التعديلات الدستورية - قراءة في موقف الاخوان المسلمين

التعديلات الدستورية - قراءة في موقف الاخوان المسلمين

لم يكن اكثر المتفائلين يعتقد ان تنظيم الاخوان ممثلا بذراعه السياسي حزب جبهة العمل سيصدر عنه بيان يشيد فيه بالتعديلات الدستورية المقترحة ..

البعض قرأ البيان على اساس انه قد جاء تحت الضغط وهو مناورة سياسية للتعاطي مع متطلبات المرحلة وللتخفيف من حدة الرفض الشعبي للمنهج السياسي لهذا التنظيم وانه تكتيك مثالي للظهور بمظهر الموضوعية السياسية وخصوصا انه قد اسقط بيد التنظيم عندما لبت التعديلات الغالبية العظمى من مطالب المعارضة فكانت هنالك خشية حقيقية من وقوع انقسام عريض داخل صفوف المعارضة والتي لا تنقصها الانقسامات ..

ايا يكن من حال فانه وبقراءة متأنية لما صدر في بيان حزب جبهة العمل نجد ان مفاصله بنيت على اساس الموقف السياسي لا التكتيكي او المناورة السياسية ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال ثلاث نقاط رئيسية هي :-

اولا / لقد اشاد البيان بشكل بحثي وتحليلي بغالبية التعديلات التي رفعت لجلالة الملك بناءا على دراسة واعية لاثار مخرجات لجنة مراجعة الدستور خصوصا ان هذه المطالب بالاصل انما جاءت بطلب من المعارضة نفسها .

ثانيا / قيام التنظيم بالتراجع عن مطلب الملكية الدستورية ( الحكومة المتنخبة مباشرة من قبل الشعب ) واستبداله بمطلب تشكيل الحكومة وفقا للاغلبية البرلمانية ( الحكومة المنتخبة بشكل غير مباشر ) لما وجد في هذا المطلب من تأجيج للشارع كاد ان يصل بالبلاد لمرحلة الفتنة فالعنف الحقيقي واسالة الدماء في الشوارع لاعتبارات اشبعت بحثا ..

ثالثا / وبالنتيجة الخروج من حالة العدمية السياسية المتمثلة برفض أية جهود اصلاحية والانتقال او - بمعنى ادق وصفا للحالة - الرجوع لحالة الحوار السياسي من خلال مناقشة بعض المقترحات الدستورية والمطالبة باجراء بعض التعديلات عليها والتي جاءت في بعض محطاتها كمطالب بحاجة للدراسة فعلا ومثال ذلك لا حصرا الشق المتعلق بحق الطعن لدى المحكمة الدستورية ..

هذا الموقف والذي اقترب فيه تنظيم الاخوان وذراعه السياسي حزب جبهة العمل خطوة نحو الوطن وانحاز فيه لامنه واستقراره يستحق من كل اردني الاحترام والتقدير ويستوجب الاشادة والتشجيع ويدلل على ثقة عالية بالنفس وحالة انسجام مع الذات والوطن تستحق المراجعة وتدلل على تبني التنظيم بدائل اخرى لعمليات التجييش والتأزيم التي مارسها خلال الشهور الماضية وما نشأ عنها من فعل مضاد ..

نأمل لهذا الموقف ان تتبعه خطوات اخرى من قبل هذا التنظيم على طريق الانحياز للوطن مثل الرجوع عن تبني الموقف العدائي تجاه دائرة المخابرات العامة والرجوع عن قرار عدم المشاركة في الانتخابات العامة البلدية او البرلمانية والتوقف عن حالة استعمال شباب الوطن وتوجيههم ( التعبئة الجماهيرية والجهادية ) بطريقة صدامية مع ابناء جلدتهم وتوجيه الجهد الجماهيري والجهادي نحو العدو الاسرائيلي خصوصا اننا امام استحقاقات دولية في ايلول القادم ..

حتى لا نبخس الناس اشياءهم نقول هذه المرة تحية لتنظيم الاخوان المسلمين على هذا الموقف ونأمل ان يراجعوا انفسهم في مواقفهم الاخرى وعندها سيجدون انهم استطاعوا كسب معركة الرأي العام ..

المحامي بشير المومني
basheerlawyer@yahoo.com