زاد الاردن الاخباري -
لقى استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في المجالات الطبية تطورا ملحوظا حول العالم، في العام 2022، إذ أدخلها باحثون في تصنيع أطراف اصطناعية تمنح مبتوري الأطراف حركة طبيعية وسلسة.
ودخلت التقنية أيضا مجال طباعة أطقم الأسنان وقوالبها، والعظام، والأعضاء الاصطناعية، والأجهزة الجراحية، وأجهزة السمع، وقوالب الكسور، ونماذج أعضاء المرضى التي تتيح للأطباء محاكاة الجراحة قبل تنفيذها فعليا على المرضى، بما يوفر الموارد والوقت والجهد.
ومن فوائد الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال طب الأسنان أنها تمكن المريض من الاستغناء عن الطريقة التقليدية لأخذ المقاسات وهي خطوة كانت غير محببة للمريض، والاستعاضة عنها بماسحة فموية صغيرة لا تسبب أي أذى أو إزعاج.
إلى جانب تقليل وقت تصنيع القوالب السنية من خلال الماسحة الفموية والطابعة ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى الدقة الناتجة عن استعمال الماسحة الفموية لعمل القياسات، والتي تقلل من أخطاء القياسات التقليدية أثناء عمل التركيبات.
محاولة لطباعة قلب بشري
وفي مارس/آذار 2022، استخدم فريق متخصص بالهندسة الحيوية في جامعة "ستانفورد" الأمريكية، تقنيات الطباعة المتقدمة ثلاثية الأبعاد؛ في محاولة لتحويل عجينة مصنوعة من الخلايا الحية إلى قلب بشري أو إلى أعضاء أخرى.
وعمد الفريق إلى بناء أنسجة سميكة على دفعات، طبقة تلو الأخرى، واضعين كل نوع من الخلايا في مكانه الصحيح مثل برج يُبنى بالطوب، وهي طريقة تنفع لصنع أنسجة معقدة مثل أنسجة القلب.
ومع أن التقنية الجديدة واعدة جدا، لا يخلو الأمر من عقبات كبيرة وشائكة، وعلى النقيض من الخيوط البلاستيكية التي يمكن للطابعات تسخينها وضغطها بأشكال لا متناهية، فإن الخلايا الحية ناعمة وطرية وإسفنجية بشكل يدعو للإحباط.
ويبقى تطبيق تقنية الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، بناء على الإمكانيات الحالية بطيئا جدا، وطباعة عضو واحد قد تحتاج آلاف الأعوام؛ لذلك يسعى الفريق البحثي إلى تجاوز ذلك من خلال استخلاص مادة من الخلايا الجذعية المعدلة وراثيا عبر جهاز طرد مركزي، ودمجه مع كتل كبيرة من الخلايا لطباعة عدد كبير من الخلايا في بنية هرمية.
ويبرمج الباحثون بعدها الخلايا لتصبح عضلة قلب، ثم توضع الخلايا في مفاعل حيوي، وهو جهاز بحجم الهاتف الذكي يساعد على إبقاء الخلايا حية لتنمو داخله.
ويأمل الباحثون في إنتاج أعضاء كاملة، من خلال تطوير قدراتهم على إنتاج عدد هائل من الخلايا واكتشاف أساليب لهندسة الخلايا وجعلها أقوى وأقل تكلفة، وصولا إلى نموها، وإنتاج أعضاء أو أجزاء قابلة للزراعة في الجسد البشري.
طباعة خلايا جذعية
وفي مجال آخر، تمثل الخلايا الجذعية حلا واعدا لمعالجة أمراض وإصابات عديدة، منها أمراض السرطان والسكري، ويعود ذلك إلى قدرتها على استبدال الخلايا المتضررة.
ولكن التقنيات الحالية المستخدمة في الحصول على الخلايا الجذعية ليست سهلة، فهي تحتاج جهدا مكثفا وتستهلك وقتا طويلا، فضلا عن تكلفتها المرتفعة.
وللتغلب على تلك المعوقات، قاد مهندس الطب الحيوي الدكتور ماجد واركياني، من جامعة "سيدني" التقنية في أستراليا، بالتعاون مع شركة "ريجينيوس" الأسترالية للتقنيات الحيوية، بحثا يهدف إلى تطوير علاجات الخلايا الجذعية لمعالجة حالات الالتهاب والألم، باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد والسوائل الميكروية لدمج خطوات الإنتاج المتعددة في جهاز واحد، ما يسمح بتوفير علاجات قائمة على استخدام الخلايا الجذعية وبتكاليف منخفضة.
وطور الباحثون في يونيو/حزيران 2022، النظام الجديد لتحويل الخلايا الجذعية البالغة والقادرة على الانقسام والتمايز إلى خلايا نسيجية مختلفة؛ مثل العظام والعضلات والدهون والأنسجة الرابطة.
علاج الأنسجة العضلية
وفي تموز/يوليو 2022، طور فريق بحثي من كلية الطب في جامعة "هارفرد" الأمريكية، وجامعة "بوهانغ" للعلوم والتقنية في كوريا الجنوبية، أنسجة معقدة قادرة على إصلاح عضلات الكتف المتضررة، من خلال نسخ بنية الأوتار العضلية وطباعتها بواسطة طابعة حيوية ثلاثية الأبعاد.
وأشار الباحثون في دراستهم المنشورة في مجلة "بيوآكتيف ماتيريالز" العلمية، إلى أن تجربتهم تمنح المرضى المصابين بآلام الكتف أملا بالتعافي.
وتقدم التقنية بيئة ميكروية ومكونات شبيهة بمكونات الأنسجة الأصلية، لذلك ستكون لها فوائد علاجية كبيرة على المرضى عند تطبيقها، وعلاج عمل الكتف بشكل كامل.
مستقبل واعد
ويشهد القطاع اهتماما متناميا حول العالم، وأصبحت التقنية الجديدة محط دراسة وبحث كبريات شركات العالم، الرامية إلى تسريع إدخالها إلى الأسواق العالمية.
ويُتوقَّع أن تبلغ قيمة قطاع سوق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على مستوى العالم، حوالي 300 مليار دولار بحلول العام 2025، وذلك بفضل الزيادة في الأبحاث وتطوير المنتجات، وازدياد الحاجة إلى مزيد من الإبداع في عمليات التصميم، وسهولة الإنتاج والتصنيع في مختلف القطاعات.