زاد الاردن الاخباري -
بسام بدارين - الحوار الصريح الأخير بين الأردن وحكومة العراق بقيادة محمد شياع السوداني يؤسس لحالة غير مسبوقة من “بناء الثقة” بين الجانبين عبرت عن نفسها بأكثر من طريقة مؤخراً.
ذلك ليس على صعيد العلاقات الثنائية فقط وما يمكن أن تمثله معادلة “رابح رابح” التي يطرحها بمهنية رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي، لكن على أساس نظرة مشتركة فيما يبدو لإعادة قراءة التموقع العراقي في خريطة الإقليم في ظل حالات في التشخيص الوطني العراقي هذه المرة، تمكن قياديون أردنيون من الاطلاع عليها، لا بل تمكن القصر الملكي تحديداً من ملامستها عندما تدخل الملك عبد الله الثاني شخصياً مع الرئيس الأمريكي جو بايدن لتأمين اتصال هاتفي بين الأخير وبين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
يقول مطلعون على ذلك الاتصال بأن الملك عبدالله الثاني وهو جالس مع بايدن، طلب على هاتفه السوداني الذي كان ينتظر بلهفة أن يستطيع عبر الرافعة الأردنية التواصل شخصياً مع الرئيس الأمريكي بسبب حدة الأزمة التي تحمل اسم الدولار حيث القيود التي فرضها الفدراليون الأمريكيون على أربعة من المصارف والبنوك العراقية ومعها البنك المركزي العراقي تحت عنوان التحفظ والاحتراز، ومنع التداول وإصدار الكفالات والاعتمادات من قبل تلك البنوك بالدولار الأمريكي.
كانت تلك عملياً أول بروفة حية لطبيعة الخدمة الخاصة التي يمكن لبلد مثل الأردن لقيادته حضور قوي في الخريطة الدولية أن يتم توفيرها لبغداد المهمومة والمرتبطة بعدة إشكالات وتحديات اليوم.
وأغلب التقدير أن السوداني والنخب الشيعية التي تقف خلف تجربته ومشروعه الآن يسعيان للاستثمار أكثر في الرافعة الأردنية إما عبر التوسط لدى الأمريكيين أو غيرهم، أو عبر التنويع والتجديد في المجال الاقتصادي والتجاري مع أهم جيران العراق، والأهم مع الدولة العربية السنية المجاورة التي تفاعلت مع حكومة السوداني حصراً بصرف النظر عن تعقيدات تشكيلها ومسارات مرحلة ما بعد تشكيلها.
قيل مؤخراً وفق ما نقلت “القدس العربي” إن رئيس وزراء العراق طلب بإلحاح التدخل أردنياً وتمنى على مسؤولين أردنيين مساعدته في تأمين قناة اتصال هاتفي مع الرئيس بايدن على أمل تخفيف احتمالات اصطدام بلاده اقتصادياً ومالياً بالحائط بعد قرارات السلطات الفدرالية الأمريكية بخصوص البنوك العراقية، وعلى أساس تهمة قامت وكالة الاستخبارات الأمريكية بتثبيتها بعنوان وجود حركة مريبة لأموال عراقية تحت عنوان مخالفة قواعد مكافحة غسل الأموال واحتمالية استفادة الحرس الثوري الإيراني المصنف أمريكياً بالإرهاب من هذا الحراك النقدي.
الحكومة العراقية تواجه أزمة سيولة مثل مصر والأردن والسلطة الفلسطينية هذه الأيام، لكن الأهم أن التفاعل الأردني كان منتجاً وسريعاً في تأمين ذلك الاتصال الهاتفي المطلوب، والبنك المركزي الأردني يتفاعل أيضاً ويحاول التحدث مع الأمريكيين وغيرهم بحثاً عن طريقة ما أو صيغة ما يمكنه أن يساعد عبرها فائض النقد العراقي وقطاع الأعمال والتجارة العراقي الذي بدأ فعلاً يصطدم بالحائط ويبحث عن “ملاذ أو حضن” لغطاء التصريف والتحويل بالدولار. وهو أمر ناقشه حتى محافظ البنك المركزي الأردني في عدة اجتماعات مؤخراً مع وعد ببذل جهود لا أحد يعرف هويتها بعد؛ لأن الجانب العراقي مصرّ على تأمين طريقة معقولة ومنطقية لضمان حركة الدولار من وإلى العراق.
والخيار الوحيد المتاح بطبيعة الحال والآمن بالنسبة للعراقيين هي شركات ومحلات الصيرفة الأردنية، والتعامل معها يتطلب ضمانات من البنك المركزي وبعض البنوك الأردنية الكبيرة، وهو ما تسعى له بغداد، مع أن البنك المركزي الأردني أكثر التزاماً بما يتقرر في المجتمع الدولي وفي الولايات المتحدة على نطاق فيدرالي بخصوص حركة المال الأجنبي، إلا أن نخبة البنك المركزي في عمان وعدت بالمساعدة قدر الإمكان وبما لا يلحق ضرراً من أي صنف بالنظام المصرفي الأردني وبطريقة لا توفر أي غطاء مشكوك به لأي نشاطات غير قانونية لها علاقة بالسوق العراقية.
ويوثق سياسيون ومتخصصون الحوارات التي جرت خلال يومين ماضيين في بغداد على هامش زيارة وفد أردني عريض يمثل القطاعين العام والخاص، إنما تضمنت الإصرار على “جرح الدولار” الذي ينزف حالياً في ظل الفوضى التي أثارها الفيدرالي الأمريكي، فيما لا تزال المسألة تبحث جدياً على أكثر من نطاق.
ولم يعرف بعد ما إذا كان الغطاء الأردني يمكنه أن يقدم ضمانات للأمريكيين وبنوكهم وسلطاتهم بسبب السمعة الطيبة للقطاع المصرفي الأردني بصيغة تقدم ولو خدمات طارئة للعراقيين. (القدس العربي)