خرج ابو علي… (شخصية وهمية واقعية من ذهن الكاتب) من بيته المتواضع غرفة ومطبخ مسقوف بالزينكو… ولم ينل ما يسد رمقه غير قطعة خبز جافر… وزر بندوره فغم… ابو علي لديه ستة اطفال كلهم في المدارس، خرج بعد صلاة الفجر قبل أن تصحي أم لعيال الأطفال للمدرسة… ويداهمونه بطلب المصروف… في جيبه خمسة وثلاثون قرشاً… ووضع بذهنه أن يشتري بها خبز وجبة العائلة الأساسية… ابو علي عامل مياومه… نقل رمل طوب عامل بليط عامل قصير… حفر دفر…..! المهم يشتغل..!، عائلة ابو علي تمتلك صوبة كاز فوجيكا قديمة من احد الجيران… خرج ابو علي بعد ليلة كلها كوابيس وأحلام… بالغد الأجمل بعد أن سمع ذلك من سواليف أصحابه… فهو لا يملك تلفاز…ولا خلوي… ثم ازدادت احلامه حلاوة حين سمع بمفردة الترف… وهو يقرأ النكات التي ابتدعها الاردنيون خلال تجمعه مع العمال شركاء المهنة عند الحسبة القديمة…جلس ينتظر رزقه… وهو يتأمل الفأس والطورية والقفة (عدة العمل)، وبين الترف الذي يحلم به والقرف الذي يعانيه… قرر أن يمارس أحلام اليقضة…وظيفة براتب 500 دينار، سياره كيا موديل 90… شراء لحم مجمد… وإن تيسر روماني( لزوم البعزقه)… مصروف نص ليره لكل واحد من الأبناء… طبخة مقلوبة ساخنة مرة بالأسبوع، شمة هواء يوخذ الأولاد مشي لأقرب حديقة للبلدية ويشتريلهم ساندويشات فلافل، ملابس جديدة من الباله للأولاد… زياره لأمه التي لم يزرها منذ فترة لانه (مستحي يروح بأيده)… ربع جركن كاز للتدفئة الموعوده… يدور على بيت احسن… يسد إجار البيت المكسور من سنتين… يسد الديون للمخبز والدكانه والخوضرجي… واستغرق ابو علي بسردية تلبي بساطتة ومعيشته ا المعدمة… وكان يمارس كل ضروب الترف في (صفنته)… حين تذكر أنه لازم يشتري ثوب لأم علي… وبذات الوقت يهمس لنفسه… ام علي مستوره وشاعره معي… لو ما جبت ما بتزعل… ولم يعكر صفو ابو علي وشطحته الفكرية… واحلامه الكبيرة… اصوات بائعي الخضار… بندوره خيار فلفل حلو… فلفل حار…ولا أصوات الماره… ولا الشحادين… لله يا محسنين… لكن وبلحظة… تعرض لهزة قوية مع دفشه من أحد مراقبي السوق… (مش لاقي تقعد غير هون)… استفاق ابو علي من حلمه… واعتقد بداية أن أحدهم يطلبه للعمل… وبعد لحظة أفاق من الصدمة وعرف أن مراقب البلدية اخرجه من حلمه الجميل…وأن عليه أن يتألم ويتألم من أثر دفشات المراقب القاسي… حمل نفسه وذهب حيث لا إتجاه… فقد احترف التسكع على هامش الحياة… ولم تسعفه حتى الأحلام بلحظة ترف… واقتنع أنه سيبقى مسكوناً بالقرف… وأن القادم الأجمل… طلع مراقب البلدية… وحلف يمين ما يعيدها… وبقيت النهاية مفتوحة… بين الترف والقرف… والله المستعان… حمى الله الأردن.