لفت انتباهي ما كتبه أحد الأشخاص على أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن جسر الشيخ حسين الواقع في الأغوار الشمالية ، حيث أشار بالإستناد الى موسوعة ويكيبيديا أن هذا الجسر بناه شخص يُدعى حسن عبد الهادي الشقران من عرابه جنين ، وهذه المعلومة غير صحيحة على الإطلاق ، وأود أن أكشف بأن موسوعة ويكيبيديا تتيح لأي مستخدم كتابة وتحرير وإنشاء وإضافة أية أخبار أو معلومات الى وثائقها ، وتعلن الموسوعة انّه من حق أي شخص أن يعدل ما يشاء ، وليس شرطاً أن تكون معلوماته موثقة .
فبعد معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 26 – 10 – 1994 ، تمَّ في شهر تشرين ثاني من نفس العام وبرعاية سمو الأمير الحسن بن طلال ولي العهد حينذاك ، ورئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاق رابين افتتاح جسر الشيخ حسين التابع للواء الأغوار الشمالية / محافظة اربد .
وفي كلمة الإفتتاح أشار سموه الى عدم معرفته من أين جاءت تسمية هذا الجسر بجسر الشيخ حسين ، فبادرتُ عقب المناسبة بكتابة مقال في جريدة الرأي نشرته في شهر كانون ثاني 1995 ، أوضحتُ فيه بأن المنطقة سُميّت منذ عهد بعيد بمنطقة الشيخ حسين ، نسبة الى الشيخ حسين الوشاح الذي هاجر قسراً مع والده الأمير وشاح بن عامر وشقيقيه حسن وعبد القادر الى الأردن وتحديداً الى السلط قادمينَ من الحجاز قبل حوالى 260 عاما ، حيث كان الأمير وشاح قبل المذبحة التي المّت بقومه بسبب حروب قبلية حاكماً لمنطقة سايه الواقعة بين مكه المكرمة والمدينة المنورة ، وبعد وصوله مع عائلته الى البلقاء قامت عشائر عبّاد بمنحه أرضاً واسعة في منطقة بطنا جنوب السلط .
ومن بعد وفاته في المنطقة انتقل نجلاه الشيخ حسين وشقيقه الشيخ عبد القادر في فصل الشتاء الى الأغوار الشمالية طلباً للدفئ ، في حين بقي الشيخ حسن مع عائلته وماشيته في منطقة بطنا ، وهو جدّ عشيرة الوشاح الموجودة حاليا في السلط ومحيطها .
ومن هناك في الأغوار انتقل عبد القادر الى فلسطين ، في حين بقي الشيخ حسين في نفس المنطقة التي نال فيها محبة أهلها لعلمه الواسع وحكمته البالغة ، ومنحه سكانها أرضاً مشجّرة بمساحة 10 دونمات وفيها نبع ماء لا زال حتى الآن يحمل إسمه ، وتكريما لهذا الشيخ تمّ تسمية المنطقة بإسمه – منطقة الشيخ حسين – وعند وفاته جرى دفنه في ذات المزرعه ، حيث بقي ضريحه مزاراً مباركاً لدى الناس لسنوات طويلة ، ومقصداً لطالبي الشفاء والرجاء حسب الاعتقاد السائد بينهم ، وقد قمتُ بنفسي عام 1995 بزيارة الموقع وقرأت الفاتحة على قبر الشيخ حسين ، كونه واحداً من أجدادي السابقين .
أما الجسر فقد بناه الأتراك على نهر الأردن قبل قدوم الشيخ حسين الوشاح الى المنطقة ، والغاية من بنائه لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية والبضائع وتسهيل الحركة التجارية بين بلدان سوريا والأردن وفلسطين ، التي دخلت جميعها تحت الحكم العثماني في عهد السلطان سليم الأول عام 1516 م ، وعند وصول الشيخ حسين الى هذه المنطقة الواقعة في الأغوار الشمالية تمّ تسميتها وتسمية الجسر بإسمه ، وهو جسر الشيخ حسين بن وشاح بن عامر الذي يمتد نسبه الى قبيلة بني سُليم العدنانية ، وعليه فإني أتمنى على الباحثين وعلى موسوعة ويكيبيديا تعديل الخطأ الوارد في الكتابة عن الجسر المذكور .
Jordan.weshah@gmail.com