كتب ماجد القرعان - في خطوة مثيرة للتساؤل قام بزيارة العاصمة الأردنية عمان أكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلي تطرفا زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو الذي تحالف مع احزاب شديدة التطرف لتمكينه من تشكيل حكومته الحالية والتي بدأت عملها بتصعيد معاداتها لأبناء الشعب الفلسطيني ومحاولة التغول والتمادي على الوصاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وتقويض فرص السلام .
الزيارة اقتصرت على مباحثات اجراها مع جلالة الملك بحضور عدد من المسؤولين فيما جاء البيان الصحفي الذي نشرته وكالة الأنباء الاردنية الرسمية ( بترا ) مقتضبا واقتصر على ما قاله جلالة الملك خلال جلسة المباحثات وملخصه ان مواقف الأردن واضحة وثابته بالنسبة للقضية الفلسطينية والمقدسات في القدس العربية حيث شدد جلالته على ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وعدم المساس به وضرورة الالتزام بالتهدئة ووقف أعمال العنف لفتح المجال أمام أفق سياسي لعملية السلام ووقف أية إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام.
كما أعاد جلالته التأكيد على موقف الأردن الثابت الداعي إلى الالتزام بحل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل ... فما سر هذه الزيارة التي هي الأولى منذ زيارته الأخيرة قبل اربع سنوات ؟
معروف ان الأوضاع في الداخل الإسرائيلي وكذلك في اراضي السلطة الفلسطينية كما نقرأ في وسائل الإعلام العالمية غير مريحة لا بل ان حكومة نيتنياهو تواجه تحديات كبيرة ابرزها تصاعد عمليات المقاومة في مواجهة غطرسة قوات الإحتلال حيث لا يمر يوما دون استشهاد مقاتلين فلسطينيين وسقوط قتل وجرحى من قوات الإحتلال والمستوطنيين فيما اشتدت في الداخل الإسرائيلي قوى المعارضة لحكومة نيتنياهو حيث نظم عشرات الآلآف المظاهرات الحاشدة مطالبين برحيل حكومته في الوقت الذي جوبهت به حكومته بانتقادات شديدة من قبل العديد من دول العالم والمنظمات الدولية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا منتقدين نهج حكومته في تعاملها مع الشعب الفلسطيني والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس العربية .
في قراءة لما بين السطور لهذه الزيارة المفاجئة مع الأخذ بعين الأعتبار لواقع المعارضة الذي يتنامى يوما بعد يوم داخل اسرائيل وتعامل هذه الحكومة مع ابناء الشعب الفلسطيني من بطش ومحاولات تهجير وتوسيع المستوطنات والأعتداء على ممتلكاتهم يخرج المراقبون والمحللون بتصور أخر خارج النص الرسمي للزيارة والذي بتقديري لا يتعدى احد أمرين وفي الحالتين بمثابة دبلوماسية جديدة لهذه الحكومة المتطرفة لا يتعدى التمثيل وكسب الوقت ومحاولة بائسة لتغيير نظرة دول العالم لممارساتها التي لا تجيزها القوانين الدولية والمبادىء الإنسانية لكن الزيارة تؤكد على مكانة المملكة الأردنية الهاشمية اقليميا ودوليا بان الأردن بمثابة عامود الإرتكاز الأمني في المنطقة وأن على اسرائيل التي تخشى خطر الديمغرافيا العربية أكثر من الأسلحة الفتاكة في ترسانتها ان تتعامل مع هذا الواقع .
والأمر الثاني أنها باتت تخشى الوعي الذي اجتاح شعوب غالبية دول العالم وبخاصة في الدول الداعمة والحليفة لها بخصوص القضية الفلسطينية وكشف عورتها بأنها دولة احتلال ولها أطماع توسعية أن تنقلب هذه الدول ضدها بضغط شعبي أو يقل حجم المساعدات العسكرية والمالية التي تتلقاها فأراد بزيارته هذه ان يُطمئن هذه الدول أولا وأن يهيء لدبلوماسية جديدة مع دول المنطقة وبخاصة الأردن الملتزم بمواقف ثابتة وكذلك المملكة العربية السعودية التي أكدت مؤخرا وعلى لسان وزير خارجيتها بأن الاتفاق على إقامة دولة فلسطينية سيكون شرطا مسبقا للسعودية لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل ما زاد من قوة المعارضة في الداخل الأسرائيل حيث كان لديهم أمل بالأنفتاح على جميع دول المنطقة وزاد من قناعتهم بفشل نهج هذه الحكومة .
ما خرج به نتنياهو من هذه الزيارة رسالة واضحة من المفترض ان يشكر جلالة الملك عبدالله عليها اذا كان فعلا وحكومته لديه رغبة حقيقية لسلام عادل يضمن للاسرائيليين الأمن والإستقرار ويُعيد للشعب الفلسطيني حقوقه ويضمن اقامة دولتهم المستقلة وفقا للقرارات الدولية ويضمن للاسرائيليين الأمن والإستقرار والمتمثل بالموقف الثابت الذي عبر عنه جلالته والذي من شأنه ان يساعد دول المنطقة للنهوض بشعوبها وتحقيق نهضة في المجالات كافة
والحقيقة الثابته التي تُقدرها وتعيها القيادات والقوى المؤثرة في كافة دول العالم ان قوة الأردن من قوة شعبه الملتف حول قيادته والملتزم بثوابت الدولة .