عِنْدَمَا قَرَّرَتْ أَنَّ اُكْتُبْ هَذَا اَلْمَقَالِ وَقَفَتْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ هَلْ فِعْلاً أَنَّ حُرِّيَّةَ اَلتَّعْبِيرِ عَنْ اَلرَّأْيِ مَكْفُولَةً بِالدُّسْتُورِ اَلْأُرْدُنِّيِّ وَهَلْ هُنَاكَ قَوَانِينُ تَحْمِيهَا أَوْ مُعَاهَدَاتٍ دَوْلِيَّةٍ تَصُونُ هَذَا اَلْحَقِّ ؟ وَبَيْنَ سِنْدَانِ اَلْعُقُوبَاتِ فِي اَلْقَوَانِينِ اَلْوَطَنِيَّةِ اَلَّتِي تَقَعُ عَلَى مِنْ يُمَارِسُ هَذَا اَلْحَقِّ ! وَلِلْخُرُوجِ مِنْ هَذَا اَلتَّنَاقُضِ يَتَطَلَّبُ مِنَّا اَلرُّجُوعُ إِلَى اَلدُّسْتُورِ اَلْأُرْدُنِّيِّ واَلْقَوَانِينِ واَلنُّصُوصِ اَلْقَانُونِيَّةِ اَلْخَاصَّةِ بِهَذَا اَلْحَقِّ وكَذَلِكَ الِاتِّفَاقِيَّاتِ وَالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ اَلدَّوْلِيَّةِ اَلَّتِي تَكْفُلُ هَذَا اَلْحَقِّ . أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّسْتُورِ اَلْأُرْدُنِّيِّ نَجِدُ أَنَّهُ قَدْ نَصَّ فِي اَلْمَادَّةِ 15 اَلْفِقْرَةِ اَلْأُولَى مِنْهُ عَلَى ( تَكَفَّلَ اَلدَّوْلَةَ حُرِّيَّةَ اَلرَّأْيِ ، وَلِكُلِّ أُرْدُنِّيِّ أَنْ يُعْرِبَ بِحُرِّيَّةٍ عَنْ رَأْيِهِ بِالْقَوْلِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّصْوِيرِ وَسَائِرِ وَسَائِلِ اَلتَّعْبِيرِ بِشَرْطِ أَنَّ لَا يَتَجَاوَزُ حُدُودَ اَلْقَانُونِ ) وَعَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ أَنَّ اَلدُّسْتُورَ اَلْأُرْدُنِّيَّ قَدْ كَفَلَ حُرِّيَّةَ اَلرَّأْيِ وَالتَّعْبِيرِ ، إِلَّا أَنَّ “اَلْمَادَّةَ 11 مِنْ قَانُونِ اَلْجَرَائِمِ اَلْإِلِكْتِرُونِيَّةِ تَسْتَخْدِمُ كَمُسَوِّغٍ قَانُونِيٍّ لِاسْتِبَاحَةِ هَذَا اَلْحَقِّ اَلدُّسْتُورِيِّ فِي حُرِّيَّةِ اَلرَّأْيِ وَالتَّعْبِيرِ ، وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَادَّةِ 118 مِنْ قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ اَلْأُرْدُنِّيِّ وَعَلَاقَاتِهَا بِالتَّعْبِيرِ عَنْ اَلْحَقِّ فِي اَلتَّعْبِيرِ عَنْ اَلرَّأْيِ فَقَدَ نَصْتَ عْلِىْ ” يُعَاقِبَ بِالِاعْتِقَالِ اَلْمُؤَقَّتِ مُدَّةً لَا تَقِلُّ عَنْ خَمْسِ سَنَوَاتٍ مِنْ أَقْدَمَ عَلَى أَعْمَالٍ أَوْ كِتَابَاتٍ أَوْ خُطَبٍ لَمْ تَجُزْهَا اَلْحُكُومَةُ مِنْ شَأْنِهَا أَنَّ تَعَرُّضَ اَلْمَمْلَكَةِ لِخَطَرِ أَعْمَالٍ عَدَائِيَّةٍ أَوْ تُعَكِّرُ صَلَاتَهَا بِدَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ تَعَرُّضِ اَلْأُرْدُنِّيِّينَ لِأَعْمَالٍ ثَأْرِيَّةٍ تَقَعُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ . فَبِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ هُنَاكَ اَلْكَثِيرُ مِنْ اَلْقَضَايَا اَلسِّيَاسِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ اَلَّتِي طُرِحَتْ وَنُقِشَتْ فِي مَقَالَاتٍ صَحَفِيَّةٍ وَعَبَّرَ وَسَائِلَ اَلْإِعْلَامِ اَلْمُخْتَلِفَةِ وَصَدَرَ بِهَا كُتُبً وَأَبْحَاثٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتِمْ تَجْرِيمُ أَيِّ مِنْ اَلْأَشْخَاصِ سَوَاءٌ مِنْ كُتُبٌ أَوْ نَشْرٌ أَوْ نَاقَشَ عَلَى وَسَائِلِ اَلتَّوَاصُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ أَوْ فِي وَسَائِلِ اَلْإِعْلَامِ ، فِي حِينِ يَتِمُّ تَجْرِيمَ أَشْخَاصٍ بِعَيْنِهِمْ نَاقَشُوا وَكَتَبُوا وَعَبَّرُوا عَنْ رَائِيهُمْ فِي نَفْسِ تِلْكَ اَلْقَضَايَا لِمُجَرَّدٍ طَرْحِهَا أَمْ بِوَسَائِلِ اَلتَّوَاصُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ أَوْ فِي كِتَابَةٍ صَحَفِيَّةٍ أَوْ فِي مُقَابَلَةٍ تِلِفِزْيُونِيَّةٍ ، فَهَلْ هُنَاكَ اِزْدِوَاجِيَّةٌ وَانْتِقَائِيَّةٌ فِي تَطْبِيقِ اَلْقَانُونِ ؟ وَفِيمَا إِذَا مَا لَمْ يُوَضِّحْ مَا اَلْمَقْصُودُ مِنْ اَلْمَادَّةِ اَلدُّسْتُورِيَّةِ بِشَرْطِ أَنَّ لَا يَتَجَاوَزُ حُدُودَ اَلْقَانُونِ فَهَذَا يَجْعَلُ مِنْ اَلْقَوَانِينِ فَضْفَاضَةً ، وَتَقَدَّمَ صَلَاحِيَّاتٍ كَثِيرَةً لِلْمُدَّعِي اَلْعَامِّ اَلَّذِي يُقَرِّرُ بِدَوْرِهِ مَتَى وَمِنْ يَتَجَاوَزُ اَلْقَانُونُ ، وَمِنْ اَلْمَبَادِئِ اَلْقَانُونِيَّةِ اَلْمُتَعَرِّفِ عَلَيْهَا أَنَّ اَلْقَانُونَ يَجِبُ أَنَّ لَا يُخَالِفُ اَلدُّسْتُورُ ، فَفِي ظِلِّ هَذَا اَلتَّنَاقُضِ وَفِي مَعْرِفَةٍ مَنْ يُخَالِفُ مِنْ مِنْ اَلْقَانُونِ أَمْ اَلدُّسْتُورِ ؟ هَذَا اَلتَّسْأُولْ مَطْرُوح عَلَى أَهْلِ اَلِاخْتِصَاصِ لِإِيجَادِ حَلٍّ لِهَذَا اَلتَّنَاقُضِ ، وَلِحِينَ اَلْخُرُوجِ مِنْ هَذَا اَلتَّنَاقُضِ أَرَى أَنْ نَعْمَلَ اَلِاتِّفَاقِيَّاتُ وَالْمُعَاهَدَاتُ اَلدَّوْلِيَّةُ وَمِنْهَا اَلْعَهْدُ اَلدَّوْلِيُّ اَلْخَاصُّ بِالْحُقُوقِ اَلْمَدَنِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ اَلْمَادَّةِ 19 مِنْهُ لِكُلِّ إِنْسَانِ حَقٍّ فِي اِعْتِنَاقِ آرَاءٍ دُونَ مُضَايَقَةٍ . 2 . لِكُلِّ إِنْسَانِ حَقٍّ فِي حُرِّيَّةِ اَلتَّعْبِيرِ . وَيَشْمَلَ هَذَا اَلْحَقِّ حُرِّيَّتَهُ فِي اِلْتِمَاسِ مُخْتَلِفِ ضُرُوبِ اَلْمَعْلُومَاتِ وَالْأَفْكَارِ وَتَلَقِّيهَا وَنَقْلِهَا إِلَى آخَرِينَ دُونَمَا اِعْتِبَارٍ لِلْحُدُودِ ، سَوَاءً عَلَى شَكْلٍ مَكْتُوبٍ أَوْ مَطْبُوعٍ أَوْ فِي قَالَبٍ فَنِّيٍّ أَوْ بِأَيَّةَ وَسِيلَةً أُخْرَى يَخْتَارُهَا ، تَسْتَتْبِعَ مُمَارَسَةُ اَلْحُقُوقِ اَلْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فِي اَلْفِقْرَةِ 2 مِنْ هَذِهِ اَلْمَادَّةِ وَاجِبَاتِ وَمَسْئُولِيَّاتِ خَاصَّةً . وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ إِخْضَاعُهَا لِبَعْضِ اَلْقُيُودِ وَلَكِنَّ شَرِيطَةَ أَنْ تَكُونَ مُحَدَّدَةً بِنَصِّ اَلْقَانُونِ وَأَنْ تَكُونَ ضَرُورِيَّةً . وَبِمَا أَنَّهُ تَعْتَبِرُ اَلْمَوَاثِيقُ وَالْمُعَاهَدَاتُ اَلدَّوْلِيَّةُ مِنْ أَهَمِّ مَصَادِرِ اَلْقَانُونِ اَلدَّوْلِيِّ . وَهَذِهِ اَلْمَوَاثِيقُ وَالْمُعَاهَدَاتُ يَجِبُ أَنَّ لَاتِتَعَارَضْ مَعَ اَلْقَانُونِ اَلْوَطَنِيِّ حَسَبَ قَرَارٍ لِمَحْكَمَةِ اَلتَّمْيِيزِ رَقْمٍ ( 936 / 1993 ) اَلصَّادِرَ بِتَارِيخٍ ( 13 / 11 / 1993 ( نَصٌّ عَلَى أَنَّ اَلِاتِّفَاقِيَّاتِ اَلدَّوْلِيَّةَ اَلَّتِي تُبْرِمُهَا اَلدَّوْلَةُ هِيَ أَعْلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ اَلْقَوَانِينِ اَلنَّافِذَةِ ، وَأَنَّهَا وَاجِبَةٌ اَلتَّطْبِيقِ وَلَوْ تَعَارَضَتْ نُصُوصَهَا مَعَ أَحْكَامِ هَذِهِ اَلْقَوَانِينِ ) وَبِالنَّظَرِ إِلَى أَحْكَامِ اَلْمَوَاثِيقِ اَلدَّوْلِيَّةِ فَإِنَّنَا نَجِدُ أَنَّهَا تَوَسَّعَتْ فِي حِمَايَةِ حُرِّيَّةِ اَلرَّأْيِ وَالتَّعْبِيرِ وَأَجَازَتْ اِنْتِقَادَ اَلشَّخْصِيَّاتِ اَلْعَامَّةِ عِنْدَ مُمَارَسَةِ مَهَامِّ عَمَلِهِمْ ، وَبِالتَّالِي كَيْفَ يُمْكِنُ لِعَمَلٍ مَسْمُوحٍ بِمُوجِبَ اَلْقَانُونُ اَلدَّوْلِيُّ أَنْ يَكُونَ مُجْرِمٌ اِسْتِنَادًا لِمَسَاسِهِ بِالْقَانُونِ اَلدَّوْلِيِّ . فَحَيْثُ نَجِد فِي ذَلِكَ تَنَاقُضٌ وَاضِحٌ . وَعَلَيْهِ أَنْ مَا يَقُومُ بِهِ أَبْوَاقَ اَلصَّهِيَانَة مِنْ مُمَارَسَتِهِمْ لِحَقِّهِمْ فِي اَلتَّعْبِيرِ عَنْ اَلرَّأْيِ ضِمْنَ مَا كَفَلَهُ اَلْعَهْدُ اَلدَّوْلِيُّ مِنْ حُقُوقٍ مَدَنِيَّةٍ وَسِيَاسِيَّةٍ وَالْمَفْرُوضَ أَنَّ يُقَيِّدُ هَذَا اَلْحَقِّ بِنُصُوصِ قَانُونِيَّةٍ وَطَنِيَّةٍ وَمَعَ ذَلِكَ اَلْمَبْدَأِ يُمَارِسُ اَلصَّهْيُونِيُّ ( أَيْدِي كُوهِينْ ) وَأَعْوَانُهُ مِنْ اَلْأَبْوَاقِ اَلصَّهْيُونِيَّةِ فِي تَعَدِّيهِمْ اَلصَّارِخِ عَلَى اَلْقِيَادَاتِ وَالشَّخْصِيَّاتِ اَلْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ ، دُونُ تَقَيُّدِهِمْ بِقَوَانِينَ وَطَنِيَّةٍ تَحَدٍّ مِنْ حُرِّيَّتِهِمْ اَلْوَقِحَةِ أَوْ مُحَاسَبَتِهِمْ عَلَى تَعَدِّيهِمْ اَلْوَقِحِ بِحُجَّةِ حُرِّيَّةِ اَلتَّعْبِيرِ عَنْ اَلرَّأْيِ . وَعَلَيْهِ وَمِنْ مُنْطَلَقِ مَبْدَأِ اَلْمُعَامَلَةِ بِالْمِثْلِ وَخَاصَّة – مَعَ اَلصَّهِيَانَة - وَبمَا أَنَّ اَلْعَهْدُ اَلدَّوْلِيُّ اَلْخَاصُّ بِالْحُقُوقِ اَلْمَدَنِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ قَدْ سَمَحَ مُمَارَسَةَ هَذَا اَلْحَقِّ فَلِذَا يَجِب عَدَمَ تَجْرِيمِ أَيِّ شَخْصٍ أَبْدَى رَأْيُهُ تُجَاهَ اَلصَّهَايِنَةِ وَأَشْخَاصِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ مَا لَمْ تُجَرِّمْ قُوَانَهِيهَمْ اَلْوَطَنِيَّةَ هَذَا اَلْفِعْلِ إِعْمَالاً لِمَبْدَأِ اَلْمُعَامَلَةِ بِالْمِثْلِ وَتَفْعِيلِاً لِلْعَهْدِ اَلدَّوْلِيِّ اَلْخَاصِّ بِالْحُقُوقِ اَلْمَدَنِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ ، وَأَنْ يَسْمَحَ لِنُشَطَاءِ اَلرَّأْيِ اَلْأُرْدُنِّيُّونَ فِي تَعْبِيرٍ عَنْ أُرَائِيهُمْ تُجَاهَ هَوْلَاءْ اَلصَّهِيَانَة وَأَنَّ لَا يَتِمُّ تَوْقِيفُهُمْ بِذَرَائِعِ تَعْكِيرِ صَفْوِ اَلْعَلَاقَاتِ مَعَ اَلصَّهِيَانَة، وَخَاصَّةً فِي ظِلِّ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ اَلصَّهِيَانَة أَنَّهُمْ لَا يَلْتَزِمُونَ بِمَوَاثِيقَ وَلَا مُعَاهَدَاتٍ ، إِذَا فَكَيْفَ يَسْتَوِي أَنْ يُحَاسِبَ مُوَاطِنٌ أُرْدُنِّيٌّ عَبَّرَ عَنْ رَأْيِهِ تُجَاهَ هَؤُلَاءِ اَلصَّهِيَانَة وَيَجْرِم بِتُهْمَةِ تَعْكِيرِ صَفْوِ اَلْعَلَاقَاتِ بَيْنَ اَلدُّوَلِ بَيْنَمَا يَسْمَحُ لِمُوَاطِنٍ صَهْيُونِيٍّ بِالْإِسَاءَةِ وَلَا يُجَرِّمُ فِي قَانُونِهِ اَلْوَطَنِيِّ وِلَايْتِمْ تُوقَفِينَهُ عَلَى أَيْ تُهْمَة !