إنّ مسألة التربية هي مسألة مهمة في مجتمعنا،وعلى أساسها يكتسب التعليم أهمية كبري،وإذا ما تطلعنا على الخارطة السياسية العالمية نجد أن لكل دولة إستراتجيتها التنموية، والمفروض أن كل دولة تكيف وتبرمج موادها التعليمية على هذا الأساس وباعتبار الأردن دولة نامية تحاول أن تصنع لنفسها مكانة عالمية،فالأمر يصبح مرتبطا بضرورة تكييف التربية والتعليم وفق متطلبات العولمة.
كما نجد أنّ تطوير التعليم هو حلم معاصر لكل دولة لأنّه يمثل الوعي الإجتماعي، فالإنسان المتطور لاينشغل بالأمور المادية وإنما بالفكر والوعي،وبالتالي يجب بناء فلسفة تربوية تقوم عليها سياسة المجتمع،وكذلك إقامة التوازن بين الكم والكيف، وبين أهداف التربية وبين إعداد الفرد القيمي والتربوي والوطني،وذلك لايتم إلا بإصلاح المنظومة التربوية الوطنية.
إنّ النظرة إلى التربية بمختلف إجراءاتها ووسائطها يعتبر إحدى المصادر الأساسية للقوة بالنسبة للفرد والمجتمع، وهذا ينسحب على كافة المجتمعات القديمة والمعاصرة، المتقدمة والنامية، وإن تفاوتت درجة الإعتماد على عمليات التربية بإعتبارها مصدرا للقوة، ومن هنا كان الإهتمام جدّ واسع في توفير فرصة للتربية بشتى صورها وذلك من منطلق الإيمان بأنّه كلما نمت قدرات الفرد وإمكانيته كلما أدى ذلك إلى تقدم المجتمعات وقوتها، ولعلّ تجارب الأمم الأكثر تقدما وتطورا في هذا الصدد تمثل الدافع الأساسي الذّي جعل الأمم والمجتمعات الأحدث تحذو حذوها معتمدة على التوسع في التعلم كما وتحسينه كيفا.
وهكذا أصبحت الدول النامية، أو ما يطلق عليها دول العالم الثالث تسعى جاهدة ولا سيما بعد أن تحررت سياسيا للإنطلاق في عملية التنمية الشاملة مرتكزة في ذلك على التنمية والتعليم بصفة خاصة. ولكن هذه المجتمعات النامية كثيرا ما تواجه في سعيها هذا بالكثير من المعوقات والمشكلات التي ليست بالضرورة ذات صبغة تعليمية بحتة، وإنّما عادة ما تكون مشكلات وعقبات إجتماعية بالمعنى العام للكلمة.
وعلى هذا الأساس فإنّ أهم شيء في أي إصلاح تربوي أو إجتماعي إنّما يتمثل في مدى إتباع الأسلوب في التفكير والتنفيذ والتربية كعملية وممارسة موضوعها الإنساني في صورته الإجتماعية وهي تستند إلى أصول وقواعد وتحكمها نظريات وأساليب تستند على أسس علمية. فعملية التربية في أي مجتمع تستهدف في المقام الأول إسعاد الفرد والإرتقاء بالمجتمع، وعليه فالعلاقة وثيقة بين التربية والمجتمع بكل ما يمثله من حركة وانساق ونظم وظواهر ومشكلات وما إلى ذالك من مكونات.
ولما ّكانت التربية هي صانعة الإنسان، فهذا يحتم علينا فهمها في إطارها الشامل، من أجل تطوير عمليات البحث العلمي، وتجديد طرق التعليم وتطويرها وفق متطلبات العصر، وكذلك من أجل القضاء على شبح الأمية والتخلف الفكري الرجعي.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة العربية المقارنة والتخطيط اللغوي