سميح المعايطة - أمس تشرفت ومجموعة كريمة أن كنا بمعية الأمير الحسين ولي العهد في السماكية إحدى قرى الكرك ذات الروح الكركية الأردنية المسيحية حيث تم إضاءة شجرة عيد الميلاد برعاية سمو الأمير في هذه الجغرافيا الأردنية الجنوبية.
في السماكية مثل الفحيص والحصن ومادبا والسلط وكل بلدة أردنية تضم جزءا من المسيحيين الأردنيين، هنالك روح لم تختلف أو تضعف عند من يكملون نصاب الهوية الوطنية الأردنية وثقافتنا الممتدة في التاريخ العربي والإسلامي وما قبلهما.
والمسيحية في الأردن والقدس وكل العالم العربي كانت وما زالت محل عناية من الهاشميين لأنهم يعلمون أن حضارة المنطقة والعالم لا تكتمل دون أهم عناصرها وهي المسيحية، ولأنهم يعلمون ويقولون للعالم إن منطقتنا هي مهد المسيحية وإن سيدنا عيسى عليه السلام ولدته أمّه مريم العذراء عليها السلام هنا في بلاد العرب، وإن جغرافيا الأردن بالنهر الذي يحمل اسمها جزء من تاريخ المسيحية ومعالمها الدينية.
أن يكون الأمير الحسين في الكرك أو في محافظة أخرى كما كان الأمر في سنوات سابقة لإضاءة شجرة الميلاد والاحتفال مع الأردنيين من أتباع عيسى عليه السلام فهذا تكريس لروح أردنية منذ كانت الدولة الأردنية، روح خالية من التكلف والسياسة لأنها سلوك فطري من السهل أن تجده في أي بلدة أردنية فيها مسلم ومسيحي.
ودائما هنالك موقف أردني قوي في الدفاع عن المسيحية العربية التي تتعرض لعمل ممنهج في أرضها أولها من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي ينفذ حملة تهويد في القدس وكل فلسطين تهدف إلى تهجير المسيحيين من أرضهم وتحويل ملكياتهم إلى اليهود ملكية وهوية، وهناك استهداف أيضا للمقدسات المسيحية في القدس، وللأسف نجح الاحتلال في جزء من حربه وتقلصت أعداد المسيحيين هناك بنسبة ليست قليلة.
أما الاستهداف الآخر فكان من قبل التطرف والإرهاب الذي دخل سورية والعراق ودولا أخرى ولم يفرق بين مسلم ومسيحي، لكن المسيحية العربية كانت تحت الاستهداف خلال سنوات سيطرة تنظيمات التطرف في المنطقة.
لم يكن المسيحي في الأردن “الآخر” بل هو من يكمل نصاب المجتمع والدولة وهويتها، وكانوا حملة قضايا الأمة ومن حملة الراية في الصفوف الأولى في بناء هذا البلد منذ أن كانت الإمارة، وكانوا وما زالوا عنوانا من عناوين قوة الدولة في المحطات الصعبة أو القلقة التي عاشها الأردن، وهم تعبير عن تفاصيل الثقافة الأردنية بكل جوانبها وعناوينها.
في القرى والبلدات الأردنية كلها وخاصة التي يسكنها وينتمي إليها أهلنا المسيحيون تجد الروح الأردنية الأصيلة وتجد المواطنة والهوية، فالمسيحية ليست بابا لتكون مكونا منفصلا بل هي العنوان لتكامل عنوانه وحدة الثقافة والحضارة، فالمسلم لا يتعايش مع المسيحي بل هو العيش معا لمكون واحد فالجميع أردنيون عرب والثقافة ممتدة في تاريخنا البعيد والقريب.