زاد الاردن الاخباري -
قبل 20 عامًا، كان الشخص العادي يستطيع ببساطة أن يركز على شاشة واحدة لمدة 2.5 دقيقة قبل أن يتعرض لتشتيت الانتباه، في حين أن القدرة على التركيز في الأيام الحالية لأكثر من 47 ثانية قبل أن يتحقق من رسائل البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي، تعد نجاحًا، بحسب ما ورد في تقرير أعده كارمين غالو، ونشرته مجلة Forbes الأميركية.
يقول غالو، مدرب التواصل وموجه في هارفارد، ومؤلف كتاب The Bezos Blueprint عن استراتيجيات القيادة والاتصال التي غذت نمو منصة أمازون، إن هناك خطوات محددة يمكن اتخاذها لمحاربة التشتت واستعادة القدرة على التركيز وإطلاق العنان للإبداع.
ينقل غالو عن عالمة النفس الدكتورة غلوريا مارك، مؤلفة كتاب الجديد Attention Span، قولها إنه في المقام الأول يستغرق الأمر حوالي 25 دقيقة لاستعادة التركيز بعد انقطاعه، علاوة على أن تكاليف التبديل من التركيز إلى التشتيت ثم الانتباه مجددًا تؤدي إلى مشاعر سلبية مثل القلق والتوتر والإرهاق وتدهور الإبداع.
** التفاعل بين الإنسان والحاسوب
يقول غالو إنه عندما تحدث إلى الدكتورة مارك مؤخرًا عبر مكالمة فيديو أثناء تواجدها في جامعة كاليفورنيا، حيث تقوم بتدريس التفاعل بين الإنسان والحاسوب، أعطت مجالًا للأمل. فوفقًا للدكتورة مارك، يمكن للإنسان تعلم عادات محددة لاستعادة التركيز وتقديم أفضل ما لديه على الرغم من توافر الكثير من الانحرافات المغرية في متناول الأيدي.
1- إعادة التفكير في العلاقة بالشاشات
وتشرح الدكتورة مارك أن الاهتمام الفردي بالتكنولوجيات الشخصية أصبح أقصر بشكل ملحوظ بمرور الوقت. ويصدق هذا الاتجاه عبر فئات الوظائف: المديرين والإداريين والمحللين الماليين والتقنيين ومطوري البرامج وغيرهم.
إن إحدى الأساطير التي تطورت على مر السنين هي أن الأشخاص يكونون أكثر إنتاجية إذا كانوا يستخدمون أجهزة الكمبيوتر طوال اليوم، في حين أن العكس هو الصحيح تمامًا، بحسب ما توصلت إليه نتائج أبحاث الدكتورة مارك وزملاؤها لإثبات ذلك، إذ إن إضافة اجتماع آخر عبر تطبيق مثل زووم في مساحة الـ 20 دقيقة الوحيدة المتبقية للشخص في يومه لا تجعله أكثر إنتاجية.
تقول الدكتورة مارك: "كما اتضح، فإن التركيز لفترات طويلة من الوقت، خاصة بدون فترات راحة، ليس أمرًا طبيعيًا لمعظم الناس. يستهلك تبديل الانتباه المستمر قدراتنا المعرفية المحدودة للغاية، والطاقة المعرفية التي يجب أن نخزنها لأهم مشاريعنا".
2- حماية الانتباه في أوقات التركيز القصوى
بمجرد قبول أن زيادة وقت استخدام الكمبيوتر أو الهواتف الذكية ليس السبيل بالضرورة لتحقيق مزيد من الإنتاجية، يمكن للشخص تغيير بعض العادات، والتي يأتي على رأسها حماية انتباهه خلال تلك الأوقات من اليوم التي يكون فيها تركيزه في ذروته.
وقالت الدكتورة مارك: "بالنسبة للكثيرين، تحدث ذروة التركيز في منتصف الصباح ومنتصف بعد الظهر. إنها تتوافق مع مد وجذر الموارد العقلية. وربما يجد بعض الأشخاص أن ذروة تركيزهم تكون في وقت سابق، والبعض الآخر في وقت لاحق. ولكن إذا كان المرء على دراية بأوقات تركيزه القصوى، فيمكنه جدولة المهام التي تتطلب قدرًا كبيرًا من التفكير والجهد الأصعب والتفكير الإبداعي".
قبل كل شيء، كما تقول الدكتورة مارك، لا ينبغي إهدار وقت ذروة التركيز عند إرسال رسائل البريد الإلكتروني التي يمكنها الانتظار أو تمرير خلاصات الوسائط الاجتماعية بلا تفكير، وإنما يمكن الاستفادة من الوقت الذي يكون فيه خزان الإدراك ممتلئًا.
3- فترات راحة ذات مغزى
يبلغ الأشخاص عن شعورهم بالإرهاق عندما "يركزون" على أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية لساعات دون فترات راحة. يكمن سر إعادة التزود بالوقود واستعادة الطاقة المعرفية في أخذ المزيد من فترات الراحة - ليس فقط أي فترات راحة، ولكن فترات راحة ذات مغزى.
ببساطة، يحتاج العقل إلى إعادة تزويد خزانه المعرفي بالوقود قبل أن يصبح فارغًا. لكنه يتطلب النوع المناسب من الوقود، أي الوقود الذي يحافظ على انخراط الدماغ مع عدم زيادة التحميل عليه. إن هناك نوعان مثبتان من الاستراحات الهادفة التي توفر وقودًا إيجابيًا، أولهما، المشي في الطبيعة لمدة 20 دقيقة وإذا لم يكن متاحًا، يمكن ممارسة بعض الحركة البدنية لتقليل التوتر بشكل كبير وتحسين "التفكير التباعدي"، وهو أمر ضروري للعصف الذهني وخلق الأفكار. وثانيهما، أن يقوم الشخص بمهام بسيطة مثل حل ألغاز الكلمات المتقاطعة أو البستنة أو الألعاب، بما يسمح لعقله بالبقاء متيقظًا بينما يتم احتضان الأفكار الرائعة في الخلفية.
ويختتم غالو قائلًا إنه يتفق مع رأي الدكتورة مارك على أنه بينما تعمل هذه الاستراتيجيات على المستوى الفردي، يجب على مديري الأعمال وقادة فرق العمل فهمها أيضًا، بحيث يمكن أن يمنحوا أعضاء فرق العمل ما يمكن تسميته "مساحة سلبية" في اليوم.
وفي الفن، تكون المساحة السلبية هي المساحة الفارغة حول الأشياء في اللوحات أو تصميم الحدائق. تجعل المساحة السلبية موضوع التركيز أكثر جمالًا وديناميكية. وينطبق الشيء نفسه على الأنشطة اليومية لفريق العمل، حيث أن تكديس الكثير من المهام المتتالية مع عدم وجود فواصل ذات معنى أو مساحة فارغة لا تفيد أي طرف في منظومة العمل، لأنها لا تجعل أعضاء الفريق أكثر إنتاجية ويمكن أن تعيق إبداعهم بشكل جدي.