زاد الاردن الاخباري -
يواجه مستشفى "57357" المتخصص في علاج سرطان الأطفال في مصر أزمة مالية حادة أعلن عنها خلال الأيام الماضية قد تهدد استمراره في تقديم خدماته، بعد 15 عاما من بدأ عمله كواحد من أكبر وأهم مستشفيات سرطان الأطفال في البلاد والشرق الأوسط.
ومع الإعلان عن الأزمة المالية التي تعاني منها المستشفى تداولت أنباء حول غلق فرع طنطا الذي يقع في محافظة الغربية وهو الأمر الذي أثار موجة من الاستنفار لدى المصريين للدعوة لإنقاذ المستشفى الذي يقدم خدماته العلاجية لآلاف الأطفال من جميع محافظات مصر طوال السنوات الماضية.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي سباقا محموما للكتابة والتدوين عن أزمة المستشفى ومطالبات بإنقاذه من أزمته المالية حتى لا يضطر للإغلاق في وجه المرضى الذين يترددون على مقره يوميا لتلقي العلاج من السرطان في المراحل المختلفة.
ولم تخل تلك التدوينات والمنشورات التي تتحدث عن المستشفى من جدل حول مطالبات بالإعلان عن القوائم المالية للمستشفى وأوجه الإنفاق الموجودة به لتقييم عمل الإدارة الحالية ومعرفة الأسباب التي أدت لتفاقم الأزمة المالية التي تضربه وتسببت في انتشار المخاوف من إغلاقه خاصة في ظل حملات التبرع الكبيرة التي استمرت طيلة السنوات العشر الماضية ووفرت مبالغ مالية كبيرة.
ماذا حدث لموارد المستشفى؟
وقال عضو مجلس أمناء مستشفى "57357" الدكتور عبادة سرحان لموقع "الحرة" إن "المستشفى يعاني من أزمة مالية طاحنة خلال الفترة الأخيرة نتيجة انخفاض قيمة التبرعات الواردة للمستشفى والتي تعتبر المورد الرئيسي للقيام بالواجبات الطبية تجاه المرضى".
وأضاف أن "انخفاض التبرعات بدأ مع أزمة جائحة كورونا واستمر لغاية الآن، وخلال تلك الفترة استمرت المستشفى بتقديم خدماتها التي تعتبر مجانية تماما للمرضى، لكن التغيرات الاقتصادية المتعلقة بسعر الدولار والأزمات الاقتصادية وارتفاع سعر الصرف أكثر من مرة وما تبعه من ارتفاع تكاليف العلاج بكافة أنواعه والمستلزمات الطبية من أجهزة وأدوات علاجية وغيره جعل الأزمة تتفاقم بشكل كبير نتيجة استمرار انخفاض قيم التبرعات كما أن هناك مؤسسات أخرى دخلت مجال العمل الطبي قائمة على التبرعات أيضا ما أثر على حصيلة التدفقات التي تأتي عن طريق التبرع حتى وصلنا إلى الوضع الحالي".
إدارة المستشفى تعرضت في عام 2018 لحملة صحفية من الكاتب الراحل وحيد حامد اتهم فيها الإدارة بالفساد وقدم بلاغا رسميا للنائب العام للتحقيق في وقائع ذكرها تتعلق بالفساد ومخالفة القوانين في إدارة التبرعات التي تقدم للمستشفى والتبرع منها بمبالغ تصل إلى ملايين الجنيهات دون إذن المتبرعين بالإضافة لتجاوز المصروفات الإدارية النسب المقررة قانونا.
وأصدرت وزارة التضامن الجهة الحكومية المشرفة على المستشفى تعليقا على تلك الاتهامات قالت فيها إنها ليست صحيحة غير أن وحيد حامد رد على ذلك بأن أحدا لم يسأله عن المستندات التي بحوزته وتم تجاهل ما ذكره من وقائع.
ويرى سرحان أن "تلك الحملة ساهمت في أزمة ثقة حول المستشفى خاصة أن الكاتب الراحل وحيد حامد يحظى بثقل كبير واحترام وعلى الرغم من انتهاء تحقيقات ما ذكره من قبل وزارة التضامن إلى عدم دقته وتبرئة ساحة إدارة المستشفى، استمرت آثار ذلك لدى بعض المتبرعين الذين توقفوا عن تقديم تبرعاتهم أو على الأقل خفض قيمة ما يتبرعون به".
الميزانيات والقوائم المالية
وعن الأصوات التي تتحدث عن الإدارة المالية للمستشفى وعدم إعلان القوائم المالية والميزانيات الخاصة بها وأوضاعها المالية قال إن "الرقابة المالية على المستشفى قائمة طوال الوقت من قبل وزارة التضامن المشرفة عليها وفقا للقانون وتقدم لها كافة القوائم المالية والميزانيات والإيرادات والمصروفات ويتم اعتمادها بشكل دوري والتأكد من أوجه الإنفاق في جميع بنودها ومراحلها".
وبالنسبة لفرع طنطا التابع للمستشفى وما تردد بشأن إغلاقه أوضح أن "نتيجة الأعباء المالية لم يستكمل فرع طنطا بشكل نهائي ونتيجة الضغوط المالية والأزمة التي تعاني منها المستشفى تم عقد اجتماع مع رئيس الوزراء بشأن هذا الأمر وانتهى قرار رئيس الوزراء إلى تسليم الفرع لجامعة طنطا لإدارته وتشغيله ولم يتم إغلاقه لكن تخفيفا للأعباء المالية انتقل إلى الجامعة".
ووفقا لسرحان سيعقد "مجلس أمناء المستشفى اجتماعا خلال الفترة القادمة لمناقشة الخطط الاستراتيجية على المديين القصير والمتوسط في ظل الأوضاع المالية وارتفاع تكاليف العلاج والتشغيل، وتحديد آلية التعامل مع أوجه الإنفاق والعلاج في ظل الالتزامات الكبيرة تجاه المرضى الذين يتلقون العلاج حاليا أو يترددون على المستشفى لأول مرة".
هل سيغلق المستشفى؟
ويشير آخر تقرير عن مرضى المستشفى والخدمات العلاجية التي يقدمها إلى أن نسبة العلاج للأطفال المرضى تبلغ 71 في المئة، وأن المستشفى قدمت لمرضاها خلال نوفمبر الماضي 24987 جرعة علاج كيميائي، و1402 جلسة علاج إشعاعي، وبلغت عدد ليالي الإقامة للمرضى داخل المستشفى 6782 ليلة، وقدمت للمرضى وجبات بلغ عددها41307 وجبة.
ويضيف التقرير أنه تم إجراء 394 عملية جراحية، وبلغت الفحوصات المعملية للمرضى 73012 فحصا، في حين وصل عدد الزيارات للعيادات الخارجية بالمستشفى إلى 8538 زيارة، وزيارات وحدة الطوارئ كانت 1782.
وحول احتمالية إغلاق المستشفى التي يتم تداولها قال سرحان: "سنرى ما ستسفر عنه الأمور وحصيلة التبرعات للمستشفى في ظل حالة الانتباه التي انتابت الجميع خلال الأيام الماضية والتي ستساهم بارتفاع حصيلة التبرعات".
وأضاف: "أتمنى ألا يتم اتخاذ أي قرار يضر بالمرضى، لأن المستشفى يعد بمثابة قبلة لجميع المرضى من كل المحافظات وبالمجان لأنهم لا يدفعون جنيها واحدا في فترة العلاج أو المتابعة التي تمتد مع المريض بعد التعافي حتى بلوغه سن 22 سنة، والجميع يعمل على حل الأزمة المالية وعدم اتخاذ أي قرار يضر بمصالح المرضى أو يهدد وجود المستشفى ".
وتعرف المستشفى، الواقعة في منطقة السيدة زينب بالقاهرة، نفسها بأنها أكبر مستشفى لسرطان الأطفال في العالم من حيث الطاقة الإستيعابية التي تبلغ 300 سرير وتقدم خدماتها للأطفال من عمر يوم واحد وحتى 18 عاما، وخدماتها العلاجية كاملة مجانية رافعة شعار "طفولة بلا سرطان".
وافتتحت المستشفى في 7 يوليو من عام 2007 باستقبال أول طفل مريض وكانت تضم وقتها 185 سريرا ومن يومها أصبحت قبلة للأطفال المرضى من كل المدن والقرى المصرية، وتعد التبرعات المادية هي العماد الأساسي للخدمات التي تقدمها المستشفى التي تبلغ قوة العمل بها 379 طبيبا بدوام كامل أو جزئي، و726 ممرضا وممرضة و184 صيدليا و87 باحثا و613 موظفا في القطاع الإداري.