القائد هو الشخص الذي لديه القدرة على وضع رؤية محكمة للمستقبل القريب أو البعيد بناء علي تحليله وفهمه للواقع والأحداث الماضية وتحديد مجموعة من الأهداف وتحفيز الأخرين ليحققوا معا هذه الأهداف المحددة .
القائد المميز لا يولَد بقدرات استثنائية، بل يصقل مهاراته ويطور نفسه ويستغل الظروف إنطلاقا من الطموح الشخصي والرغبة في النجاح.
الملك، في الأردن ، صمام الأمان ونظام التعايش والإستقرار :
فالإستقرار والإستثناء الأردني حقيقة وليس أوهام أو سياسوية فارغة…
حينما نحلل الأوضاع الإقليمية المتوترة في دول الجوار، وما حل بها من دمار شامل، نقف عند حقيقة واحدة مفادها أن الملك في الأردن يرجع له الفضل بعد الله في عدم الإنجرار وراء الشعارات العاطفية جالبة الموت والخراب.
موقف الملك بالفعل كان تاريخيا، إستباقيا، إحتوى بوادر الأزمات وتعامل بذكاء مع المطالب الحراكية آنذاك وقطع الطريق أمام مرتزقة الحرية المزورة.
الدمار الممنهج الذي يقع الآن ، في إطار الفوضى الخلاقة ، يثبت القيمة المرجعية التاريخية السياسية للملكية ودورها في إستباق الأحداث وتجنيب البلاد الفوضى والتطاحن المجتمعي وحمايةوصون الوحدة الترابية.
فالأردن والملكية تعايشا منذ عقود مع الحراك الشعبي ومطالبه … تعايش نتج عنه إستتباب للأمن وترسخ المؤسسات وثقافة الدولة.
هذه الثقافة التي أعطتنا الإستثناء وجنبتنا مسلسلات دموية كانت ستأتي على الأخضر واليابس.
هذا الإستثناء ساهمت فيه شخصية الملك السياسية بالإضافة إلى نظام الدولة الملكي.
ومن هنا ندرك الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسة الملكية في الأردن. فهي صمام الأمان بالنسبة للبناء المؤسساتي للدولة، كما هي ضامن وحدة وتوازن وتماسك وإستمرارية الأمة الأردنية بكل مكوناتها.
الامن الروحي هذا المصطلح الحديث و الجديد أفرزه الإضطراب العقائدي و الديني و الفتنة الطائفية بين الفرقاء في الدين في عدد من الدول الإسلامية بإستثناء الأردن بفضل الله ثم النظام الملكي، أساس الاستقرار والسلم الإجتماعي.
فا لخصوصية الأردنية .. لا ينبغي تجاوزها، لأن الأردن في أكثر من محطة أثبت أنه يتميز بخصوصية تاريخية، وأسس دولته المستقلة كما يتميز باستمرارية حكم الأسرة الهاشمية التي حافظت على أمن وحماية الأردن منذ التأسيس.
وإذا كان الوعي الجيد بوزن المؤسسة الملكية داخل الحقل الديني قد حال دون إنجراف بعض التيارات، لا شك أن الحالة الأردنية بشكل خاص هي حالة إستثنائية في الفضاء الإسلامي الكبير، حيث أن سر التجربة الأردنية المستقرة يكمن في أن جل الصراعات والسجالات الدائرة بين الأحزاب السياسية، تدور تحت سقف السلطة الملكية.
طبيعة النظام السياسي في الأردن كان لها أيضا دور في الخصوصية الإسلامية الأردنية، لأن المؤسسة الملكية تمتلك الآليات القادرة على إمتصاص كل الإشكالات و الإصطفاف التي يمكن أن تؤثر على الإستقرار السياسي في الأردن .
إجمالا، يمكننا القول بأن مختلف إرتدادات وتموجات “الأزمات والحراكات”، كان لها في الأردن صدى وتأثير مختلفان، حيث رسوخ القواعد الإجتماعية والمرجعيات الثقافية كثوابت متوافق عليها في إطار مركزية الدولة الأردنية بإجماع الإردنيين على إختيارهم التاريخي متمثلا في النظام الملكي كأسلوب ونمط في الحكم يحقق تماسك بنيان الدولة وإنصهار مكونات المجتمع على المستويين الديني والدنيوي، وهو النظام الذي تحققت من خلاله أمجاد الأردن ؛ ذلك أن المؤسسة الملكية في الأردن هي صمام الأمان بالنسبة للبناء المؤسساتي للدولة، و هي ضامن وحدة وتوازن وتماسك وإستمرارية الأمة الأردنية، كما أن نضج التجربة الديمقراطية الأردنية سيظل حائلا أمام كل المنزلقات.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي