زاد الاردن الاخباري -
من الحزن والاكتئاب والتنمّر والتعب والبكاء والحزن، إلى مؤثّرة ناجحة تتحدث عنها مختلف الأوساط العربية.
هي الشابة الأردنية حنين التميمي، ابنة الـ21 عاماً، والتي اكتشفت بعمر الـ7 سنوات إصابتها بمتلازمة "توريت" النادرة.
إصابة جعلتها تفتعل حركات لا إرادية في وجهها وجسدها يرافقها صوت شخير غريب، حيّرت بأعراضها الكادر الطبي في بلادها.
فشل في تحديد المرض
ومن طبيب لآخر، نصحتها أخصائية أطفال بزيارة طبيب أعصاب، حتى فشل الأخير بتحديد المرض مرّة أخرى.
إلا أن قلب الأم لم ييأس، فوجدت والدة حنين الحل عبر أبحاث غوغل، لتتأكد من إصابة ابنتها بالمتلازمة النادرة التي تحدث بسبب خلل جيني وراثي، وتبدأ بعدها رحلة البحث عن علاج.
أثناء تلك المدة، تعرّضت حنين لأنواع كثيرة من التنمر، عاشتها في مدرستها التي دخلت إليها طالبة عادية كون حالتها لم تستدعِ اهتماماً خاصاً، ثم في الشارع وأماكن أخرى.
وفي عمر الـ17 عاماً، دخلت طالبة العلوم المالية والمصرفية، في نوبة اكتئاب أشعلتها وفاة والدها، بقيت فيها 3 سنوات، لم ترَ فيها النور إلا نادراً.
كما عاشت حنين رهاباً اجتماعياً تجلّى بخوف من مواجهة المجتمع الخارجي، فبقيت على سريرها سنوات صادقت فيها هاتفها فقط.
ورغم محاولات العائلة لإخراجها من محنتها، لم تفلح إلا صديقة واحدة همست بأذنها جملة قلبت كل الموازين.
جملة واحدة من صديقة غيرت مسار حياتها
فأمام هذا اليأس، سمعت حنين جملة من صديقة تونسية غيّرت لها كل قواعد اللعبة، وجعلتها تعيد التفكير بكل خطواتها.
فقد انتقدت الصديقة حنين بأنها تجعل "متلازمة توريت" محور تفكيرها، حتى غدت لا تستطيع الإجابة عن أي سؤال خارجها، ناصحة إياّها بأن ترى الأمور من زاوية أخرى.
وقالت لها: "أنت لا تستطيعين الإجابة على أي سؤال يخصّك خارج المتلازمة، لو سألك أحدهم من أنت، ماذا تحبّين؟، ماذا تكرهين، إلى ماذا تطمحين؟، لفشلت بالإجابة".
وما إن سمعت حنين ذاك الكلام، حتى قررت تغيير حياتها وحياة من هُم مثلها، ورأت أن الحل الأفضل يكمن في مواجهة المشكلة لا التهرّب منها، فاتجهت أولاً لقراءة الكتب التي تُعنى بالوعي النفسي، وحب وتقبل الذات.
إلى أن قررت بعد فترة أن تبدأ جلسات توعية تساعد فيها من هُم مثل حالتها، لتفاديهم ما مرّت به من معاناة.
أول فيديو تنمّر بمليون مشاهدة!
ووجدت أن عليها مسؤولية كبيرة في ذلك، فبدأت بالخطوة الأولى بأن نشرت عبر حسابها في "تيك توك"، أول فيديو تحدّثت فيه عن حادثة تنمّر تعرضت لها بأسلوب مرح، لتحصل المفاجأة، حيث حصد الفيديو مليون مشاهدة.
وأضافت أن أغلب التعليقات التي وردت عليه كانت تسأل عن تفاصيل المتلازمة وماهيتها وأعراضها وعلاجها دون أن تقرأ كلمات تنمّر.
إلى ذلك، أوضحت أن قلة وعي الناس تضاعف من معاناة الشخص وتبقيه محاصرا بنظرات الخوف والشفقة والاستغراب، لكن عندما يتثقّف المجتمع ويدرك الناس تماما حجم خطئهم تتغير المعادلة كليّاً وهو ما حصل معها.
الطموح والهدف
أما عن طرق علاج هذه الحالة والتخفيف من حدتها، فتوضح حنين أنها تخضع لإشراف طبي نفسي يتم من خلاله تعديل السلوك دون اللجوء للأدوية، وذلك بإعطائها بعض التمارين والعمل على رفع التركيز لديها عن طريق جلسات التأمل والاسترخاء، إضافة إلى السباحة والقيام بهواية معينة تحبها وبإمكانها أن تشغلها.
يذكر أن حنين تسعى اليوم عبر حسابها على "تيك توك"، لأن تنشر الوعي بين الناس حتى يكونوا أكثر تقبلا واحتراما للاختلاف.
ومن خلال مقاطع الفيديو تحاول توصيل أكبر عدد من الرسائل سواء عن المرض وتعريفهم به أو عن كيفية التعامل مع الآخرين ممن لديهم مشكلة معينة ومراعاة ظروفهم ومشاعرهم بعيدا عن التنمر والخوف منهم.
كما تابعت أن طموحها يكمن بتأسيس أكبر مؤسسة "توريت"، تساعد من خلالها من مرّوا مثلها بالظروف نفسها، كي تخفف معاناتهم.
وأيضا تركز حنين على توعية الأهالي وكيفية تربيتهم لأطفالهم، بأن يتعاملوا مع إصابتهم على أنها ميزة وليست مرضاً، مؤكدة على أن لكل مصاب ما يميّزه عن غيره.