زاد الاردن الاخباري -
وزعت وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية نص خطبة يوم غد الجمعة الموافق 27-01-2023م على خطباء المساجد في المملكة.
وتاليا نص الخطبة:
عنوان خطبة الجمعة : ( فضل شهر رجب الحرام )
الْحَمْدَ لِلَّهِ الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، نحمده ونستعينه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة حق تنجينا من عذاب أليم ، عليها نحيا وعليها نموت ، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة ، وجاهد في الله حق جهاده وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
لقد أظلنا شهرٌ عظيمٌ مبارك من الأشهر الحرم التي اختارها الله تعالى، لتكونَ مواسم للبرّ والطاعة والعمل الصالح، نتعرض فيها لنفحات الله تعالى، حيث يصبّ الخير فيها صباً، وتُستنزل فيها الرحمات والبركات، كيف لا وقد خصها الله تعالى بالذكر في كتابه الكريم من بين سائر الشهور، قال الله تعالى : ﴿إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36]، ومما لا يخفى أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الذي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ .." متفق عليه.
وقد سُمي شهر رجب بذلك؛ لأن العرب كانت تعظمه قبل الإسلام، فتتوقف فيه القبائل عن الاقتتال فيما بينها، لذلك كانوا يسمونه برجبٍ الأصم، فَتنزع الأسنّة من الرماح وتوضع الأسلحة وتحقن الدماء، وما هذا إلا لحرمته ومكانته المتوارثة عند العرب، فجاء الإسلام وأكد على حرمة هذه الأشهر الحرم، وأنها من شعائر الله تعالى التي من حقها التعظيم والتبجيل، ومن دلالاتها الصدق والتقوى والخوف من الجليل ، قال الله تعالى:﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ الحج:32، ولذلك عَزَّزَ الإسلام القيم الفاضلة في المجتمع وبنى عليها ، لا سيما إذا أدى ذلك الى نشر الخير والأمن في المجتمعات، وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم شهر رجب كما بقية الأشهر الحرم، فدعا الى اغتنامه بما يقرب الى الله تعالى من الطاعات والاعمال الصالحة؛ فيُستحبُّ للمسلمِ في هذا الشهر وسائر الأشهر الحرم المواظبةُ على ما ثبتت به السنّةُ المطهرة في سائرِ الأيّامِ من نوافلِ الطّاعاتِ؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وصدقاتٍ، وغيرِها من القرباتِ، والإكثار منها مع المحافظةِ على الفرائضِ والواجباتِ، فالتّقرّبُ إلى اللهِ عزّ وجلّ بالطّاعةِ في الشّهرِ الحرامِ أفضلُ وأحبُّ إليه سبحانه وتعالى من التّعبُّدِ في سائرِ الأيّامِ.
كما ويجب على المسلم في هذا الشهر العظيم أن يبتعد عن ظُلمِ نفسِه، بمعصيتِه لخالقِه، ومخالفة أمره ونهيه، وخاصّة تلك التي يتساهل فيها الناس من صغائرِ الذُّنوبِ؛ ومحقرات المعاصي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم :" إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ" رواه الإمام أحمد، وكذا يجب على المسلم الابتعاد عن ظلم الآخرين بالغيبة والنميمة والقيل والقال، والتعدي على أموال الناس وأعراضهم ودمائهم، قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهَ﴾ البقرة:217، ليكون بذلك شهر رجب الأغرّ فرصة لضبط النفس وتدريبها على الالتزام بخصال الخير، والابتعاد عن خصال الشر، استجابةً لقوله الله تعالى: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم﴾ التوبة:36. قال ابنُ عبّاسٍ –رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية - كما روى الطّبريّ في تفسيره: "في كلِّهنّ، ثمّ اختصَّ من ذلك أربعةَ أشهرٍ فجعلهنَّ حراماً، وعَظّم حُرُماتِهنَّ، وجعل الذنبَ فيهنَّ أعظمَ، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظم".
بَيِّضْ صَحيِفَتَكَ السَّوْدَاءَ فِي رَجَبِ***بِصَالِحِ الْعَمَلِ الُمنْجِي مِنَ اللَّهَبِ
شَهْـرٌ حَرَامٌ أَتَى مِنْ أَشْهُرٍ حُرُمِ***إِذَا دَعَا اللهَ دَاعٍ فِيـهِ لَمْ يَـخِبِ
طُـوبَى لِعَبْدٍ زَكَى فِيـهِ لَهُ عَمَلٌ ***فَكَفَّ فِيهِ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالرِّيَـبِ
وفي شهر رجب وقعت العديد من الأحداث التاريخية بدءًا من حادثة الاسراء والمعراج الشريفين مروراً بغزوة تبوك ، التي منَّ الله تعالى بها بنصره المؤزر المبين لنبيه صلى الله عليه وسلم بغير قتال، قال صلى الله عليه وسلم: " نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ " رواه البخاري ومسلم .
وفي شهر رجب أيضاً لبى نداء الأقصى القائد المسلم السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى عام 583هجري، ففتحه الله تعالى على يديه، وحرره بعد احتلالٍ دام أكثر من ثمانين عاماً.
فما أحوجنا اليوم والاقصى المبارك أسير في أيدي الغاصبين والمحتلين، أن نتفاءل بهذا الشهر الحرام بعودة المسجد الأقصى المبارك الى حياض الإسلام والمسلمين، فعلاقتنا بالمسجد الأقصى علاقة عقدية يتوحدُ جميع المسلمين عليها، وهو قضية عادلة يوافقنا عليها جميع الشرفاء في العالم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده ، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران : 102.
عباد الله : إن شهر رجب يعدُّ موسماً عظيماً من مواسم الخيرات والبركات، تتجلى فيه الفضائل والكرامات لأهل الإيمان، المقبلين على طاعة، المتعرضين لنفحات الخير والرحمة والمغفرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْتَمِسُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَيُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ» معجم الطبراني.
ولا تنسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: « خَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» رواه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم: « من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي, وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح. » رواه أبو داود.
سائلين الله تعالى أن يحفظ جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبد الله وأن يوفقهما لما فيه خير العباد والبلاد ، إنه سميع مجيب
والحمد لله رب العالمين