زهير العزه - يبدو أن المواطن الاردني وهو يواجه أزمات طبقة العشرية الزمنية من كومة الترهل واللامبالاة والاهمال والفساد المالي والاداري وغياب العدالة الاجتماعية وتفوق أصحاب المصالح والنفوذ والتنفيعات على الدولة برمتها ،إضافة لمواجهته الازمة الاقتصادية والجوع والفقر والاقصاء والحرمان، أخذ يشعر بريبة مشروعة لأن هيكل العدل في البلاد يتداعى ويفرِض واقعاً هو الأسوأُ في تاريخِه .
والاردن الذي يعاني أهله الآن من العيش في صندوق من الاحتباسِ السياسي والمالي والاقتصادي والحريات العامة هو في هذه الساعات حبيس أوراق ما يسمى بالخطط الاصلاحية التي يقول عدد من المسؤولين انها هي المنقذ للبلاد والعباد، في نفس الوقت الذي لا يؤدي قولهم هذا إلى منع نزول اليأس على الاردنيين كالصواعق وخاصة الشباب منهم جراء انغلاق أبواب الانفراجات في حياتهم وغياب العدالة حتى في أبسطها ، وهي الحصول على فرصة عمل ، ما ادى الى انقفال الافق في سماء حياتهم وبشعورهم بعدم تكريس نهج المساواة والعدالة بين الاردنيين، فاستسلموا لليأس وهم يرفضون كل منظومة العمل التي تسمى إصلاحية لانهم يرونها عدمية ، تستولد المحبطات من رحم وعود مخدرة، وباتت (المنظومة العدمية) من وجهة نظرهم متفشية في الحياة السياسية الاردنية بصورة عضالية.
قبل أيام تركت فتاة قابلتها بالصدفة اثر بالغ ومحزن في نفسي ، وهي تتحدث عن زميل لها لا يفوقها بالكفاءة ولا في الخبرة او القدرات قد تم تعينه في الديوان الملكي، وكل إمكانياته انه امتلك ما هو افضل من كل ما تم ذكره ..! الواسطه والمحسوبية... صمتت الفتاة والدموع تنهمر من عيناها .. ثم التفت الى السماء وقالت يارب لماذا انا ليس لدي واسطة ؟.. طيب لماذا لا تتم الامور في بلادي على قاعدة العدالة!.. ثم التفثت نحوي لتقول..، لماذا تغيب العدالة من ارض بلادي ..؟ لماذا لا يسمح بالتنافس النزيه الحر بين أبناء الوطن للحصول على أية مكتسبات؟ لماذا يعين ابن فلان وعلتان هنا وهناك، فيما يحرم الاردني ممن لا تقل كفائته عن أبن فلان وعلتان؟ ثم أردفت والدموع تنهمر من عينيها بكثافة أكثر من السابق وكأن نهر قد تدفق من عينيها، عن أي إنتماء يتحدثون ، وعن أي وطن يريدون لنا أن نستقر ونعيش به..؟!
واقع حال هذه الفتاة التي فقدت الثقة بكل مؤسسات الدولة، وبكل القائمين عليها، يعبرعن الاف الشباب والشابات الذين عمل غالبية ممن يملكون بمفاصل هامة بالدولة ممن فتحوا ضغط تجارة مصالحهم ومصالح محاسيبهم على حساب لقمة عيش ومستقبل الغالبية من الشباب، الى افقداهم حب الوطن والانتماء اليه بل جعلهم يكفرون بكل ما هو وطني ..................
اليوم واضحة الصورة للجميع، ولا تحتاج الى كثير من العناء لتفسيرها ، فالواسطة والمحسوبية قتلت الوطنية لدى شبابنا وانزلت على رؤوسهم اليأس بكل تفاصيله ، ومن يحاول من المسؤولين التمعن في "استكناه" معانيه سيكون ضرباً من ضروب حسن الظن، ذلك أن اليأس ونظيره الإحباط، هما نتاج لبحث مضن عن سواء السبيل الذي فقده العديد من المسؤولين ، وبالتالي زرعوا في شبابنا كل الصور البشعة ، وقتلوا لديهم الامل في مستقبل وطن نقول أن قادمه أجمل....!
المشكلة اليوم أن الشباب وهم يرون التعيينات في بعض مؤسسات الدولة كيف تتم وخاصة في وزارة الخارجية ، وفي الديوان الملكي ، وفي العديد من المؤسسات والاجهزة الهامة ،لا يمكن لأي مسؤول أن يحدثهم عن الولاء والانتماء للوطن ويطلبه منهم، وهم لم يحصلوا على ابسط حقوقهم التي كفلها الدستور، إن من حيث حق العمل أو من حيث حق المساواة بين الاردنيين، وبالتالي فأن المسؤول مطالب اليوم ان يفرز نفسه ليس من واقع شعاراتي استعراضي، بل على قاعدة هل هو منحاز لدولة قابلة للحياة، أم هو معول هدم يريد للدولة أن تموت ببطء..؟
اليوم غالبية من الاردنيين يخوضون معركتهم من اجل دولة قابلة للحياة تتحقق فيها العدالة والمساواة بين كافة ابناء المجتمع وعلى كل المستويات ، ويقفون ضد من يريدون للدولة ان تموت ببطء...دولة لن يتركونها تموت ، فهي بالنسبة لهم ماض وحاضر ومستقبل، وهي أجمل بكثير من الزوال.. وسيقاومون كل من يريد موتها على أريكة المصالح الضيقة العفنة مهما كان موقعه الوظيفي ..