زاد الاردن الاخباري -
ظهرت في إسرائيل "بوادر" أول أزمة بين أعضاء الائتلافي الحكومي الحاكم الذي يقوده رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، مع إعلان زعيم حزب يهودي متشدد رفضه لأعمال صيانة حكومية تجري أيام السبت، اليوم المقدس لدى اليهود.
وأرسل رئيس حزب "يهدوت هتوراه"، يتسحاق غولدكنوبف، رسالة إلى وزيرة النقل، ميري ريغيف، دعاها فيها إلى وقف أعمال الصيانة التي تجري على نظام السكك الحديدية أيام السبت على الفور، مشيرا إلى أنها "تخالف" ما تم الاتفاق عليه في الائتلاف الحكومي.
وأثارت الرسالة ردود فعل واسعة بين شخصيات إسرائيلية وتساؤلات بشأن مسائل الدين والدولة بعد وصول أكثر حكومية يمينية في تاريخ إسرائيل إلى الحكم، التي تضم شخصيات يمينية مثل غولدكنوبف الذي أصبح ويزرا للإسكان، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي واجه انتقادات لاذعة بسبب زيارته لباحة المسجد الأقصى.
وقالت "تايمز أوف إسرائيل" إن رئيس حزب "يهدوت هتوراه" الديني المتشدد لليهود الغربيين اعتبر أعمال الصيانة الروتينية في نظام السكك الحديدية أيام السبت انتهاكا ليوم السبت، وللاتفاق الحكومي الذي دعا إلى الحفاظ على "الوضع الراهن".
وقالت الصحيفة إن موقف الحزب ربما "سيطلق الشرارة الأولى" لأزمة في الائتلاف الحاكم.
وكتب وزير الإسكان إلى وزيرة النقل الجديدة ريغيف: "علمت أن هناك عملا يجري يوم السبت لا يتوافق مع تعريف الحفاظ على الحياة"، وهو معيار ديني يستخدم لإعطاء استثناءات للعمل في اليوم المقدس لليهود.
وأضاف غولدكنوبف أنه "تم الاتفاق" على أن هذه الأعمال التي بدأت في عهد الوزيرة السابقة سوف تنتهي، وأكد: "لا يمكننا قبول استمرار هذا الوضع. أطلب تدخلكم العاجل في هذا الأمر".
ولم ترد ريغيف رسميا على الفور حتى الآن، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مصادر في وزارة النقل، لم تسمها، قولها إن أعمال الصيانة أيام السبت ستستمر "لتجنب تعطل الخدمة خلال أيام الأسبوع" وفق ما نقلته "تايمز أوف إسرائيل".
وأكدت ذلك أيضا صحيفة هارتس التي أشارت إلى استمرار العمل في هذا اليوم مثلما كان يحدث خلال الحكومات السابقة.
وعلى تويتر، اعتبرت وزيرة النقل السابقة، التي تركت الوزارة قبل نحو 10 أيام، ميراف ميخائيلي، أن "وقف العمل في نظام السكك الحديدية السبت سيسبب ضررا هائلا للناس التي تستخدم القطارات والمواصلات العامة".
واعتبر وزير المالية السابق، أفيغدور ليبرمان: "وقف أعمال بناء مسار القطار السبت خطوة سخيفة ستؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي والعديد من العائلات الإسرائيلية التي تستخدم وسائل النقل العام. شخص ما في الحكومة يحتاج إلى الاستيقاظ وإيقاف هذا الجنون"، وفق ما نقلته صحيفة جيروزاليم بوست.
ولحزب "يهدوت هتوراه" تاريخ طويل من المواقف المعارضة لمشاريع الأشغال العامة في أيام السبت، وكانت مواقفه في صدارة أزمات التحالفات الحكومية في إسرائيل.
وتقول "هآرتس" إن مسألة العمل في يوم الراحة اليهودي، وخاصة في ما يتعلق بأعمال البنية التحتية، كانت "قضية شائكة بالنسبة للأحزاب المتشددة، وأثارت أزمات ائتلافية في الماضي".
وفي عام 2017، استقال رئيس حزب "يهدوت هتوراه" آنذاك، يعقوب ليتسمان، من الكنيست بسبب خلافه بشأن صيانة السكك الحديدية التي كانت مقررة في هذا اليوم، وفق تايمز أوف إسرائيل.
وفي 2018، اضطر وزير النقل السابق، يسرائيل كاتس، لوقف أعمال بناء جسر للمشاة في تل أبيب أيام السبت، بعد احتجاج أعضاء حريديم في الائتلاف الحكومي على القيام بالأعمال في يوم الراحة اليهودي.
وتقول "تايمز إوف إسرائيل": "قد يؤدي التزام "يهدوت هتوراه" الصارم بالقانون اليهودي إلى اندلاع الأزمة الأولى لحكومة نتنياهو الوليدة من خلال اختبار حدود الدين والدولة، في الائتلاف الذي يبقى فيه الليكود أكثر علمانية وليبرالية من زملائه السياسيين المتطرفين والدينيين".
وخلال مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، حاول الحزب إدخال بند يشير إلى وقف محطات الطاقة عن العمل أيام السبت، لكن الليكود رفض ذلك.
والاتفاق، على غرار جميع اتفاقيات الليكود مع شركائها الدينيين، يتضمن "لغة غامضة تعد بالحفاظ على الدين والوضع الراهن للدولة في قضايا الدين والدولة التي تم القبول به منذ عقود في إسرائيل" وأن الحكومة ستحترم يوم السبت، وفق "تايمز أوف إسرائيل".
وتشير الاتفاقية، وفق هآرتس" على حضور "ممثل الحاخامية الكبرى بانتظام اجتماعات لجنة منح تصاريح عمل يوم السبت، وجميع مشاريع الحكومة القومية".
وكانت ريغيف، التي عادت لتولي وزارة النقل، التي كانت تديرها سابقا قبل ميخائيلي، قد قالت إنها ستعيد النظر في العديد من مبادرات ميخائيلي المباشرة، ويتضمن ذلك ما يتعلق بمشاريع النقل العام.
وأثارت حكومة نتانياهو، التي نالت الثقة في الكنيست، الجدل بشدة رغم أنه لم يمر على إعلانهعا سوى أيام.
ولقيت زيارة إيتمار بن غفير لباحة الأقصى تنديا واسعا في الداخل والخارج بسب ما اعتبر أنه "خطوة استفزازية".
وأشارت مجلة إيكونوميسيت، في تقرير سابق، إلى أن حكومة نتانياهو تضم "إيتمار بن غفير، الذي مثل في عمله السابق كمحام، اليهود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم كراهية ضد الفلسطينيين، وهو يرأس حزبا يروج للتفوق اليهودي.. وتضم بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، الذي دعا ذات مرة إلى الفصل بين اليهود والعرب في أجنحة الولادة".
وتضم الحكومة وزير العدل، ياريف ليفين، الذي كشف عن خطة لإصلاح المحكمة العليا في البلاد، وهي خطوة يراها البعض بمثابة إعلان للحرب على النظام القانوني، ستقلب نظام المراقبة والتوازن الإسرائيلي وستقوض المؤسسات الديمقراطية من خلال منح سلطة مطلقة للائتلاف الحاكم الجديد.
وأعرب خبراء ومحللون عن خشيتهم من تعريض الحكومة الإسرائيلية اليمينية "اتفاقات إبراهيم" للخطر والتصدع، خاصة بعد زيارة بن غفير لباحة المسجد الأقصى.
وتسري مخاوف أيضا من تصعيد للعنف في الضفة الغربية.