حسن محمد الزبن - أولا:نحن ضد أي عمل أدبي، بغض النظر عن موضوعه وتصنيفه في فنون الكتابة، إذا كان يستخف بالمبادئ السمحة للدين الإسلامي الحنيف، أو حتى الأديان بشكل عام، أو حتى يسيء للأخلاق والقيم، وغير ذلك من المحظورات في المجتمع.
ثانيا:أي عمل لأي كاتب يتم الحصول على إجازة له من دائرة المكتبة الوطنية، ورقم دولي (ISBN)، من خلال المؤلف نفسه أو دار النشر التي تتبنى العمل لطباعته ونشره من خلال عقد مبرم وبشروط متفق عليها.
ثالثا:الرواية صدرت سابقا قبل نشرها من قبل وزارة الثقافة، وكانت من ضمن منشورات دار نشر مرخصة، وبالتأكيد تم تسويقها داخليا وفي المعارض الخارجية، ولا أستبعد وجود نسخ منها في مكتبة أمانة عمان، ومكتبة شومان، ومكتبات الجامعات الأردنية، لأنه جرت العادة بعد صدور أي كتاب لأي مؤلف أو دار نشر بعرضه على هذه المكتبات للشراء.
رابعا:لا بدّ أن لا نتجاهل أن ما هو موجود في هذه الرواية المطبوعة ورقيا، أنها على الأغلب موجودة ومتداولة على الشبكة العنكبوتية التي لا تخضع لضوابط السيطرة عليها، ويوجد من الروايات ما هو أشد وأفظع مما جاء في"ميرا"، فتك وتخريب بعقول جيل اليوم، الذي كل المنافذ مفتوحة له للاطلاع ضمن محركات البحث الواسعة، دون رقيب ولا حسيب، ويبقى المراهنة على التنشئة في البيت وطبيعة التربية الإيجابية، إلى أن يتشكل الوعي وقبول ما يلزم، ويتوافق مع القيم والمبادئ والأخلاق، ويتسم مع الفطرة الإنسانية السليمة، ورفض ما لا يلزم، لمجرد أنه يتنافى مع القيم والأخلاق وعادات المجتمع.
خامسا:لم يعد مهمة دائرة المكتبة الوطنية مراجعة النص أو المخطوط لأي مؤلف، أو كاتب، أو شاعر، أو روائي، أو مسرحي، أو مؤرخ، أو أي ناشر له تفويض بالطباعة والنشر والتوزيع لمصنف احتكر طباعته بعقد، وإنما هو إجراء روتيني، باستثناء ما يخص التأليف والكتابة عن العائلة الهاشمية، يتم إحالتها إلى لجان مختصة لمراجعتها، ولا تتم إجازتها إلا بعد التأشير أو التنبيه على المؤلف أو الناشر بضرورة حذف ما تم التحفظ عليه من قبل اللجنة، قبل طباعة الكتاب، والأمر الآخر الذي يعتبر موضع اهتمام بالغ، الكتب الدينية التي يتم تحويلها إلى دائرة الإفتاء لعرضها على متخصصين في علوم الشريعة والفقه وأصول الدين، ليقدموا رأيهم لدائرة المكتبة الوطنية، بخطاب رسمي مرفق مع المخطوطة المراد إجازتها وطباعتها من قبل المؤلف أو الناشر، وعادة ما يكون الرأي بالتحفظ على النشر، أو إبداء الرأي بالموافقة.
سادسا:الرقابة تتم على الكتب والمجلات المطبوعة والتي تحتاج إذن الدخول إلى السوق الأردني، والسماح بتداولها في المكتبات والأكشاك ومراكز بيع الكتب، وذلك من خلال لجان في قسم مستقل لهذه الغاية في هيئة الإعلام.
سابعا:العاصفة التي تحركت رياحها بقوة ابتداء من قبة البرلمان، والغيورين في الشارع الأردني، كان يمكن معالجتها وطرحها دون ضجة وانفعال، وبطريقة أفضل واحتواء الموضوع كون الرواية تملك حقوق نشرها وزارة الثقافة وهي الوصية عليها لعدد من السنوات، بأن تم سحب جميع النسخ من المعرض المدرسي في جرش، وإتلاف الموجود منها في مخازن الوزارة بإشراف لجنة تشكل لهذه الغاية، باعتبارها مدعومة للطبع في قائمة مكتبة الأسرة التابعة لوزارة الثقافة، وتباع بسعر رمزي في متناول أي طالب مدرسة أو أي شخص مهتم باقتنائها، أو متابعة الأمر بشكوى والاحتكام للقضاء الأردني للبت وهو صاحب الرأي أولا وأخيرا بالمنع والمصادرة وما يراه مناسبا، مع أن الأمر في حالة رواية ميرا كل الصلاحيات كان يمكن أن تتم بهدوء في وزارة الثقافة دون الرجوع للقضاء فيما يخص الرواية المطبوعة، أما ما يخص المؤلف إذا توفر المشتكي يمكن أن يكون الأمر أمام القضاء.
لكن ما حصل، هو زوبعة أثارت جلجلة، وجلبة وفضولا، وقدمت خدمة للرواية والمؤلف على المستوى المحلي في الأردن، وأصبح الكل متلهفا ليعرف ماذا في هذه الرواية؟ وليس هذا فحسب بل إن محركات البحث في جوجل كانت نشطة في تداول الخبر، وعرض الموضوع، حتى أنه في بعض المواقع ممكن أن تجد طريقة وإشارة لتنزيل الرواية بصيغة ( (PDF، للاطلاع عليها.
ثامنا: الآن المؤلف أصبح مشهورا جدا في كل العالم العربي والغربي، وإن كان معروفا بحكم أن له العديد من الاصدارات، ولكن الآن بشكل لافت وبقوة، وسيجد جهات خارج الأردن تتواصل معه لاحتكار الرواية وترجمتها إلى لغات عديدة.
تاسعا: رواية ميرا أخبارها تتصدر كل منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت مطلوبة ليس حبا أو كرها فيها، بل من باب الفضول لمعرفة ما هو محتواها الذي أثار كل هذه الضجة داخل الأردن.
عاشرا: كثير من الروايات العالمية المترجمة، والروايات العربية المشهورة يتم تداولها في السوق الأردني، وفيها أكثر مساحة من الايحاءات الجنسية، والايحاءات السياسية، وهذه الروايات يتم استيراد نسخ محددة منها، ويتم تزويرها وتغليفها وكأنها طبق الأصل عن الرواية الأصلية ويتم تداولها في المكتبات والأكشاك وبعض المعارض الشخصية، ولدى المكتبة الوطنية جهدا في هذا الجانب، تتولاه هيئة الرقابة، وقسم الملكية الفكرية، وتعمل على محاربته من خلال لجان ميدانية تقوم بالتفتيش وضبط ما هو مزور من كتب في السوق المحلي، وتحويل أصحاب المكتبات أو من يقع عليه جرم التعامل ببيع الكتاب المزور للمحاكم الأردنية للبت بأمرهم، ولكن الوضع لا يزال قائما، ومن يتم ضبطه ويثبت جرم التزوير عليه بالأغلب بدفع غرامة مالية رادعة على أن لا يعود لمزاولة الطباعة أو الترويج للكتاب المزور.
ورغم ذلك يرى المزورون للروايات العالمية المترجمة، بما يجنونه من أرباح، أن الغرامة شيء عادي، وهو جزء بسيط من هامش الربح المجدي من بيع هذه الروايات، وأعتقد أن الغرامة ليس رادعا، أو حتى استبدال الحبس بالغرامة، لا يخدم إيقاف القرصنة على الكتب الرائجة من قبل مافيا التزوير للكتاب الأصلي.
أخيرا: نتمنى على وزارة الثقافة أن تكون أكثر حرصا في دعم أي كتاب، وأن تعيد ترتيبا وتشكيل لجان أمينة برأيها وتتفهم موجبات الدعم ومحاذيره، والخطوط الحمراء في المجتمع الأردني، الذي لا يقبل أن تمس، وتركز على الدعم في كل ما يصب في الاتجاه الإنساني والوطني، وما ليس فيه ما يخدش الحياء العام.
وحمى الله الأردن،