معركة توسيع النفوذ وليس المبادئ بين ايران واسرائيل عبر اكثر من حرب على لبنان كان حزب الله هو الاسم اللبناني لإيران وكانت اسرائيل على الطرف الآخر، تماما مثلما كان التفاهم وتبادل المصالح بين ايران من جهة وأميركا واسرائيل من جهة اخرى في اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل والذي كانت الدولة اللبنانية هي الشكل الخارجي، فالقرار كان ايرانيا بالموافقه، أما قوة الدفع اللبنانية فكان حزب الله والتنفيذ عبر رئيس شكلي هو رئيس لبنان السابق.
وحتى بعض الرسائل التي ترغب ايران بإرسالها الى اميركا احيانا في العراق فتتم عن طريق ميليشيات ايران العراقية وعلى الارض العراقية، وكذلك حرب اليمن وحتى حرب المخدرات الإيرانية التي تستهدف الاردن لكن من خلال الارض السورية وبتواطؤ من بعض قطاعات الجيش السوري.
مابين اسبوع وآخر يصحو الشعب السوري على استهداف اسرائيلي والأهداف ايرانية، رغم ان النظام السوري ومنذ اتفاق الهدنة عام 1974 لم يطلق طلقة ولم يسمح لأي شخص بأي نوع من المقاومة للاحتلال الاسرائيلي للجولان.
إيران ومنذ ان طلب الخميني وقف اطلاق النار مع العراق اغلقت ارضها امام اي حرب، لكنها اليوم تستخدم ساحات عربية في معاركها لتوسيع نفوذها في الإقليم، وربما مثلما كانت وراء اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل تكون وراء اتفاقات سلام اخرى مع اسرائيل لأطراف اخرى اذا اقتضت مصلحة ايران ذلك بما فيها معركتها الداخلية التي تخوضها الآن مع جزء من شعبها..