زاد الاردن الاخباري -
غيَّرت بعض الزلزال المدمرة الجغرافيا والتاريخ على حد سواء، وأشعلت حروباً أو غيَّرت أنظمة، في هذا التقرير نرصد أشد الزلازل تدميراً في التاريخ الحديث وكيف أصبحت نقاطاً مفصلية في الهندسة المعمارية والسياسة والتاريخ.
وضرب زلزال بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر، فجر الإثنين، قضاء بازارجيق بولاية قهرمان مرعش جنوبي تركيا، وبلغ عمق الزلزال 7 كيلومترات تحت سطح الأرض، وأدى إلى خسائر كبيرة في جنوب تركيا وشمال ووسط سوريا، وشعرت بآثار زلزال تركيا وسوريا ومدن تبعد ألف كيلومتر عن مركزه.
وأعلنت إدارة الطوارئ والكوارث التركية (آفاد) وقوع زلزال جديد ظهر الإثنين، مركزه قضاء ألبيستان بولاية قهرمان مرعش بجنوب البلاد بقوة 7.6 ريختر.
وتجدر الإشارة إلى أن "الهزة الارتدادية" يمكن أن تكون أكبر من الزلزال الأوّلي، حسب موقع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن هذه أكبر كارثة تشهدها تركيا منذ 83 عاماً، وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي إن عدد القتى ارتفع إلى 1541 شخصاً بحلول مساء الإثنين.
تركيا تقع في منطقة شديدة النشاط، وشهدت قبل 2000 عام واحداً من أشد زلازل التاريخ دماراً تقع تركيا في منطقة تشهد نشاطاً زلزالياً هو من بين الأعلى في العالم، إذ تتموضع على خط صدع عميق، وقد شهدت عدداً كبيراً من الزلازل والهزات الأرضية.
إذ تمثل تركيا نقطة التقاء عدة أحزمة زلزالية أخطرها حزام ألبايد الممتد من أقصى غرب البحر المتوسط حتى إندونيسيا، والذي يعد ثاني أخطر أحزمة الزلازل بعد حلقة النار الممتدة حول المحيط الهادئ الذي يشمل اليابان وغرب الأمريكيتين.
فلقد شهدت مدينة أنطاكيا التي تقع في تركيا حالياً عام 115 ميلادية ثالث أكبر الزلازل في التاريخ من حيث عدد القتلى على مدار التاريخ؛ حيث توفي نحو 260.000 7.5، وأصيبت بيروت بأضرار بالغة جراء هذا الزلزال. ووقع تسونامي محلي وألحق أضراراً بالساحل اللبناني، تقرير لموقع Our World Data.
وتأخذ الحكومة التركية بحسبانها المخاطر المتعلقة بالزلازل، ما دفعها عقب زلزال 1999 إلى إحداث "هيئة الكوارث والطوارئ" (آفاد)، كما عملت على إصدار قوانين خاصة بالبناء.
الكل يخشى زلزال إسطنبول الكبير وبين الفترة والأخرى تخرج تحذيراتٌ ودراساتٌ وتوقعات إلى الواجهة، لتؤكد أن زلزال إسطنبول وفي حال وقوعه سيكون مدمراً، وقد ينتج عنه كارثة لم يسبق أن شهدتها تركيا، منذ عقود، حسبما ورد في تقرير لموقع قناة "الحرة" الأمريكية.
وأصبحت إسطنبول واحدة من أكثر المدن نشاطاً في العالم من حيث التخفيف من مخاطر الزلازل، حسب البنك الدولي، الذي يقول في تقرير له إنه تم تحديث أكثر من 700 مبنى عام لمساعدتها على تحمل الصدمات الزلزالية وتم تقديم تدريب على التأهب للكوارث لأكثر من 450.000 شخص.
خبير الزلازل، الدكتور ساميت أرسلان، قال في تقييمه للزلزال الذي ضرب دوزجه في نوفمبر/تشرين الثاني 2022: "لا فائدة من إغماض أعيننا، علينا مواجهة الحقيقة.. زلزال إسطنبول أقرب مما كان عليه بالأمس".
وأوضح أرسلان، وهو مدير مركز أبحاث وتطبيقات هندسة الزلازل في "جامعة غازي"، أن "زلزال إسطنبول سيحدث بطريقة أو بأخرى. إذا نظرنا إليه إحصائياً وعلمياً، فقد حان الوقت لزلزال إسطنبول"، مشيراً إلى "خط صدع شمال الأناضول هو خط زلزالي يهاجر ويتحرك من الشرق إلى الغرب".
زلزال تركيا المدمر في عام 1999 أدى لتغيرات اقتصادية وسياسية كبيرة في عام 1999 وقع زلزال مدمر في تركيا بقوة 7.6 درجة؛ أي أقل قوة من الزلزال الحالي، وأسفر عن مقتل 18373 شخصاً، وفقاً لهيئة إدارة الكوارث والطوارئ "آفاد".
وفق تقدير رسمي حكومي نُشر بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول 1999، فإن عدد الجرحى كانوا 43 ألفاً و953، فيما تشير مصادر غير رسمية إلى أن أعداد القتلى وصلت إلى نحو 45 ألف شخص.
إضافة إلى تضرر 365 ألف مبنى، انهار أكثر من 112 ألفاً منها، وفقاً لما ذكرته صحيفة Daily Sabah التركيّة، بينما تشرد أكثر من 250 ألف شخص، بتكلفة أضرار مباشرة بلغت نحو 6.5 مليار دولار أمريكي، بينما التكاليف الثانوية تجاوزت الـ20 مليار دولار.
حدث زلزال إزميت في المناطق الحضرية الصناعية والأكثر كثافة سكانية في إسطنبول، تشير التقارير إلى أن حوالي 120 ألف منزل تضررت بشدة بسبب سوء البناء. كما تضرر العديد من الجسور والبنية التحتية الأخرى. من الناحية الاقتصادية، قدرت الأضرار بنحو 23 مليار دولار.
بينما يقول البنك الدولي إن الزلزال تسبب في أضرار تُقدر بنحو 5 مليارات دولار للاقتصاد التركي – ما يقرب من 2.5٪ من الناتج القومي الإجمالي للبلاد.
وفي المناطق الصناعية تسبب الزلزال في اندلاع حريق خطير لم تتم السيطرة عليه إلا بعد خمسة أيام. أظهر زلزال إزميت وجود فجوات في قدرات وكالات الاستجابة للكوارث آنذاك. وساعدت الاستجابة الدولية الواسعة الجرحى والمشردين وعملية البحث والإنقاذ الشاملة.
ساهم الزلزال وعوامل أخرى بينها عدم الاستقرار السياسي والفساد، في أزمة اقتصادية كبرى في البلاد، دفعت البلاد للجوء لصندوق النقد، وكانت هذه المشكلات سبباً في عملية إصلاح سياسي جذري أدت لوصول حزب العدالة والتنمية والعدالة للحكم في عام 2003، حيث بدأ الإصلاح الاقتصادي في البلاد.
وحتى قبل وصول حزب العدالة للسلطة بدأت تركيا في عملية تأهيل البلاد للتعامل مع الزلازل.
فعندما توقف الاهتزاز وبدأت عملية التعافي، انتهز المسؤولون في الدولة الفرصة للبدء في تنفيذ سلسلة من الخطوات لضمان عدم حدوث كارثة بهذا الحجم مرة أخرى. بعد أربعة عشر عاماً، وبعد استثمار أكثر من 1.5 مليار دولار من الحكومة التركية والبنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى.
نظراً لأن التوسع الحضري السريع وغير المخطط له قد تم تحديده أيضاً كعامل خطر، فقد تم تقديم استراتيجية "التحضر المخطط وتعبئة إنتاج المساكن"، وتم تنفيذ نظام تأمين إلزامي ضد الزلازل، وتعزيز البنية التحتية العامة الحيوية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والأنابيب وشريان الحياة. باشر. كان هناك زيادة في الوعي بالكوارث من قِبل القطاعين العام والخاص والاعتراف بالدور المهم للمجتمع المدني، حسب موقع preventionweb.
وبرزت إسطنبول كواحدة من أكثر المدن نشاطاً في العالم من حيث الحماية من المخاطر الزلزالية، وهي الآن بمثابة نموذج لإدارة مخاطر الكوارث، حسب البنك الدولي.
ورغم أن الزلزال الأخير بلغت قوته 7.7 على مقياس ريختر أي أقوى من زلزال 1999، فإنه من الواضح أن الخسائر أقل، علماً بأن حجم الأضرار النهائية لم يتضح بعد.
وقد يرجع ذلك لحد كبير لجهود إصلاح البنى الأساسية والاستعداد للزلزال الذي جرى في البلاد، وهي مسألة أساسية تظهر آثارها بشكل واضح في انخفاض حجم الأضرار التي باتت تصيب بلداً مثل اليابان رغم تعرضها لزلزال مدمرة.
إليك أشد الزلازل تدميراً في التاريخ الحديث كان أقوى زلزال سجلته أجهزة الرصد الزلزالية في أي مكان على الأرض هو زلزال بلغت قوته 9.5 درجة في تشيلي في 22 مايو/أيار 1960. وقد حدث هذا الزلزال على صدع يبلغ طوله 1000 ميل وعرضه 150 ميلاً.
ولكن هذا الزلزال، أشد الزلازل تدميراً في التاريخ الحديث، حيث أدى إلى مقتل أكثر من 4000، حسب موقع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS.
زلزال سان فرانسيسكو الأكثر دموية في تاريخ أمريكا كان زلزال سان فرانسيسكو بقوة 7.8 درجة الذي وقع عام 1906 هو الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة؛ حيث أدى وما تلاه من حريق لمقتل 3000 شخص ودمر أجزاء كبيرة من المدينة.
ووقع أكبر زلزال أمريكي في 28 مارس/آذار 1964 في ألاسكا، وبلغت قوته 9.2 درجة وأودى بحياة 131 شخصاً، وهو عدد قليل نظراً للكثافة السكانية المنخفضة في الولاية الواقعة على الدائرة القطبية الشمالية، إضافة لتطور الهندسة المعمارية في الولايات المتحدة للتكيف مع الزلازل، خاصة في ولايات الساحل الغربي الواقع في حلقة النار.
أكبر زلازل العالم من حيث الخسائر البشرية حدثت في الصين وقعت إثنان من أشد الزلازل تدميراً في التاريخ الحديث في الصين.
فلقد ضرب الزلزال الأكثر دموية في التاريخ المسجَّل مقاطعة شينسي في الصين عام 1556م، ما أسفر عن مقتل حوالي 830 ألف شخص، حسب موقع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS.
تأثرت أكثر من 97 مقاطعة في الصين بالزلزال الذي ضرب منطقة بعرض 520 ميلاً مدمرة. في بعض المقاطعات، يُقدر أن ما يصل إلى 60٪ من السكان ماتوا. تُعزى هذه الخسائر الكارثية إلى مستوطنات كهف هضبة "لوس"، والتي انهارت نتيجة لذلك.
وقتل زلزال تانغشان العظيم، في 28 يوليو/تموز 1976، بقوة 7.8 درجة، والذي ضرب تانغشان بالصين، ما بين 250.000 و800.000 شخص.
دمر الزلزال تقريباً مدينة تانغشان الصينية المشهورة بتعدين الفحم والتصنيع، التي تقع على بعد حوالي 110 كم شرق بكين.
تم الإبلاغ رسمياً عن عدد القتلى، الذي يُعتقد أنه أحد أكبر الوفيات في التاريخ المسجل، بـ242 ألف شخص، ولكن ربما كان يصل إلى 655 ألفاً أو حتى 800 ألف، وإذا صح الرقم الأخير فهذا يعني أنه ثاني أكبر زلزال في التاريخ من حيث الخسائر البشرية.
وأصيب ما لا يقل عن 700 ألف شخص بجروح، وألحقت أضرار جسيمة بالممتلكات حتى وصلت إلى بكين. ونتجت معظم الوفيات عن انهيار منازل مبنية غير مدعمة كان الناس ينامون فيها.
وأفادت تقارير بأن الخسائر سببها أن مخاطر الزلازل قد تم التقليل من شأنها إلى حد كبير، ما يعني أن جميع المباني والهياكل تقريباً قد تم تصميمها وبناؤها دون اعتبارات زلزالية. يقدر أن ما يصل إلى 85٪ من المباني انهارت.
تسونامي المحيط الهندي الذي أدى للسلام في إندونيسيا بعد أن دمرها يعد تسونامي المحيط الهادئ من أشد الزلازل تدميراً في التاريخ الحديث، رغم أن معظم القتلى سقطوا بسبب الغرق، وليس جراء الزلزال بشكل مباشر.
في 26 ديسمبر/كانون الأول 2004، ضرب زلزال تحت البحر بقوة 9.1 درجة قبالة ساحل جزيرة سومطرة الإندونيسية.
على مدى الساعات السبع التالية ضربت أمواج مد عاتية ناجمة عن الزلزال المحيط الهندي، مدمرة مناطق ساحلية بعيدة مثل شرق إفريقيا.
وأفادت بعض التقارير بأن الأمواج قد وصلت إلى ارتفاع 9 أمتار أو أكثر عندما ضربت الخط الساحلي، وقتل تسونامي ما لا يقل عن 225000 شخص في 12 دولة، أغلبهم في إندونيسيا وسريلانكا والهند وجزر المالديف وتايلاند، حسب موسوعة Britannica.
وتعرضت إندونيسيا تحديداً لأضرار جسيمة. وقدر مسؤولون إندونيسيون أن عدد القتلى هناك وحده تجاوز 200 ألف في نهاية المطاف، لا سيما في إقليم أتشيه بشمال سومطرة.
يعتقد أن كارثة تسونامي ساهمت في دفع الحكومة الإندونيسية ومتمردي إقليم أتشيه للمضي قدماً في السلام بالإقليم، والذي مازال سارياً حتى الآن.
زلزال جزيرة هايتي الفقيرة تسبب في تشريد مليون ونصف شخص أدى زلزال بورت أو برنس في هاييتي، الدولة الجزيرة الفقيرة التي تقع في بحر الكاريبي، عام 2010 إلى مقتل 316000، وإذا صح هذا التقدير فقد يكون هذا ثالث أكبر زلزال من حيث الضحايا على مدار التاريخ المعروف.
وكان الزلزال بقوة 7 درجات بمقياس ريختر، ومازال عدد القتلى محل خلاف، تشير بعض المصادر إلى رقم أقل من 220000، حسب تقرير لموقع Our World Data.
ودمر زلزال هايتي عام 2010 منطقة العاصمة بورت أو برنس وخلف ما يقدر بنحو 1.5 مليون ناجٍ بلا مأوى.
زلزال كشمير يعد واحداً من الأشد تدميراً في العصر الحديث وقع الزلزال الذي بلغت قوته 7.6 درجة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2005 في الجزء الذي تديره باكستان من منطقة كشمير والمقاطعة الحدودية الشمالية الغربية في باكستان؛ كما أثر على أجزاء متاخمة من الهند وأفغانستان.
قُتل ما لا يقل عن 79000 شخص وانهار أكثر من 32000 مبنى في كشمير، مع الإبلاغ عن المزيد من الوفيات والدمار في الهند وأفغانستان، ما يجعلها واحدة من أكثر الزلازل تدميراً في العصر الحديث. وزاد توقيت الزلزال من سوء الحظ لأنه ترك مئات الآلاف من الناجين معرضين لطقس الشتاء المقبل، حسب موسوعة Britannica.
زلزال بيرو.. الثلوج ابتلعت قرية بأكملها وقع هذا الزلزال قبالة سواحل بيرو في 31 مايو/أيار 1970، وتسبب في انهيارات أرضية ضخمة تسببت في انهيار العديد من المباني سيئة الإنشاء. ما يقرب من 70 ألف شخص ماتوا.
ووقع معظم الضرر في المدن الساحلية بالقرب من مركز الزلزال وفي وادي نهر سانتا. وقع الانهيار الأرضي الأكثر تدميراً من أعلى جبل في بيرو، جبل هواسكاران، الواقع في غرب وسط الأنديز. ابتلعت الثلوج والأرض التي تتحرك بسرعة قرية يونغاي، ودفنت الكثير من قرية رانراهيركا، ودمرت قرى أخرى في المنطقة.
زلازل اليابان.. أحدها له دور بتوسيع الحرب العالمية، وآخر كاد يؤدي لمحرقة نووية في 1 سبتمبر/أيلول 1923، وقع زلزال كانتو العظيم في اليابان، الذي أصبح في ذلك الوقت أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق ضربت اليابان.
وأعقب الهزة الأولى بعد بضع دقائق تسونامي بارتفاع 40 قدماً، حيث اجتاحت سلسلة من الموجات الشاهقة آلاف الأشخاص، ثم اندلعت النيران، في البيوت الخشبية في يوكوهاما والعاصمة طوكيو، أُحرق كل شيء وكل شخص، في طريق النيران.
بلغ عدد القتلى حوالي 140000 شخص، بما في ذلك الـ44000 الذين لجأوا بالقرب من نهر سوميدا بطوكيو في الساعات القليلة الأولى، فقط ليتم حرقهم بواسطة عمود غريب من النار يعرف باسم "تطور التنين".
دمر الزلزال اثنتين من أكبر مدن اليابان، وأصاب الأمة بصدمة. كما أنه أثار المشاعر القومية والعنصرية. وربما شجع الزلزال قوى اليمين في نفس اللحظة التي كانت فيها البلاد حائرة بين الاستعداد للتوسع العسكري وبين احتضان الديمقراطية، حيث وقع الزلزال قبل 18 عاماً فقط من دخول اليابان الحرب العالمية الثانية، ويعتقد أن له دوراً في تقوية اليمين القومي المتطرف الذي قاد البلاد إلى شن هجوم واسع في آسيا، وصولاً للهجوم على قاعدة بيرل هاربور في جزر هاواي الأمريكية عام 1941، والذي دشن دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، وقصفها لليابان بقنبلتين نوويتين.
اليابان توظيف التكنولوجيا في تقليل خسائر الزلازل فيفاجئها ما هو أسوأ قطعت الولايات المتحدة واليابان، وهما الدولتان المطلتان على حلقة النار، شوطاً كبيراً في تطوير أساليب التعامل مع الزلازل، عبر استخدام التكنولوجيا والتعليم للحد من مخاطرها.
من خلال العيش في أرخبيل معرض للزلازل، يتمتع اليابانيون بوعي كبير للحد من مخاطرها.
وتعمل الشركات والأوساط الأكاديمية اليابانية باستمرار على تطوير التكنولوجيا والمعرفة في هذا المجال.
كما طورت اليابان والولايات المتحدة نظاماً للتحذير من تسونامي في المحيط الهادي.
أدى كل ذلك لانخفاض خسائر الزلازل في البلدين بشكل لافت، وبدا أن الإنسان تغلب على مفاجآت الجيولوجيا.
ولكن في مارس/آذار 2011، واجهت اليابان واحدة من أكثر الكوارث خطورة وتعقيداً في التاريخ، زلزال قوي بلغت قوته 9 درجات، ضرب الساحل الشرقي لليابان، وتسبب في موجات مد زلزالية (تسونامي) اجتاحت مناطق ساحلية في اليابان، ما تسبب في تسرب بمحطة فوكوشيما للطاقة النووية، حيث أعاقت الكارثة أجهزة التبريد.
ورغم أن هذا يعد ثاني أخطر حادث نووي في التاريخ بعد حادثة تشيرنوبيل، فلقد تجنبت اليابان والعالم ما هو أسوأ. وقال رئيس الوزراء الياباني ناوتو آنذاك إن اليابان تواجه أكبر أزمة منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أثرت على اليابان والعالم بحجم الدمار غير المسبوق.
ورغم مرور أكثر من 11 عاماً على الكارثة المدمرة؛ فإن آثارها باقية وبقوة حتى اليوم.
وتسببت موجات تسونامي في مقتل أكثر من 15 ألف شخص، وفقدان أكثر من 2500 آخرين، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية.
وكان من أبرز تداعيات تسونامي اليابان، تضرر المفاعل النووي في فوكوشيما الذي وقعت فيه انفجارات، ما أحدث أضراراً بالغة، أهمها انبعاث كميات كبيرة من المواد المشعة.
وتسببت موجات المد بزيادة الحرارة في المحطات الأولى والثانية والثالثة، ونتج عن ذلك انصهار قلب المفاعل وانطلاق غاز الهيدروجين، وهذا أدى بدوره إلى وقوع انفجار داخل مبنى احتواء المفاعل في المحطات الأولى والثالثة والرابعة، وتالياً تسرب الإشعاعات النووية في المنطقة.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن الكارثة تركت آثاراً مدمرة، إذ تم إجلاء السكان وإعادة توطينهم بعد أن وجدت السلطات مستويات عالية من الإشعاع، فضلاً عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية.
وتم الإبلاغ عن ارتفاع حاد في معدل الوفيات بين المسنين الذين وُضعوا في دور الإيواء المؤقت، في أعقاب الكارثة.
ولا يزال يحظر على السكان العودة إلى مناطق تبعد 30 كيلومتراً عن المفاعل، بسبب التلوث الإشعاعي هناك.
ورغم حديث الحكومة اليابانية عن تطهير التلوث الإشعاعي في العديد من مناطق فوكوشيما، فإن السكان لا يعودون بسبب انعدام مقومات الحياة هناك مثل فرص العمل.
وصدرت تقارير حديثة عن حالات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية بين الأطفال الذين تعرضوا لجرعات منخفضة من اليود المشع نتيجة حادث فوكوشيما.
منذ ذلك الوقت تعمل اليابان على تحقيق مزيد من مرونة البنية التحتية وتحديد المخاطر والحد منها، والتأهب لها وتمويل مخاطر الكوارث، كما دفعت الكارثة دول العالم لتطوير أساليب عمليات الأمان في محطات الطاقة النووية بشكل جذري.