مهدي مبارك عبد الله - في سياق المفاوضات والتفاهمات التي اجراها رئيس الوزراء المكلف نتنياهو آخر ملوك بني إسرائيل لتشكيل حكومته السادسة وكما كان متوقعا مسبقا سيتسلم اليمين الإسرائيلي المتطرف المناصب المهمة وفقاً للتحالفات التي اقرتها نتائج انتخابات الكنيست الـ 25 والتي منحت شخصيات متطرفة جدا حضوراً سياسياً كبيرأهمها رئيس حزب " القوة اليهودية " الفاشي والعنصري الكاهاني ايتمار بن غفير
بعدما حصل تحالف الأحزاب الصهيونية الدينية على 14 مقعدا طالب بن غفير توليه حقيبة الأمن الداخلي نظراً لأهميتها بالنسبة لسياسات لقدس والأقصى كما اشترط اعطاءه صلاحيات واسعة تشمل إدارة شرطة حرس الحدود وتغيير مرسوم الشرطة القائم وهو القانون الذي يحدد مهامها وينظم العلاقات بين قائدها العام ووزير الأمن الداخلي وكأنه ( بربد انشاء جيش خاص به في الضفة الغربية )
حزب بن غفير "عوتسما يهوديت" اصبح الثالث في الكنيست والثاني في الائتلاف الفائز سيحصل أيضا على وزارة تطوير الجليل والنقب التي ستتولى صلاحيات تسوية وضع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية بالإضافة الى منحه رئاسة لجنة الامن ونائب وزير الاقتصاد وهو ما سينعكس سلبا على الواقع المحلي الفلسطيني والمستوى الإقليمي والدولي للتذكير فقط ( النمسا سبق أن قوطعت عالمياً بسبب دخول حزب هايدر المتطرف في الحكومة )
هذا الاتفاق المريب يحدد الملامح الشاملة لحكومة لنتنياهو القادمة القائمة على التطرف والعنصرية والفاشية والرغبة في المحافظة على الوضع الراهن وحذف الخط الأخضر وإزالة القضية الفلسطينية من الأجندة واستمرار القتل والعدوان والفصل العنصري والضم والترانسفير وتعزيز محاصرة قطاع غزة والدفع باتجاه الحلول الاقتصادية وما يسمى بالتسهيلات
الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كشفت حقيقة المجتمع الإسرائيلي في دعمه لغلاة اليمين المتطرف على الرغم اليهود ظلوا في كل محطاتهم ضمن دائرة التطرف حتى عندما كانوا ينتخبون حزب العمل اليساري ولا نجد أي فرق بين بن غفير وغانتس ونتنياهو وبينيت ولابيد وغيرهم كلهم أصحاب مشروع استئصالي وحشي وهمجي وان 60 % من عموم الإسرائيليين يصنفون بأنهم يمينيون بينما ترتفع النسبة بين فئة الشباب من عمر 18 الى 24 عام لتصل إلى 70 %
بن غفير46 عام يعيش وأسرته في مستوطنة كريات أربع في الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة مجرم مدان ويميني متطرف وصاحب وحشية فريدة نجا مؤخرا من محاولة تصفية محققة قرب الخليل يرى في الارهابي " مئير كهانا " زعيم حركة كاخ الذي تم تصفية في أميركا على يد شاب مصري معلمه وسيده وسبق لبن غفير ان طرد من الجيش الإسرائيلي بسبب شذوذه النفسي وهو محكوم بعدة قضايا جنائية وعلى رأسها التحريض على العنصرية ودعم تنظيم إرهابي وغير ذلك الكثير مما يكفي لمنعه من تولى منصب الوزير المسؤول عن عمل الشرطة وهيئات إنفاذ القانون وزوجته عضو في فريق يسمي نفسه مديرية الحرم التي ترى في حجيج اليهود إلى الأقصى هدف مركزي وقد ظهرت بعد الانتخابات بمعية زوجة نتنياهو وهي تحمل مسدسا في طيات ملابسها
لقد اعتاد بن غفير على التهديد بتمرير قوانين اعدام الأسرى والتغذية القسرية وترحيل عوائل منفذي العمليات الفدائية في الكنيست بالإضافة الى وعوده بتغيير تعليمات إطلاق النار تجاه الفلسطينيين الحالية التي وصفها بالغبية وتقديم اقتراح قانون يقضي بحظر الإفراج عن الأسرى مقابل جثث الجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة ووقف اقتطاع أموال الأسرى من عائدات الضرائب ونزع جميع حقوقهم الأساسية والانسانية وشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية غير المعترف بها في الضفة الغربية وتوصيلها بالمياه والكهرباء والبنية التحتية الخليوية وتعزيزها بحماية أمنية بهدف إحكام الطوق على التجمعات الفلسطينية ومصادرة أكبر مساحة ممكنة من اراضيهم
إضافة الى مطالبته الدائمة بفرض عقوبات اقتصادية وسياسة على الفلسطينيين والعودة لسياسة الاغتيالات وتنفيذ الاقتحامات الجماعية للأقصى على مدار الساعة بدون أي تقييدات وتغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف وأعراف المكان التي تحظر على اليهود الصلاة فيه إلى جانب تغييرات أخرى من شأنها أن تشعل النار في المكان الأكثر حساسية في العالم وتؤثر على علاقات إسرائيل السياسية مع الأردن وتعرض اتفاق السلام بين الدولتين للخطر ولا ننسى الإشارة الى محاولته اقتحام غرفة الأسير هشام أبو هواش في مستشفى " أساف هروفيه " بعد انتصاره في معركة الامعاء الخاوية التي استمرت لـ 141 يوم
وزير الامن الإسرائيلي المرتقب بن غفير كان يحرض دائما على هدم المسجد الأقصى وقد اشتهر كثيراً باستفزاز الفلسطينيين عبر اقتحامه المسجد الأقصى والتجوّل في ساحاته بحراسةٍ من قوات الاحتلال الإسرائيلي واشهار سلاحه الشخصي اكثر من مرة في وجه المدنيين الفلسطينيين ومخالفيه من الإسرائيليين كما كان يعوق عمل الشرطة في لحظات أمنية حساسة ويجاهر في تحدي القوانين الأمنية في أزقة القدس وأحيائها بصحبة المستوطنين المتشددين ليمرر أجندته الشاذة على حساب الاستراتيجية الأمنية والسياسية العبرية وقد دعا مؤخرا إلى تشديد شروط حبس السجناء الأمنيين الفلسطينيين إضافة إلى سعيه لتسهل شروط رخص حيازة السلاح وفي غير مرة قام بتحرض جنود الاحتلال بان يكونوا في تعاملهم مع الفلسطينيين قساة ونازيين وانه سوف يحميهم ويشرعن جرائمهم
صعود المجرم بن غفير شكل إخلال غير مسبوق فيً التوازن السياسي في تل أبيب وهو ما سيلقي بظلاله على مجمل السياسة الإسرائيلية سواء ما تعلق منها بمساعي تهويد القدس والأقصى أو تعزيز الاستيطان والقمع في الضفة إلى الغاء الترسيم البحري مع لبنان وتصعيد الحرب على غزة وسوريا وإيران وقد أعلنت الإدارة الأميركية مسبقا غضبها من امكانية وجود بن غفير في الحكومة الإسرائيلية المقبلة كما قررت رفض التعامل معه إذا تم تعيينه وزيرا للأمن الداخلي
قبل أيام قليلة شارك الإرهابي بن غفير في مراسم إحياء الذكرى الثانية والثلاثين لمقتل الحاخام الفاشي مئير كاهانا التي نظمت في مدينة القدس المحتلة وشهدت هتافات عنصرية معادية للعرب وحُرق خلالها العلم الفلسطيني وقد بث التلفزيون الرسمي الإسرائيلي كلمته في تأبين كاهانا حيث جدد تعهده بترحيل الإرهابيين وهو مصطلح يستخدمه للإشارة إلى الفلسطينيين وكذلك إلى ممثلي المجتمع العربي في الكنيست وكل من يرفض التسليم بيهودية الدولة والفوقية اليهودية من غير الموالين لإسرائيل بمن فيهم نائبان عربيان أعضاء قي الكنيست حاليا
اقوال وتصرفات بن غفير الذي ينافس في عنصريته البغيضة وفاشيته المقيتة كل إرهابيو كيان الاحتلال ليست جديدة وهي تمثل عملياً الوجه الحقيقي لكيان الاحتلال غير المقنّع ببعض العبارات الديبلوماسية التي يطلقها بعض مسؤولو اليسار والوسط الإسرائيليين حول السياسات العنصرية والممارسات الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية وان تعيينه وزيرا للأمن الداخلي يذكرنا بآرييه درعي وزير الداخلية الاسرائيلي الأسبق الذي صرح مرارا في حينه أنه لا يمكن تحقيق سلام استراتيجيّ بين اليهود والأمة العربية التي ستبقى عدواً ازلي لليهود ما دام القرآن كتابهم
وفي تصريحات اخرى لافتة لبعض مسولي كيان الاحتلال قالوا فيها ان العرب هم أبناء هاجر أَمَة إبراهيم لذلك يجب أن يكونوا عبيد لليهود وان الشعب اليهودي هو شعب الله المختار الذي لا يحق لغيره حمل الرسالة وكل من يدعي ذلك يستحق العذاب وان الحكام العرب لا يجدر أن يستقبلوا في دولتنا كشركاء بل يجب أن يزورونا من اجل خدمة اليهود وان العرب كما ورد في التوراة " بحسب زعمهم " هم مثل حمار موسى الذي يجب أن يركب ويصل إلى وجهته ثم يقدم له علف عالي الجودة وسرج باهظ الثمن لركوب هذه الحيوانات وقبل بضع سنوات فقط كان بن غفير يعلق في صدر منزله صورة كبيرة لـ " باروخ غولدشتاين " الطبيب اليهودي المجرم الذي قتل 29 فلسطينيً بمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل عام 1994
أن تعيين بن غفير صاحب التاريخ الأسود والمبادرات الإجرامية بحق الفلسطينيين في منصب وزير الامن الداخلي يمثل تعديا فاضحا يعبر عن الانحراف القيمي والأخلاقي الذي وصل اليه كيان الاحتلال وهو ما يفرض على سلطة رام الله الانحياز العاجل لخيار الشعب بالنضال والمقاومة والاستجابة للمجموع الوطني بسحب الاعتراف بالاحتلال ووقف التعاون الأمني معه وإنهاء حقبة أوسلو المخزية ورفع الصوت عاليا لطرد هذا المجرم ومحاسبته وكل قادة الاحتلال على إجرامهم بحق ابناء الشعب الفلسطيني بدلاً من تجميل صورتهم وتبييضها أمام العالم بخطوات تخاذلية تشجع الاحتلال على مواصلة عدوانه وتعزيز كيانه ونفوذه
المخاطر المقبلة عظيمة ووخيمة حيث تتطلب فلسطينيا مغادرة مربع الانتظار لما تلمح به الادارة الامريكية من وعود مع ضرورة الإسراع في اتمام مسار الوحدة والمصالحة الوطنية السياسية الشاملة وانخراط مكونات الشعب الفلسطيني كافة للعمل وفق استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة العنصرية والفاشية الصهيونية القادمة ببطش وقوة كما يتطلب الواقع المقلق تدخل دولي لوقف طيش ووحشية بن غفير وعدم تركه وعصابات المستوطنين الحاقدين احراًر في تنفيذ مخططاتهم العنصرية الإجرامية
كما يتوجب الاستعجال في حماية الشعب الفلسطيني والمقدسات والأسرى ومواجهة التطرف العنصري والديني الذي بلغ مداه بعد الإيذان بميلاد الحكومة الأكثر عدوانية وتطرفا وتهورا في تاريخ الكيان اليهودي قبل ان تشتعل الضفة الغربية بركان ثائر في وجه المعتدين ويجد العالم نفسه امام كارثة ة مع حكومة حرب لا سلام يقودها سياسي صهيوني يميني متطرف بمعية فئة إجرامية من السياسيين العنصريين والفاشيين
mahdimubarak@gmail.com