لعل خصوصية الأردن هي من أنتجت انموذج كالزميل المهندس ليث شبيلات نقيب المهندسين السابق ، ولعل خصوصية ما تمتع به أبو فرحان من إرث سياسي وثقافي واجتماعي أثر في ذلك كثيرا ، كيف لا ووالده المرحوم فرحان شبيلات أبن الطفيلة الابية والذي أمضى عمره كله على حد السيف لخدمة الوطن وأهله , كان سفيراً في الهند، ثم رئيساً للديوان الملكي، وعضو مجلس الوصاية على العرش 1952 – 1953، ووزيراً للدفاع في حكومة هزاع المجالي عام 1955، وأمين عمان وسفيراً في تونس..
دخل المهندس ليث شبيلات مجلس النواب مرتين، في الانتخابات التكميلية 1984 والعامة 1989 محققاً أعلى الأصوات في الدائرة الثالثة: دائرة الحيتان ، وفاز بموقع نقيب المهندسين عدة مرات بالانتخاب، إحداهما وهو في السجن ..
اختلفنا أو أتفقنا مع الكثير ما كان يتحدث به الزميل ليث الا أنه شكل بمفرده حالة خاصة قد لا تتكرر سياسيا على المدى القصير، لمس من خلالها الناس صدقه واخلاصه وتفانيه في خدمة الوطن ،حتى وأن اختلفت الطريقة في إيصال ذلك ورفض البعض لها..
لم يسرق ولم يتاجر بتراب الاردن على الدوام ،لا بل كان يلعن الفساد وأهله ليل نهار ،فوقف معه الأردنيين في انتصاراته وانكساراته...
ليث المعارض كما يحلو للبعض أن يطلق عليه،( رغم عدم هوسه بهذا اللقب ) لم يدعو يوما، لتغيير نظام الحكم في الأردن بل كان يعتبره وحتى آخر أيامه خطاً أحمراً فهو الحامي لنا جميعا والعامل المشترك الأكبر الذي يتفق عليه جميع الأردنيين من شتى الأصول والمنابت والاتجاهات السياسية والفكرية ،
لا بل أكبر من ذلك وعندما تزاحمت انوف الطامعين بالأردن في بدايات الربيع العربي لم يتغير ولم يتبدل ولم يركب الموج الذي شُبِّه لهم ، بل كان يردد على الدوام بسلمية المظاهرات التي تخرج ،لم أسمعه يوما يدعو لقتل رجل أمن أو حرق مدرسة أو مركز صحي أو اغلاق طريق بل كان يغضب على كل من يقوم بذلك،
عرفناه قبل الربيع العربي وبعده ولسان حاله يقول نُريد إصلاحات بحجم الأردن الكبير يقودها جلالة الملك ويكون ضامناً لها ، اصلاحات في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأن تكون هناك محاربه حقيقية للفاسدين وأن يكون ذلك سريعا وملموسا...
حدثني ذات يوم عن لقب "نقيب النقباء" وقال من أطلق عليه هذا اللقب هو الراحل الكبير جلالة الملك الحسين بن طلال ، ومن منا لا يذكر قصة إخراجه من السجن والتي أقدم عليها الملك حسين شخصيا وبشجاعته وحنكته التي تحترم ، حيث أخرجه بسيارته الخاصة وأَوْصَله الى بيته معززا مكرما ..
ليث شبيلات حالة فردية لا تستوعبه جماعة ولا يستوعبها ، انتقد المشهد الحزبي والنقابي وتحدث كثيرا عن هفوات الأحزاب اليسارية واليمينية على حَدٍّ سَواءٍ ؟
لا بل كان دائم الحديث والنقد وبصوت مرتفع لذلك النهج بل انتقد حتى رفاق الأمس جماعة الإخوان المسلمين ونهجهم الحالي وهي التي خرج من رحمها ذات يوم ..
ليث كان صوتا أردنيا عربيا تخطّي الخوف والقلق، ،رحل عنا بكل ما له وما عليه فودعه الأردنيين بجنازة مهيبة شارك فيها الآلاف، ننسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته،
اليوم ونحن نودع الزميل ليث فجعنا كاردنيين بارتقاء ثلة من أبناء الوطن والأجهزة الأمنية شهداء إلى جوار ربهم ، اغتالتهم أيادي الغدر والانحراف..
أسأل الله العظيم ان يرحمهم برحمته وان يلهم أهلهم وذويهم الصبر و السلوان، وأتمنى اكراما لارواحهم الطاهرة أن يكون الرد سريعا وأن يكون الجزاء العادل مصير لكل من عبث بأمن الأردن واستقراره.....
المهندس مدحت الخطيب