سميح المعايطة - خلال سنوات طويلة مضت كانت حكومات إسرائيل تحاول أن تجعل لملف ايران النووي الأولوية في خطابها، بل كانت تعمل ليكون هذا الملف هو الأول على أجندة الادارات الأميركية اقليميا وابعاد الملف الفلسطيني واعتباره ملفا ثانويا.
وبعد أن أصبح النفوذ الإيراني وتدخل ايران عبر الحرس الثوري او الميليشيات الطائفية في الساحات العربية أمرا مقلقا للعرب في الإقليم، حاولت إسرائيل – وما تزال- أن تجعل من ملف ايران قاسما مشتركا بينها وبين العديد من دول المنطقة العربية، وساعدتها السياسات الإيرانية التي تمادت في السيطرة الميدانية على عواصم عربية عديدة بل ان مفاتيح بعض الدول في يد ايران.
ولأسباب أخرى تتعلق بالعلاقات الفلسطينية مع بعض الدول نشأت مساحات نبتت فيها قناعات تقوم على المفاضلة بين إسرائيل وايران، وسمعنا من البعض أقوالا بأن إسرائيل لم تحتل لنا ارضا وانما ايران التي تواجدت في اليمن وتهدد استقرار دول الخليج.
لكن هذا الأمر الذي ازداد نتيجة ما تفعله ايران يواجه منطقا يقول ان خلاف أو عداء العرب مع ايران يعود إلى سياستها تجاه العرب وتدخلها في الشؤون الداخلية للعديد من الدول وسعيها لإنشاء ميليشيات في اي دولة، وهو امر خطير على امن دول المنطقة العربية، بينما مشكلة إسرائيل مع ايران تتعلق بالمشروع النووي الإيراني إضافة إلى ملف الصواريخ البالستية لاحقا، وهو ذات الخلاف بين أميركا واوروبا وايران، ولهذا لم يتضمن الاتفاق الذي وقعه الغرب مع ايران عام 2015 اي نص يراعي الموقف العربي من التدخلات الإيرانية في الإقليم.
إيران اسم مشترك في مخاوف إسرائيل والدول العربية في المنطقة مع فارق كبير وهو سبب الخلاف مع ايران، لكن إسرائيل ومنذ سنوات طويلة تحاول ان تستعمل قضية ايران للذهاب بعيدا في تفاهمات مع دول عربية بحجة مقاومة ايران والتصدي لها.
مهما نجحت إسرائيل في اقامة تفاهمات في العالم العربي والإسلامي فإن ملف فلسطين سيبقى حاضرا ومؤثرا خاصة عندما تتجه حكومات إسرائيل إلى مزيد من التطرف والعدوانية، ولن يشفع العداء لإيران في تحييد القضية الفلسطينية عن التأثير على علاقات إسرائيل مع العرب.
الخلاف الإيراني الاسرائيلي خلاف على النفوذ الاقليمي، لكن خلاف العرب مع ايران خلاف على سياسة ايرانية تقوم على محاولات اختراق وصناعة نفوذ في اي ساحة ممكنة مستغلة الطائفية وولاية الفقيه وقضية فلسطين، إضافة إلى مواجهة الشيطان الأكبر الذي كان صديقا لها في معركة احتلال العراق، وتم التفاهم معه ومع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.