زاد الاردن الاخباري -
أرثي أبي الثاني وصديقي الأول وخالي الحبيب
أكرم ملحم محمد الرفاعي
رمز من رموز الوطن الأكفياء
استحق بكده وجهوده المتميزة مكانة تجعله
فخراً للوطن ونبراساً للعظماء
والعرب المخلصين
وأصحاب العلم والأنقياء
في خمسينات هذا القرن كان فقيد الوطن رحمه الله
في السابعة عشر من عمره وحين كان أقرانه يلهون في نوبات المراهقة وغيابة الجهالة واللامبالاة
غادر قرية كفرالماء من ناحية الكوره بمحافظة إربد إلى الجمهورية الألمانية وحيداً غريباً ليجد نفسه في عالم دينه ولغته وأهله وكل ما فيه غريب
دون رعاية من سفير ولا توصية من وزير أو أمير
طلباً للعلم والمعرفة والسؤدد بعقله وإرادته وجهده بعيداً عن حسبه ونسبه
ولا مُستعيناً بالواسطة والمحسوبية
صعد درجات سلم العظمة
ليحصل على درجة الامتياز في الطب
ببداية الستينيات وليحصد في نهايتها الشهادات العاليات وأعظم الانجازات
ويكون في مقدمة الحاصلين على درجة الدكتوراه في الجراحة من أبناء الوطن بفضل من الله وحده دون سواه ولم تُطغه عزة الظفر
بل أجمل إذا انتصر
فأنقذ العديد من الحيوات وترأس العظيم من الدوائر الطبية والمشافي والأبحاث العلمية الأوروبية
وكانت يديه عند ذي الرّثية العديم
حتى قرر التقاعد والعودة لوطنه الذي يُحب وشعبه الذي يُجل تاركاً الحياة الرافهة والفيلات الراقيات في عديد الدول الأوروبيات
كان "رمز الوطن" غنياً بمكارم الأخلاق، مُحباً لفعل الخير،
لم يطرق بابه طالب حاجة إلا عاد بما يفوق حاجته
كان أباً للمساكين والمحتاجين، يحترم الصغير والكبير والأمير والفقير دون تمييز ولا محاباة
حدِباً على الناس ، مُحباً لصلاحهم ،
ولقومه من خير الأعوان، ونعم حامل المعروف والإحسان
فكانت يديه عند ذي الخَلّة الكريم ، والمُعسر الغريم، والمُستضعف الهضيم
وكان يُنفق النفقة لا يعلم بها أحد ، يُغيث الملهوف ويُعين السائل والمحروم ،
فكان غيث لهم إذا أجدبوا، ومفزع إذا نُكبوا
ليس في قلبه غل على أحد من البشر ،
ولم يحسد أو يذكر إنسان بسوء أبد العمر
صادق أمين ، إذا وعد أوفى، وأجزل اذ أعطى،
حريص على العلم والتعلم ، أعان الكثيرين بعلمه وماله ليكونوا من المتعلمين
والله ما قلت هذه الكلمات للرحم حمية ولا عصبية جاهلية
وإن كان "الرمز" من الشمال أو الجنوب، من الشرق أم من الغرب ، من الشيشان والشركس أو من العرب، من المسلمين أو من المسيحيين ، أو حتى بلا دين،
لأبت مروءتي نكران حق ذي حق ،
أو انكار فضل ذي فضل
وما الرثاء للمفاخرة ، فما تفاخر فقيدنا حياً لنتفاخر بإنجازاته ميتاً ، ولا يُخبر عن فضله (عفا الله عن تقصيرنا وتقصيره) أصدق من تركه تزكية نفسه
وقد كان (رحمه الله) السيد الكريم، المفضال الحليم، القمقام الزعيم، الذي إن همّ فعل ، وإن سُئل بذل
وإنما هي سنة ذكر محاسن موتانا إذ رُزئنا فصبرنا وفزعنا إلى حُسن العزاء وزُرعت في قلوبنا الأحزان بما تفجأ به من فراق الأحبة والخلان بلا جزع ولا هوان
فتمنيت لأولي الألباب عظة من شاهد عدل بيوم غنيمة قبل غد لا ندري مَن أهله
فلا تأخذهم عزة العصبية والمحسوبية بالأموات
فالمرء منسوب إلى فعله، ومأخوذ بعمله
فلا خير بأمة تقيس علمائها وعظمائها وقدواتها بمقاييس المحسوبية والعصبية ، وتخلد ذكراهم بتسمية المعالم بأسماء غير العظماء
فأعظم من المصيبة سوء الخَلَف منها وخير من الخير معطيه، وشرٌّ من الشر فاعله.
والله إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع،
وإنا لفراقك يا خال لمحزونون
إنا لله وإنا إليه راجعون
الدكتور / وسام صالح بني ياسين