اريد أن افترض أن الوقت لم يفت بعد بالنسبة لسوريا ورئيسها بشار الأسد ، وخاصة بعد أن قرر مجلس الجامعة العربية ايفاد امينها العام الى دمشق ، حاملا معه مبادرة عربية لحل الازمة من 7 نقاط إن صحّت المعلومات المتسربة من اروقة الجامعة العربية ، ، ومن المؤكد وقبل أن نعرف شيئا عن هذه المبادرة ، فان الشعب السوري الغاضب سوف يرفضها اذا لم تكن تحمل في طياتها استقالة الرئيس الأسد ، وبالمقابل سوف يرفضها الأسد اذا حمل الامين العام معه الى دمشق ذاك المطلب ، فاذا اراد الرئيس السوري اجراء اصلاحات حقيقية وبشكل عاجل غير آجل ، فربما يقتنع الشعب السوري الثائر ، ويرضى باصلاحات تضمن حرية الرأي والتعبير ، وتضمن العدالة الاجتماعية والاقتصادية ، وتحسين المستوى المعيشي في البلاد ، واقرار قوانين خاصة بالاحزاب والانتخابات البرلمانية والرئاسية ، اقول ربما يقتنع الشعب لأن دمشق وحلب لم تنتفض بعد بشكل كامل وهما المدينتان الرئيسيتان في سوريا .سوريا يطلق عليها دولة الممانعة ، واريد أن لا اختلف في هذا الشأن مع احد ، بغض النظر عن المعنى الحقيقي للممانعة ، وبغض النظر عن سياساتها وتدخلاتها المباشرة في لبنان فتلك مصالح قُطرية ، وبغض النظر عن أن الدولة السورية تحكم بمبدأ دولة الحزب الواحد ، ناهيك عن عدم اطلاق رصاصة واحدة باتجاه الجولان المحتل ، وكل تلك السلبيات يمكن لها أن تتلاشى من خلال تعهد الرئيس الأسد نفسه بأن الاصلاحات الجذرية قادمة وبكل جدية وتصميم .نتمنى على الرئيس السوري وإن كان الوقت ليس وقت التمنيات ، أن يتعظ مما حصل في تونس ومصر وليبيا ، وما يجري في اليمن وما جرى من محاولة قتلٍ للرئيس اليمني في صنعاء ، فالحل الأمني اثبت فشله في كل دول الربيع العربي ، ولا يمكن لهذا الشعب العربي السوري الذي عرّى الصدور ليتلقى الرصاص والضرب والتعذيب ، أن يتراجع عن مطلبه بالحرية والعدالة والتغيير ، بعدما دفع ثمنا غاليا طالت الارواح والممتلكات ، ناهيك عن الاعتقالات واختفاء الاشخاص وقطع الاصابع وتكسير العظام كما حدث لفنان الكاريكاتير السوري والمعروف عالميا علي فرزات .إن كل غيور على سوريا لا يتمنى تدخلا غربيا اهوج ، كما حدث في ليبيا ، ولا بد من قطع الطريق امام القوى الغربية المهيمنة على الشؤون الداخلية لدول المنطقة ، ولن يتأتى ذلك الا بالاتعاظ من الاحداث السالفة في الدول العربية التي سبقت سوريا في ثورات الربيع العربي .إن التركيبة السيكيولوجية للطغمة الحاكمة على مساحة وطننا العربي الكبير ، ترفض الاتعاظ والفكير ، فهم يعملون لدنياهم ولا يعملون لآخرتهم ( واقصد آخرتهم الدنيوية ) ، لا يحاولون أن يستروا شيخوختهم من الذل والهوان فيسمعوا ويلبوا نداء شعوبهم بالتنحي ، لا يفضلون لقب الرئيس الاسبق وهو معزز مكرم في وطنه وبين شعبه ، بل يعملون من اجل لقب الطاغية المخلوع عندما يصرون على طغيانهم حتى الرمق الاخير ،عندما يبدأوا برؤية عروشهم السلطانية تتداعى امامهم ، وهم لا حول لهم ولا قوة ، يصرون على رفع شعارات القائد الرمز والقائد الابدي ، والقائد الذي اذا ترك الحكم وانصرف الى غير رجعة ستخرب الدنيا من بعده وتقوم القيامة ولا تقعد ، و لا يقتنعون أن الابدية لله الحي القيوم الذي لا يموت ، والحكيم من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ بنفسه ..