زاد الاردن الاخباري -
ينتمي «الألزهايمر» إلى عائلة أمراض ضمور الدماغ، وهو من آثار التقدّم في السنّ. لكن، مفردة «ألزهايمر» شائعة على ألسنة العامّة، فهي تطلق على كل حالة يشكو صاحبها من النسيان، حتّى لو كان المرء في ريعان الشباب، في حين أن الدلائل العلميّة تفيد بأن الإصابة بالمرض المذكور تبدأ في عمر الستّين أو الخامسة والستّين، وأن قصور الذاكرة هو عارض من أعراض جملة من الحالات المغايرة عن «الألزهايمر». مسبب الإصابة بـ «الألزهايمر» مجهول، لكن التقدّم في السنّ، عامل رئيس في الإصابة. أضف إلى ذلك، توريث المرض غير شائع. المزيد عن المرض، وطرق رصده المبكّرة، وعلاجاته، في معلومات مستمدّة من الاختصاصي في الأمراض
يُميت «الألزهايمر» خلايا الدماغ، لتحلّ محلّها مادة تسمّى «بروتين الأميلويد». حسب شروح الدكتور جوزف حاتم لـ «سيدتي»: «يبدأ المرض، في العادة، في المنطقة الصدغيّة الداخليّة، المسؤولة عن إدخال المعلوت لتتخزن في الذاكرة. «الألزهايمر» هو عدم القدرة على تخزين المعلومات، ليسهو المرء جرّاء ذلك عن أحداث وأمور راهنةً، بصورة بسيطة أوّلاً، فيما الذكريات القديمة تبقى محفورة.. لكن الحالة قابلة للتطوّر، مع تلف المزيد من الخلايا». يضيف الطبيب حاتم أنّه «في حالات نادرة، قد يطال الداء المرء قبل سنّ الستين».
الجدير بالذكر أن ليس كلّ نسيان مؤشّر إلى «الألزهايمر»، فقد يرجع أمر «الذاكرة المثقوبة» إلى الضغط النفسي أو بعض المشكلات الصحية (جلطة في الرأس والسكري ومشكلات الضغط).
تصرّفات غير مقبولة اجتماعياً
عوارض «الألزهايمر» كثيرة، وتشتمل على: النسيان، كما أسلفنا، وتكرار الأسئلة والمعلومات والضياع في التوجيه الجغرافي (نسيان الدرب الواجب سلوكها لبلوغ المنزل). مع تطوّر المرض، لا يقتصر موت الخلايا أو الضمور على المنطقة الصدغيّة الداخليّة، والجانبيّة من الدماغ، بل ينتشر التلف إلى المنطقة الأمامية من الدماغ، فتتبدل تصرفات المريض، وقد تصبح الأخيرة غير مقبولة على الصعيد الاجتماعي. يلفت الطبيب، في هذا الإطار، إلى أن هناك نوع من الضمور الدماغي غير «الألزهايمر» قد يسبب العارض المذكور (التصرّفات غير المقبولة). لكن المرض، في هذه الحالة، يبدأ في الجهة الأمامية من الدماغ في الأصل، وليس في تلك الداخلية كما «الألزهايمر».
المستوى العلمي «يبطئ» تطوّر المرض
يلاحظ الطبيب حاتم، اتكاءً على مراجعات المرضى في عيادته، أن تطور «الألزهايمر» يكون بطيئاً، في صفوف الذين كانوا يعملون، أو أولئك الذين يتمتّعون بثقافة واسعة وتعليم متقدّم، فهؤلاء، على الرغم من الإصابة، قادرون على القيام بمتطلبات الحياة اليومية (ارتداء ملابسهم، قضاء حاجتهم بأنفسهم...). لكن، في حالات أخرى، قد يتطوّر المرض لأن المرء «خامل»، ولا يقوم بأي عمل، علماً أن حالات «الألزهايمر» المتقدمة تتطلب انتباه من يسهر على شؤون المسن، لأن الأخير قد يضيع إذا غادر المنزل وحيداً، أو قد يواجه صعوبة في المشي أو عدم التحكم في قضاء الحاجة...
إلى ذلك، يتطوّر المرض ببطء، في صفوف الشخصيات المتصفة بالانضباط (تناول الأكل والنوم والاستيقاظ في ساعات محددة)، مقارنة بأولئك غير المنضبطين.
لغط حول العلاجات
حتّى تسعينيات القرن الماضي، كانت علاجات المرض غائبة، قبل أن يستطيع الأطباء وصف أدوية للمرضى قادرة على زيادة مادة «الأستيل كولين» للحفاظ على سلامة الذاكرة، أو أدوية مضادة «للغلوتامين»، ما يطيل أمد اعتمادية المصابين على ذواتهم، في تيسير شؤون حياتهم اليومية. علماً أنه في فرنسا، مثلاً، لا يغطي الضمان الصحي هذا النوع من الأدوية، بل تدعو الإرشادات إلى «الاستثمار» في البقاء مع المريض وتيسير شؤونه.
من جهة ثانية، يدعو الطبيب المريض إلى تناول الفيتامين E، المفيد ربما في حالات «الألزهايمر» حسب دراسات كانت تناولت عينات صغيرة من المرضى.
في الآونة الأخيرة، أعطت «وكالة الغذاء والدواء» الأميركيّة الموافقة، على مضاد حيوي Aducanumab يقوم بتضاد مادة «البروتين أميلويد»، وذلك بعد رفض «الوكالة» ذلك، في الفترة الأولى. المعلومات عن المضاد الحيوي، ومفاعيله الجانبية قليلة، وهو لم يستخدم في أوروبا والشرق الأوسط.
«الألزهايمر الوراثي»
لا يمكن الاكتشاف المبكّر «للألزهايمر»، سوى في الحالة الوراثيّة. لكن، لا مجال للتصرف إزاء ذلك. في هذا الإطار، هناك اختبار يجرى للسائل في النخاع الشوكي قد يؤشر إلى الإصابة من عدمها. وهناك المسح الذري «للبروتين أميلويد»، أيضاً، للكشف عن الحالة.
يُنصح أهل المصاب بـ «الألزهايمر»، بالإبقاء على الأخير في منزله، وتقديم المساعدة له هناك، من دون جعله ينتقل إلى منزل الابن (ة)، كما هو شائع في بعض دول الشرق الأوسط، لأن الانتقال سيؤثر سلباً في أمر «غرس» المعلومات الجديدة التي ترشده إلى كيفية التحرك في المنزل الجديد (مكان الحمّام، مثلاً). كما يدعى المريض، في الحالة البسيطة إلى تدوين المعلومات على ورقة، ما يعينه في قضاء بعض الأمور. من جهة ثانية، يدعو الطبيب إلى عدم التعليق سلباً على أي كلام خاطئ أو غير منطقي يقوله المصاب، أو تصحيحه، لعدم الضغط عليه، وزيادة مشكلات الذاكرة. كما يدعو إلى التواصل باللمس مع المريض (الإمساك بيده، ومعانقته)، لأن فهم الكلام الذي يقوله الآخر للمريض صعب عليه، في الحالتين المتوسّطة والمتقدمة من المرض. وإذا كان المريض، مصاباً بالاكتئاب، فإن علاج الأخير يحسّن جودة الحياة. مع تطوّر المرض، يقع الأهل تحت ضغط نفسي، مع اضمحلال الشخص وعدم تعرفه إليهم، لذا يعالج الأهل والمريض معاً.
للوقاية من «الألزهايمر»، من المهم إجراء فحوص السكّري والضغط و«الكوليسترول»، وعلاج كل حالة، كما الحفاظ على الوزن «معتدلاً»، وأداء النشاط البدني الذي يخفف فرص الإصابة، بالإضافة إلى تعلم مهارة (أو هواية) جديدة، الأمر الذي يجعل التواصل قائماً بين خلايا الدماغ، حتى مع الإصابة بـ «الألزهايمر»، مع الانتباه إلى التغذية (حمية البحر المتوسط ممتازة) والبعد عن تناول الدهون المشبعة و«الأكل السريع».