زاد الاردن الاخباري -
وصف أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل في الجامعة الأردنية نجيب أبو كركي الشائعات المتداولة حول حدوث زلزال كبير في الأردن وفلسطين بـ”الاصطياد في الماء العكر وأن مطلقيها يبحثون عن شهرة زائفة”.
وتابع أبو كركي في تصريحات اذاعية لاذاعة هلأ اخبار ، مساء الأربعاء، “من صالح الناس ألا ينساقوا وراء الشائعات، ونقول بكل صراحة منطقتنا فيها حدود صفائح ومن الممكن حدوث زلازل فيها، لكها متباعدة ونادرة وقوتها من النوع المتوسط”.
وأشار إلى أن هذه معلومة موثقة بأن “منطقتنا لا يمكن أن يحدث فيها شيء مشابه لما حدث في تركيا”.
“الضغط النفسي على المرضى قد يحدث أعدادا أكبر من الضحايا نتيجة سبب غير مباشر حيث إن أحدهم رغب بالنشر لأجل التسلية.” وفق أبو كركي
ما الذي حدث فعليا في تركيا وسوريا
وأوضح أبو كركي حول طبيعة الزلزال الذي حدث أخيرا في جنوب تركيا وشمال سوريا بأنه “إطلاق كم هائل من الطاقة الزلزالية التي تراكت عبر السنين في منطقة مؤهلة لذلك وهي حدود للصفائح”.
وأضاف “تسمى الحدود في تلك المنطقة أساسا حدودا تدميرية لأنها تتصادم وبالتالي يحصل تدمير لجزء من الغلاف الصخري أو تشوهات تؤدي إلى تكوين سلاسل جبال”.
وتابع “ليس غريبا على تركيا ما حدث وهو السياق الطبيعي للزلازل فيها، حيث حصل زلزال سابق في عام 1939 بقوة 8 درجات على مقياس ريختر إلى الشمال الشرقي من الموقع الذي حصل فيها الزلزال قبل يومين.”
كيف تحركت تركيا 3 أمتار نحو الغرب؟
وحول تحرك تركيا 3 أمتار نحو الغرب، أوضح أبو كركي بأن نظرية الصفائح وربطها بالزلازل تشرح ذلك، مضيفا “تبين النظرية أن تركيا تتحرك نحو الغرب وإيران نحو الشرق وذلك بسبب تصادم الصفيحة العربية معها التي تتقدم نحو القوقاز، ويتم بمعدل سنتيمترات قليلة بالسنة، لكن لا تحدث بشكل منتظم.”
ونوه بأن تحرك الصفائح يخزن طاقة في الصخور، وعند حدّ معيّن لا تستطيع التحمّل وتنكسر وحين انكسارها تحدث ظاهرة الزلازل، مبينا “أن زلزال بقوة 7.8 مؤهل لتحريك صفيحة لمسافة 3 أمتار”.
وضع الأردن ضمن الخارطة الزلزالية
وحول وضع الأردن، قال أبو كركي إن “وضعنا يختلف تماما عما يحدث في تركيا، صدعنا من النوع الانزلاقي حيث الصفائح لا تتصادم بل تنزلق بجانب الأخرى، مشيرا إلى أن الزلازل تحدث ولكن بقوة أقل بكثير من الزلازل التي تحدث في تركيا”.
وضرب أبو كركي مثالا على ذلك وهو زلزال فلسطين والذي حدث في عام 1927 بقوة 6.2 وهذا أقل بكثير من 7.8 أي بنحو 50 – 70 مرة.
وأضاف “جرى قياس الإزاحة التي أحدثها زلزال عام 1927 على الصفيحة العربية بالنسبة للسيناء وفلسطين ووجد أنها تحركت 40 سم فقط”.
وأشار إلى أن “أقوى زلزال تم تسجيله بالأجهزة الحديثة عام 22/5/1960 في تشيلي، بلغت فيه الازاحة 15 مترا، وهذه حدود الإزاحة من مليمترات إلى أمتار عديدة”.
ماذا عن تحذيرات حدوث زلزال كبير في الأردن وفلسطين؟
وصف أبو كركي الشائعات المتداولة، بـ”الاصطياد في الماء العكر وأن مطلقيها يبحثون عن شهرة زائفة والوسائل مهيأة لهم”.
وأضاف أن “هناك طبيعة إنسانية لدى البعض بالميل نحو اختلاق الشائعات ببراءة أحيانا وأخرى بخبث شديد وأحيانا أخرى بتنظيم شديد لخلق البلبلة والاضطراب وزيادة الضغط النفسي على الناس”.
وبين أن “هناك من يحارب آخرين بكل الطرق والوسائل الممكنة ويستغل كل الفرص كي ينال ما يريد وحتى تكون الحياة أضنك على الناس.”
“الشائعات تحدث في كل مكان، والكثيرون يطلقون مثل هذا الكلام” وفق حديث أبو كركي، مشيرا إلى أن “بعضهم يسمع نصف حقيقة علمية ويفسرها كما يشاء دون تحقق وعقلانية ويخرج بنتائج حالمة، فيها من الهلوسة الزلزالية التي تؤدي لإطلاق مثل هذه الشائعات”.
وتابع “من صالح الناس ألا ينساقوا وراء الشائعات، ونقول بكل صراحة منطقتنا فيها حدود صفائح ومن الممكن حدوث زلازل لكها متباعدة ونادرة وقوتها من النوع المتوسط وهذه معلومة موثقة بأن منطقتنا لا يمكن أن يحدث فيها شيء مشابه لما حدث في تركيا”.
وزاد “من الممكن أن يحدث شيء أقل من ذلك ويكون مؤثرا في المباني الآيلة للسقوط أساسا أو ضعيفة أو مصنوعيتها سيئة” داعيا بأن “نكون حريصين وحكماء بالاهتمام ببنائنا ومصنوعيته دون غش، نتجنب معظم مشاكل الزلازل”.
وحذر أبو كركي من الاستهانة بالشائعات، “حيث إن الضغط النفسي على الناس قد يسبب خسائر أكثر من خسائر الزلازل، مضيفا “آخر زلزال حدث في المنطقة سبب 324 ضحية في الأردن فلسطين منهم 85 في السلط”
“الضغط النفسي على المرضى قد يحدث أعدادا أكبر من الضحايا نتيجة سبب غير مباشر حيث إن أحدهم رغب بالنشر لأجل التسلية.” وفق أبو كركي
هل بالإمكان التنبؤ بالزلازل؟
وحول التنبؤ بالزلازل قال أبو كركي “حتى الآن لم يصل العلم إلى درجة التنبؤ المفيد بالزلازل، يمكن التخمين بذلك وعمل دراسات لأغراض إحصائية، واستنتاج حدوث الزلازل بالمعدل أي أنه إذا حدث خلال ألفي عام 20 زلزال، فإنه يمكن القول بأن كل مئة عام يحدث زلزال. ”
وأضاف “هذا بالمعدل وقد تكون الزلازل غير منتظمة، حيث إنه يمكن حدوث زلزالين في سنة واحدة، وحدث ذلك في جنوب لبنان عام 1957 خلال شهرين، ويمكن أن تمر بعد ذلك 200 سنة أو 300 سنة دون حدوث أي زلازل. ”
وحذر أبو كركي “من الانسياق وراء الأشخاص السطحيين الذين يتوقعون حدوث الزلازل بناء على المعدل، حيث إن حدوث الزلازل لا يمكن توقعه.”
وأوضح “ظاهرة الزلازل غير منتظمة، وهذا يفسر القوة المختلفة للزلازل، حيث إنه وفي حال ضرب زلزال بقوة 6 درجات وتفرغت هذه القوة، فإننا نحتاج لمئة سنة، لكن يمكن للصخور التي بقيت أن تتحمل قوة أكبر من 6 درجات وهذا يفسر أن تمتد الفترة لما بعد الزلزال الأول عشرات السنين الإضافية لحدوث الزلزال الثاني”.
وبين أبو كركي “عموما زلازلنا من النوع المعدل والمتوسط التدمير، والآثار الكارثية التي حصلت في تركيا لن نراها في منطقتنا، ومنطقيا علم الزلازل يقول إننا لا نراها.”
وختم حديثه “لدينا ميول بالاستخفاف بالحديث العلمي وانتقاد صاحبه عبر وسائل الاجتماعي”.