النموذج الاقتصادي الأردني والحاكمية للمؤسسات والقرارات والبرامج تتفوق وتثبت يوميا انها الاحكم والافضل. الأردن يتميز انه يسير وعن قناعة وطنية على طريق ترسيخ الحاكمية الاقتصادية الرشيدة، ويصلح تحدياته المالية والهيكلية بتدرج، في مسعاه لكي يحقق استقرارا وتوازنا على مستوى الاقتصاد الكلي، وهذا يعد الشرط الاساس لكي يتم اصلاح الاقتصاد الجزئي للافراد ويجلب الثقة بالاقتصاد من قبل المستثمرين، ما سيوفر فرص عمل ويزيد من تمكين الناس اقتصاديا. هذه فلسفة عمل الادارة الاقتصادية للدولة وهذا منطق صحيح وقويم جنب الاقتصاد الأردني منزلقات خطيرة وقعت بها دول عديدة في الاقليم.
نظرة لاقتصادات الاقليم تظهر بوضوح نجاعة النهج الأردني وفائدته. حتى لو أن الاقتصاد ما يزال يعاني ويشكل التحدي الاستراتيجي الاهم، إلا أنه ولولا الحاكمية الاقتصادية والمالية العاقلة في الأردن لكان يمكن ان يكون الوضع أسوأ بكثير، ولذهبنا الى منحدرات صعبة ذهب غيرنا اليها. دول الاقليم تعاني؛ لبنان يواجه انهيارا تاما مؤلما لنظامه المصرفي، وانحدارا لسعر صرف العملة بشكل خطير، العراق ايضا يعاني رغم موارده الهائلة بسبب سوء الادارة، وتركيا وصلت عملتها لحدود شكلت تحديا كبيرا للاقتصاد والقوة الشرائية للمواطنين. مصر الشقيقة التي تفاءلنا بوثباتها الاقتصادية المتميزة دخلت مرحلة صعبة من التحديات الاقتصادية بسبب التوسع بالإنفاق وقلة الاحتياطي من العملات الاجنبية، ما جعل الجنيه المصري يتداعى ليصل 30 جنيها للدولار بالسعر الرسمي واكثر من ذلك بالسعر غير الرسمي. وصل الامر للسماح بالشراء من المناطق الحرة بلا جمارك او ضرائب شرط وضع وديعة بالدولار لزمن معين في البنوك التي منعت سحب الدولار إلا بحدود قليلة حفاظا على العملة الصعبة.
للأردن مصلحة في انتعاش الاقتصادات الاقليمية لأن ذلك سيعود بالخير على الجميع ويستفيد منه الجميع، وبالتأكيد لا نتمنى إلا أن تخرج هذه الدول من ازماتها، لكن يجب ان يعلم الجميع خاصة المجتمع الأردني، انه على ضيق حالنا الاقتصادي نبقى افضل بكثير من غيرنا، فلم ننزلق الى مستويات اقتصادية خطيرة يعاني منها اشقاؤنا. تسنى ذلك بسبب الرشد والعقلانية في ادارة الاقتصاد والمالية العامة للدولة بعيدا عن الشعبويات المضرة، والالتزام ببرامج الاصلاح الهيكلي بواقعية وتدبر، ضمن قناعة ان الاصلاح للاقتصاد على المستوى الكلي الوطني يشكل الارضية الاساس للتقدم الاقتصادي وسوف ينعكس بتدرج على مؤشرات الاقتصاد الجزئي للمواطنين الأردنيين وعلى مستوى معيشتهم.
لسان حال المواطن الأردني انه يريد لهذا النهج الاصلاحي ان ينعكس على وضعه المعيشي مباشرة ويستفيد منه، ويزيد من فرص العمل والقوة الشرائية ويحسن من مستوى معيشته، وهذا كلام حق وجيه لا احد يحاجج بعكسه، لكن ما يمكن قوله الآن ان هذا الاصلاح للاقتصاد الكلي والحاكمية الرشيدة للاقتصاد هو الطريق الوطني القويم، وسوف يعطي رسائل ايجابية للمستثمرين والاعمال المختلفة التي ستأتي للاستثمار والعمل، وهذا سيزيد من النمو وبالتالي خلق فرص العمل، وان الاصلاح الذي نسير عليه جنبنا كثيرا مما انزلق اليه غيرنا.