لا يوجد نهاية للمطاف، فالمطاف دائري، ولا بداية للدائرة ولا نهاية لها، لكن يوجد نهاية للطواف، عندما تمسي حلقاته مفرغة من مراكزها الجاذبة، حيث ينتهي المخلصون من طوافهم عند نقطة ما على محيطها - ليس شرطاً ان تكون ذات نقطة البداية، وينتهي طوافهم عندما تستقر قناعاتهم ان الاشواط قد اكتملت، او ان المغادرة قد وجبت - لأي سبب كان.
قد تكون مطافات الدنيا أوسع قطراً واطول زمنا مما قد نتوقعه، وقد نظن اننا قادرين على تكرار الطواف كيفما نشاء، ليتفاجئ الاغلبية ان الطواف ليس سبعا هذه المرة، هو شوط واحد فقط، او قد يزيد قليلا، لأن ذات الفرص الجميلة نادرا ما تتكرر.
وقد يشعر المرء أيضا ان نهاية الطواف قد اقتربت، عندما تتكرر ذات الاحداث، الشخوص، الزمان والمكان، فيشعر ان ليس بمقدوره ان يعيش مسرحية جديدة، بانت حبكتها، وانكشفت اسرارها، ولم يعد يطيق تكرار نفس الاضحوكة، ولا يقوى على تلك القهقهة النابعة من القلب كالتي صدحت اول مرة، فيؤثر الخروج من طواف المسرحية، وينهي بنفسه ما قد بدأ.
لا مقصد من قولي هذه المرة ولا خلاصة له، النتائج أمست كما أصبحت؛ محسومة، متكررة، ومقيتة. ولا مطافات جديدة سوى تلك التي نعرف، حول مراكز وهمية نحن من اوجدها بالعقول، ثم تغيرت مواقع احداثيات مراكزها دون علمنا، او تحولت الى نفور بعد جذب، لنكتشف متأخرين أن مطافاتنا كانت حول وهم زائف، ونخرج منه عند اول نقطة طرد مركزي، متجهة الى أفلاك الندم البعيدة، ذات السكون الفضائي الصامت، حيث لا صدى للصراخ، ولا أحد يسمع عويل التعب المهدور. وفوق ذلك، لا عودة لما قد تم تجربته وانكسر.
اختم بقوله تعالى؛ (وان ليس للإنسان الا ما سعى)، وليس ما طاف، الخط المستقيم لا تتكرر مشاهده، فيه استقامة الفكر، وراحة القلب، ولذة العمل، اما الخطوط المنحنية حول المراكز الوهمية؛ فيكفيها واحداً بلا ثاني، طواف قادم يستكشف، أو مودع مهاجر، اذ لا شيء غير بيت الله يستحق الطواف حوله مرارا وتكرارا.
عندما تطوف الأوهام.
الدكتور المهندس أحمد الحسبان