بقلم الدكتور المهندس أحمد الحسبان. - في علم الاجتماع يقولون: (أنا وانت ستة)؛ أنا كما أراك، وأنا كما أرى نفسي، وأنا كما هي عليه حقيقتي، وثلاثة منك: أنت كما تراني، وانت كما ترى نفسك، وأنت كما هي عليه حقيقتك. وأقول؛ هن ستة لكن إحداهن كاذبة على الاقل، فكيف اذا كنا مجتمع كامل!!.
كم هو مقيت ان يبدو الشخص على غير حقيقته، فليست كل المرايا صادقة، وليس من البشر كامل، فهناك (عمر)، وذاته الضعيفة (عمير)، وذاته المغرورة (عمّار). فإن وثق جهل، وان علم تردد، وكما يقولون معظم الثقة وليدة الجهل، من لا يدري خطورة القادم لا يهابه، ما لم يجرب مثله سابقا، او توقع حدوثه قبلاً.
لكل منا يوم أول، يكون شجاعاً فيه لكن يخاف ما بعده، يوم أول في السواقة، وفي التعليم، وفي المدرسة، وفي الخطابة والحديث والسباحة، ففي بداية بدءه يتجرأ ويجرب بلا خوف وبكل ثقة، ولكن بعد ان يتيقن صعابه، يفقد ثقته التي بها بدأ، وقد يستمر، وقد يتوقف عن تلكم التجارب.
الثقة - حسب علم الاجتماع - هي الشعور بالقدرة مع وجودها، ووجودها يعتمد على أحد أمرين؛ إما بناءً على رصيد تجارب سابق، او بناءً على تفاؤل بالمستقبل. والغرور هو الشعور بالقدرة مع عدم وجودها، وفرق شاسع بين الثقة والغرور، والدارج هو غرور المتفيهقين بلا وجود قدرة من رصيد ماضي كافٍ، ولا توقع واقعي للمستقبل. اما عدم الشعور بالقدرة أصلاً، فهذا ضعف ظاهر تميز به معظم العامة - سواء وجدت القدرة ام لم توجد.
خلاصة القول؛ ما نريده فعلاً هو الحجم الطبيعي من الثقة، بلا نقصان معيب مضعف، ولا زيادة مفرطة تصل حد الغرور. ولينظر كل (عمر) في مرآته الحقيقية المسطحة، فلا تكون مقعرة بذهنه فيصبح (عمير)، ولا محدبة فيمسي (عمار). ولنكن انا وانت اثنين فقط، صديقين حقاً، كل منا يرى نفسه في الآخر باعتدال، فليس منا الكامل، ولسنا نحن ستةٌ مزيفون، والحياة قصيرة بما يكفي؛ أقصر من ان تحتملنا نسخاً مزيفة كثيرة، فنحن فرادى - كما اتينا - سنعود، فلا داعي للتزييف ولا للتضخيم ولا للتقزيم. و(لنكن أنا وانت اثنين).
عندما تصمت الاوهام.
الدكتور المهندس أحمد الحسبان