زاد الاردن الاخباري -
عمّان، الأردن (أخبار م.ع.د): في ضوء التّحدّيات الهيكليّة التي يواجهها سوق العمل في الأردن والأزمات الّتي عصفت بالبلاد خلال العقد الماضي، شهد الشّباب الأردني والسّوري بمن فيهم النّساء على وجه الخصوص، معدّلات هائلة من البطالة ومستويات عالية من نقص العمالة. أدّى الافتقار إلى الأدلّة والبراهين الكافية وتشرذم البرامج الوطنية إلى تفاقم التّحديّات المتعلّقة بعمالة الشّباب في البلاد، كما الى فشل السياسات في خلق فرص عمل ملائمة ومنتجة للشّباب المتعلّم.
من هنا، أجرت منظّمة العمل الدّوليّة بتمويل من البرنامج الإقليمي الأوروبي للتّنمية والحماية في لبنان والأردن والعراق خمس أوراق بحثيّة لتحليل واقع العمالة والمهارات والمشهد الاقتصاديّ في البلاد، وتحديد الفجوات كما الفرص لتحسين فرص العمل للشباب الأردني والسوري في البلاد. اعتمدت الأوراق المختلفة أساليب بحث متعددة، شملت البحث المكتبيّ ومراجعة البيانات الثّانويّة كما جمع البيانات الأوليّة من خلال مسوحات كمية ومناقشات ومقابلات نوعية.
في ١٣ كانون الأوّل من عام ٢٠٢٢، نظّمت منظّمة العمل الدّوليّة حدث إطلاق في فندق سانت ريجيس في عمّان وذلك لعرض نتائج الأوراق البحثيّة الخمس الّتي أجريت في إطار مشروع منظّمة العمل الدّوليّة و البرنامج الإقليمي الأوروبي للتّنمية والحماية ومناقشة النّتائج والتّوصيات مع أصحاب المصلحة الوطنيّين والدّوليّين المعنيين. حضر الفعاليّة ممثلّون عن جهات مختلفة بما في ذلك وزارات حكومية ووكالات من الأمم المتحدة والجهات المانحة كما ممثلون عن المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، من بين آخرين.
سلّط الحدث الضّوء على التّحديّات المتعددة الّتي أعاقت، لعقود من الزّمن، مشاركة الشّباب الفعّالة في سوق العمل والاقتصاد في الأردن، كما ركّز على الفرص المتاحة لتحسين وصولهم إلى وظائف ملائمة ومنتجة.
حدّدت الورقة البحثيّة الأولى بعنوان "مهارات من اجل التحول نحو الاقتصاد والعمل الأخضر والرّقمي في الأردن" القطاعات المستهدفة والقطاعات الفرعيّة ذات الإمكانات العالية لخلق وظائف خضراء وممكّنة رقميًّا. قدمت هذه الورقة عددا من توصيات السياسة الضرورية لتحسين المهارات وفرص العمل المتاحة امام الشّباب السوري والأردني في هذه القطاعات، مع التّركيز على التّوصيات الشّاملة والعامّة كما التّوصيات القطاعيّة المحدّدة.
نظرت الورقة البحثيّة الثّانية في دور الصّادرات في توفير سبل عيش ملائمة للشّباب وإضفاء الطّابع المنظم على العمل في الأردن، وقدمت توصيات ركزت على اهمية زيادة مشاركة الشّركات الأردنيّة في التّجارة الدّوليّة بما في ذلك على وجه الخصوص في المستويات العليا من سلاسل القيمة، كما على ضرورة تعزيز الانتقال نحو الاقتصاد المنظم وضمان خلق فرص عمل لائقة للشّباب في الوقت ذاته.
ناقشت الورقة الثّالثة انتقال الشباب والشابات في الأردن من المدرسة الى سوق العمل، من منظوري الطّلب و العرض. سلّط العرض التّقديميّ الضوء على التّحديّات الّتي يواجهها الشّباب في الانتقال من الدّراسة إلى سوق العمل بالإضافة إلى وجهات نظر أصحاب العمل فيما يتعلّق بتوظيف المتقدّمين للوظائف من الشّباب.
اما الورقة البحثيّة الرّابعة، فكانت بعنوان "اقتصاد المنصّات في الأردن وتأثير جائحة كوفيد-19على دور العمل الميسّر عبر المنصّات". ركّزت هذه الورقة على قطاعين هما الكتابة والتّرجمة من جهة، وقطاع الصناعات الإبداعية والوسائط المتعددة (multimedia) من جهة أخرى . تقوم الدراسة على تحليل ظروف العمل والدّوافع والتّحدّيات الّتي يواجهها عاملو اقتصاد المنصّة. وفي ضوء الدّور المتزايد الذي تلعبه المنصّات وقدرتها على استيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل من الشّباب، تمّ أيضًا عرض ومناقشة التوصيات اللازمة لتحسين إدارة العمل عبر المنصّات وضمان ظروف عمل ملائمة للجميع.
أخيرًا وليس آخرًا، تمّ تقديم ورقة البحث حول "النّمو وسياسات الاقتصاد الكلّيّ والعمالة"، والتي ركّزت على أهمّيّة تطوير سياسات تتعلق بجانب الطّلب تكون داعمة للتشغيل ولخلق وظائف ملائمة ومنتجة للشّباب. ويعدّ هذا الأمر أساسياً بشكل خاصّ في الأردن في ضوء نقص الوظائف الكافية والملائمة المتاحة للأعداد المتزايدة من الشّباب المتعلّمين.
في الملاحظات الختامية، شدّدت منظمة العمل الدولية على الحاجة الماسّة إلى وضع توصيات هذه الدّراسات موضع التّنفيذ وضمان تنفيذها الفعّال من خلال إصلاحات السّياسات والبرامج ذات الصّلة.