بالأمس بات الأردن حزينا باكيا ملتفا بغيمة من الإستنكار على ما حدث في بعض مناطق الجنوب الأشم الذي ما كان يوماسوى شعلة للحرية وبيرق نخوة كلنا نعشقه ولم يكن يوما لغدر أو عثرة أمةأو سقوط أو كبوة ، حيث شهدت تلك المتاطق أحداثاواعتصامات سلمية لكنها لم تكمل على هذا النهج الذي تمنيناه بل تحولت في جزئية منها إلى فوضى وتخريب وانتهاكلممتلكات الدولة واستعراض لغضب كان دخيلا غير مقنع ، فما ذنب تلك المؤسسات التي وجدت لخدمة المواطن وتسييرمصالحه ،وانتهى بها المطاف إلى قتل وغدر أودى بحياة أحد مرتبات الأمن العام وهو قبل ذلك مواطنا مسالما مثقفا حاصلاعلى درجة الدكتوراه وكان له عدة مناصب تقلدها كلنا بها نفخر ، واختار أن يقدم ما لديه من علم وحسن سيرة واخلاق حميدةليترجم كل ذلك من خلال قيامه بواجبه المقدس نحو وطنه وأمته وليكن نموذجا لرجالات نتمنى أن يكونوا كلهم في مستوى هذهالشخصية الأردنية المتميزة الشابة المقدامة والطموحة ، التي امتدت لها يد الغدر الرخيصة والمندسة لأن هذا ليس من شيمالأردنيين وليس من ديدنهم القتل المارق دون أدنى سبب يؤدي لذلك سوى الإنقياد خلف نفوس لم تعلم يوما ما هو الوطن ولاكيف يذاد عن حياضه ولا يعلمون أن للإحتجاج أسلوبا حضاريا يسمى الحوار والمطالبة المنطقية المحتسبة لأمن وطنها والتيتخشى عليه من دمعة أم أو بكاء زوجة أو يتم يستحدث لأبناء لم يبلغوا من أعمارهم انبثاق الزهرة من برعم الحياة التي كانوايحلمون .
لم نعهد مثل هذا في وطن الأمان والإستقرار والشهامة التي يشهد لنا بها القاصي والداني ، وكلنا نعلم أن الأردن قد عصفتبه عدة أحداث ومرت عليه ظروف صعبة ومعقدة من اقتصادية وسياسية وتلكؤات وعثرات كثيرة خلال مسيرته الطويلة منذتأسيسه ، لكنه كان يعالج كل ذلك بتعقل وروية واستيعاب وقبول لكل احتجاج وكل مطالبة تحمل في طياتها لغة المساءلة العاقلةوالمصاغة بحروف لا تعرف سوى المواطنة الحقة والغيرة على مصلحة المجتمع واهل الوطن الخيرين ولا تهون عليها ضيم أيمنهم ولا تساوم على وحدته وسلامه مهما كلفهم الثمن ومهما جارت عليهم العاديات ، .
هذا الوطن الذي فطر على إغاثة المستجير وحماية الدخيل والعطف على الغريب وأنشأ أبناءه على مبدأ التشاركية في تقاسمالرغيف وقت الشدة والتشارك في شربة الماء وقت العطش وتشريع أبواب بيوتهم لكل من قصدهم والذين يحضرون فيالصباحات دلال قهوتهم عل من عابر سبيل فيشرب ، كيف لهم أن يغدروا أو يقتلوا نفسا من بني جلدتهم لأنهم ناقمون ؟
لكن أن يآتي الجرح من الجنوب فذاك مقتل الروح وكنصل سكين غرس في صدر الوطن أجمع !!!
نأمل من عاقلي هذه الديار أن يتريثوا حتى النخاع ، وأن لا يندفعوا خلف فورة الدم دون احتساب بأن الأردن هو إرثالغانمين ووصية الاجداد الذين كظموا غيظهم وأوغلوا في تعقلهم وإن جارت عليهم السنين وشدوا أحزمة البطون كي لا تخورقواهم لكنهم لم يخونوا العهد ولم يفرطوا بتراب الأرض بل قبضوا عليه بالأكف واسكنوه العيون .
لشهيدنا البطل شآبيب رحمة وسكنى الصالحين الطيبين ، ولأهله وعشيرته الأكارم كل مشاعر العزاء والمواساة التي نشاطركمإياها ولأبناءه دعاءا موصولا بأن يكملوا المسيرة ويواصلوا المشوار وليقتذوا بوالدهم النموذج ليكونوا خير خلف لخير سلف ،أما أمه المكلومة فنقول لها بأنك أنت أم كل الأردنيين وطهر عصبة رأسك هي شعار لكل نشمي تسري في عروقه دماء الأبرياءالمغادرين ، وللوطن كله وبكافة أطيافه السلام والتماسك وتقديم مصلحة الوطن فوق كل مصلحة فالكل يغادر والوطن يبقى فلنحافظ عليه ونضعه في حدقات العيون ونسيجه بسواعد المخلصين .